الإعلامية ال​لبنان​ية هناء حمزة هي امرأة طموحة وذات عزيمة واضحة. تسلقت سلم النجاح بثبات، فتنقّلت بين درجات الفرص، متسلحة بالإرادة والإصرار والدافع الذي يحثها على تقديم أفضل ما لديها من أجل الوصول الى أقصى مستويات طموحاتها وأهدافها.

هي تسعى دائما إلى تطوير نفسها، لكي تتمكن من الصمود في سباق الحياة، والتقدم في رحلتها المهنية، والتكيف مع الظروف، مع الحفاظ طبعا على القيم الأخلاقية.

في العام 1999، شاركت حمزة في تأسيس جريدة "المستقبل"، لكن ظروفها الخاصة أجبرتها على مغادرة بلدها الأم، فانتقلت للإقامة في ​دبي​ عام 2003، وانضمت الى فريق عمل قناة " CNBCعربية" لمدة عام واحد. سافرت بعدها الى ​الكويت​، حيث خاضت أول تجربة لها في تأسيس "غرفة أخبار"، من خلال إعداد فريق أخبار لتلفزيون "الراي" الكويتي. ومن ثم، عادت الى دبي والى "CNBC" كمنتجة لفترة الصباح. وفي العام 2014، استلمت رئاسة تحرير القناة، لتكون بذلك أول امرأة ترأس تحرير قناة تلفزيونية إقتصادية في ​العالم العربي​ وتدير برامجها وأخبارها ومواقعها الإلكترونية.

حول تجربتها المهنية، حاورتها "الاقتصاد" في السطور التالية:

كيف تصفين مسيرتك المهنية في مجال الإعلام؟

مسيرتي لم تكن صعبة، بل يمكن وصفها الى حد ما، بالعادية. فالصعوبات التي واجهتها كانت مهنية طبيعية، وتواجه أي صحافي في العالم، وتكمن في طريقة العمل وتحديات المهنة من أجل تحقيق الأهداف المرجوة في ظل الظروف المحيطة بالمنطقة، أكان في ​الامارات​ أم في لبنان.

هل لاحظت أي فرق في طريقة العمل بين الامارات ولبنان؟

طبيعة العمل مختلفة حتما، لأن ​الصحافة المكتوبة​ مختلفة تماما عن ​التلفزيون​. ففي لبنان، كنت أعمل في الصحافة المكتوبة المحلية، أما في الامارات فعملي مرتبط بالتلفزيون، وفي مجال ​الاقتصاد العربي​ والعالمي وكل ويؤثر به.

ما هو شعورك اليوم كونك أول امرأة ترأس تحرير قناة تلفزيونية إقتصادية في العالم العربي؟

لم أفكر يوما من منطلق جندري، بل لطالما اهتميت في تقديم الأفضل في منصبي، وذلك من أجل الحفاظ على اسمي وعطائي وسمعتي الجيدة، ورفع اسم بلدي لبنان.

فقد ثابرت لأنجح وأطور ذاتي من جهة، ولكي أسهم في نجاح المؤسسة التي أعمل فيها من جهة أخرى. اذ أعمل بطريقة مهنية محترفة بحتة، وعندما يعطي الانسان بهذه الجدية في عمله، سيصل حتما الى أبعد المراحل، أكان رجلا أم امرأة.

ولا بد من الاشارة الى أنه خلال مقابلة أجرتها معي مؤخرا زميلة لي، أشارت الى كوني أول امرأة ترأس تحرير قناة تلفزيونية إقتصادية في العالم العربي، مع العلم أنني استلمت هذا المنصب منذ حوالي خمس سنوات ولم أفكر يوما بالأمر من هذا المنطلق. ففي "CNBC" لا نشعر أبدا بالتمييز بين رجل أو امرأة أكان من ناحية الرواتب، أم التحديات، أم الفرص،...

كما لم أتعرض يوما الى هذا النوع من التمييز في أي مؤسسة عملت في كنفها، أكان في لبنان أم الكويت أم الامارات.

برأيك، ما هي الصفات التي أسهمت في تقدمك المهني؟

أولا، أعمل من قلبي، وأتعلم بسرعة.

ثانيا، أتعلم من أخطاء غيري، فقبل وصولي الى منصب رئاسة التحرير، كنت أراقب رؤساء التحرير لأتعلم من تجاربهم وأخطائهم؛ وكنت أعد نفسي دائما بعدم تكرار هذه الأخطاء.

ثالثا، أركز على تحقيق التوازن الصحيح بين كوني شخص ​قريب​ وشخص إداري في الوقت ذاته.

رابعا، أتحلى بالحس الصحافي والإعلامي والقدرة على التقاط الخبر وتحويله الى قصة. كما أعمل دائما على تحفيز كل شخص من فريق العمل لكي يظهر أفضل ما لديه.

هل تعتبرين أن الحظ كان حليفك في مسيرتك؟

لم يكن يوما الحظ الى جانبي، فقد عملت وثابرت وتعبت واجتهدت في العمل. وتقدمي هو ثمرة جهودي الفردية، ونتيجة لتقدير المؤسسات التي عملت فيها.

ما هي طموحاتك المستقبلية؟

طموحي أن تبقى قناة "CNBC" الأولى في مجال الإعلام الاقتصادي في العالم العربي، وتحافظ على قيمها الأخلاقية التي تعد الأهم، وعلى ما حققته من موضوعية، وحيادية، ودقة في مجال تعاطيها مع الأخبار.

فالتحدي الأكبر يمكن في الحفاظ على الموضوعية والحيادية ودقة الأخبار والقيم الأخلاقية أيضا، في ظل كل ما يحصل في المنطقة.

ما هي نصيحتك الى الجيل الجديد من الصحافيين؟​​​​​​​

عندما تقررون الغوص في هذه المهنة، لا تنسوا أنها رسالة، وأنكم قادرون على تحقيقها. فكل شخص قادر على فرض مهنيته، والحافظ على القيم​​​​​​​التي نتعلمها في الجامعات ونقرأ عنها في الكتب، بغض النظر عن المؤسسة التي يعمل فيها.

وأتمنى من الجميع أن يبتعدوا عن اللاموضوعية، خاصة في الاعلام اللبناني خلال الفترة الأخيرة، لأن أي صحافي وأي إعلامي لا يتحلى بالقيم الأخلاقية والإنسانية، فدوره خال من أي معنى.

كما أنصحهم أن لا يخافوا من الاعلام الاقتصادي بشكل خاص، فمن خلال تجربتي اكتشفت أن الاقتصاد ليس مادة جافة كليا، كما هو معروف عنه، وبإمكاننا تبسيطه وجعله أقرب الى الجمهور.

وأخيرا، ما هي الرسالة التي تودين إيصالها الى ​المرأة اللبنانية​؟

أنصح المرأة أن لا تحدّ من قدراتها، ولا تسمح لأي شيء بالوقوف في وجه طموحها.

فاذا كانت جدية وأرادت تحقيق هدف معين، ستنجح طالما أنها تجتهد من أجل تحقيق هذا الهدف، وتعمل على تطوير ذاتها، وتتكل على "شطارتها" وإصرارها ونشاطها.

أنصح الجميع، أي ​النساء​ والرجال، والشابات والشبان، من الجيل الجديد أو القديم، أن يهتموا بتطوير أنفسهم، لكي يكونوا على مستوى ما يحدث في العالم، ويواكبوا التقدم الحاصل.