بدأ العام 2018 مع أجواء إيجابية كبيرة، خاصة ان عنوانه الرئيسي كان "الإنتخابات النيابية" الغائبة منذ أكثر من 10 سنوات، فكانت التحضيرات تسير على قدم وساق لإنتخابات إستثنائية، وسط تفاؤلٍ كبير بإحداث تغيير ملحوظ في الطبقة السياسية الحاكمة، خاصة ان مجموعات مختلفة من المجتمع المدني والمستقلين قررت خوض هذه الإنتخابات بوجه الأحزاب السياسية الحاكمة.

وكان قد سبق الإنتخابات النيابية التي جرت على أبواب الصيف، مؤتمر "​سيدر​ 1" الذي عُقد في العاصمة الفرنسية ​باريس​ في السادس من نيسان، والذي تمكن لبنان خلاله من الحصول على ​قروض​ ميسرة ومنح بقيمة 11.8 مليار دولار، لإستثمارها في البنى التحتية، وإستقطاب الإستثمارات وخلق فرص العمل. إلا ان هذه القروض والمنح مشروطة بإصلاحات جديّة يجب على الحكومة الجديدة السير بها، لسد مزاريب الهدر و​الفساد​.

ولكن كل هذه الاجواء الإيجابية والتفاؤل، تبخّرت بعد إنتهاء الإنتخابات النيابية، حيث لم تسفر الإنتخابات عن أي تغيير يذكر. وما زاد الطين بلّة، هو الخلاف الكبير على تشكيل الحكومة الجديدة، وإستمرار الفراغ الحكومي حتى هذه اللحظة، مما قد يؤدي إلى خسارة لبنان الاموال المنتظرة من مؤتمر "سيدر".

فما الذي حصل في العام 2018 ؟ وما هي أبرز المحطات التي شهدها لبنان وإقتصاده خلال هذا العام الدراماتيكي ؟

فيما يلي تعرض "الإقتصاد" لكم أبرز الأحداث التي شهدها لبنان في العام 2018، والتي كان لها تأثير كبير على الوضع الإقتصادي.

- مؤتمر سيدر

في السادس من نيسان 2018، انطلق مؤتمر "سيدر" في العاصمة الفرنسية باريس، وهو مؤتمر مخصص لدعم ​الاقتصاد اللبناني​، ويهدف لجمع قروض ميسرة ومنح، لإعادة تأهيل البنى التحتية، وإستقطاب الإستثمارات، وخلق فرص عمل، ودفع النمو إلى مستويات أعلى.

وتمكن لبنان خلال هذا المؤتمر من الحصول قروض ومنح مشروطة بإصلاحات، بقيمة 11.8 مليار دولار، سيذهب 10 مليارات منها لتطوير البنى التحتية وإصلاح قطاع ​الكهرباء​ - بدلا من محاولة تشريع قطاع المولدات - وسيتم إستثمارها في حوالي 280 مشروعاً.

- الإنتخابات النيابية 2018

بعد غياب دام أكثر من 10 سنوات، توجه اللبنانيون في السادس من أيار 2018 إلى صناديق الإقتراع، لإنتخاب مجلس نيابي، وفق قانون إنتخابات جديد يراعي النسبية في التمثيل.

وعقد الكثير من اللبنانيين آمالاً على هذه الإنتخابات، لإحداث تغيير أو خرق ولو بسيط في الطبقة السياسية الحاكمة، إلا ان النتائج لم تكن مفاجئة، ولم يحصل أي تغيير ملموس.

وساهمت الحملات الإنتخابية، والمال الإنتخابي بتحريك عجلة السوق قليلا في النصف الاول من العام، ولكن تأثير هذه الحركة بقي محدودا على الإقتصاد بسبب الضغوط الكبيرة التي تعاني منها معظم القطاعات.

- معضلة تشكيل الحكومة

بعد إنتهاء الإنتخابات النيابية، شخصت أنظار اللبنانيين إلى الرئيس المكلف ​سعد الحريري​، الذي وعد بتشكيل حكومة وحدة وطنية خلال أيام، والإنصراف فورا نحو الملفات الإقتصادية والمعيشية، والبدء بالإصلاحات المطلوبة من المانحين في مؤتمر "سيدر".

إلا ان الحكومة العتيدة لم يتم تشكيلها حتى اليوم بسبب الإنقسام السياسي الحاد، مما إنعكس سلبا على ثقة المستهلك والمستثمر، وزاد من الضغط على القطاعات الإقتصادية والمؤسسات التجارية والصناعية التي وصل العديد منها إلى مشارف الإقفال.

- مؤسسات التصنيف الدولية تعدّل نظرتها المستقبلية للبنان .. وتتهيأ لخفض تصنيفه الإئتماني!

في كانون الاول الجاري، عدّلت كل من وكالتي "​موديز​" و"​فيتش​" العالميتين، نظرتهما المستقبلية للبنان من "مستقرة إلى "سلبية"، وجاء ذلك كنتيجة طبيعية لمرحلة التأزم السياسي والإنحدار الإقتصادي، اللذين تتخبط فيهما الدولة منذ أشهر. فالنظرة المستقبلية السلبية، لهذه الوكالات، تجاه لبنان، لم تأت من العدم، إنما بنيت على معطيات لا تقل سلبية عن المعطيات والمؤشرات التي قد تدفع هذه الوكالات نفسها، أو غيرها من وكالات التصنيف العالمية، إلى خفض تصنيف لبنان الإئتماني في الأشهر المقبلة، فيما لو استمر الحال على ما هو عليه اليوم.

- بدء العودة الطوعية للنازحين

بدأ ​الامن العام​ اللبناني في عام 2018 بتسهيل إجراءات العودة الطوعية للنازحين السوريين إلى بلادهم، حيث يمكن لاي نازح سوري ​​​​​​​العودة إلى بلاده في حال إعتبر أن منطقته في الداخل السوري باتت آمنة، ولا تشكل اي خطر على حياته.

وعاد آلاف النازحين السوريين إلى بلادهم على دفعات، إلا ان الأرقام تظل خجولة جداً مقارنة مع أعداد النازحين السوريين الموجودين في لبنان.

- أزمة قروض ​الإسكان

في شباط من العام 2018، حلّت كارثة القروض الإسكانية لتزيد الطين بلّة على اللبنانيين، وخاصة الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.

فقد استنفزت رزمة الدعم المخصصة من ​مصرف لبنان​ للقروض السكنية، وتم استعمال أكثر من 500 مليون دولار من قبل بعض المصارف بشكل غير واضح وغير شفاف ولغير الهدف المنشود. واستُنزف احتياطي المصرف المركزي في هذا المجال وهو الذي خصص على مدى 18 شهراً 2.3 مليار دولار لدعم قروض الإسكان.

وما ساهم أيضاً في الأزمة القائمة الإقبال الكثيف من قبل موظفي القطاع العام على طلب القروض السكنية وذلك بفعل حصولهم على سلسلة الرتب والرواتب، أضف الى ذلك عدم وجود احتياطي إلزامي للمصارف لاستخدامها كما وجود ضعف في الإعتمادات المرصودة في موازنة عام 2018 لدعم القروض السكنية.

- لبنان يوقّع إتفاق مع إئتلاف نفطي عالمي للغاز للتنقيب عن ​النفط​ و​الغاز

​​​​​​​

وقّع لبنان في التاسع من شباط 2018 أولى اتفاقياته النفطية مع ائتلاف شركات دولية يضم "توتال" الفرنسية و"إيني" الإيطالية و"​نوفاتك​" الروسية، للتنقيب عن النفط والغاز في البلوكين 4 و 9 في مياهه الإقليمية. على أن تبدأ عمليات حفر أول بئر نفطي في عام 2019 .

- غياب موازنة 2019

على الرغم من أن المنطق يفرض أن تكون أولى أولويات الحكومة العتيدة إقرار موازنة إصلاحية للعام 2019 بهدف ضبط العجز الكبير في المالية العامة بعيداً عن فرض إجراءات ضريبية جديدة، بالتوازي مع إصلاح ​مؤسسة كهرباء لبنان​ وصولا إلى تنفيذ مقررات "سيدر" بهدف الاستفادة من القروض الميسرة، إلا ان عرقلة تشكيل الحكومة رمى بكل ما ذكرناه في مهب الريح، إذ أننا نقف اليوم على اعتاب 2019 بدون موازنة عامة.

يذكر ان حكومة تصريف الاعمال الحالية أقرت موازنة للعام 2018، بدون قطع حساب، ووصل العجز في هذه موازنة إلى أكثر من 5 مليارات دولار.