إذا بدأنا بإحصاء إختصاصات العمل في ​لبنان​ قد نحصرها بالسياحة والخدمات بأغلبها وبنسبة بسيطة من الصناعة، ولكن قد نغفل عن ذكر القطاع الذي يضمن لنا عمل هذه القطاعات بشكل بيئي وسليم، وهذا لأننا وللأسف في لبنان تعودنا على إعتبار العنصر "البيئي" كالعنصر المتتم أو المكمل وكأنه من "الكماليات". ولذا ولهذا السبب قررت "الإقتصاد" التعرف عن قرب على كوادر هذا القطاع المهم في لبنان والذي يعتمد بتقييمه على العلم والدراسات وليس المحسوبيات والماديات.

ولنتعرف أكثر عن شخصيتنا التي نبع مجال عملها من حبها للجيولوجيا الذي يعتبر جزء لا يتجزأ من البيئة والذي يضم القطاعات الـ4: الأرض، ​المياه​، الهواء والكائن الحي، كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "GeoFlint"  خليل الزين، الذي شاركنا أبرز محطات حياته المهنية في مجال لا يحظى بالتقدير اللازم في بلد كلبنان للأسف.

- كيف تختصر مسيرتك الأكاديمية وبداية رحتلك المهنية؟

درست إختصاص الجيولوجيا في الجامعة الأميركية في بيروت "AUB"، وتزامنت الفترة التي تخرجت فيها في العام 1995 مع مسيرة إعادة الإعمار في لبنان، وشاءت الظروف ان أحد الخريجين من جامعتنا توظّف في "دار الهندسة شاعر  وشركاه " وهي أحد أكبر الشركات في ​الشرق الأوسط​ التي ساهمت بتوظيف عدد كبير من الجيولوجين. وعملنا ضمن الشركة على مخطط التوجيه للمقالع والكسارات.

ومن بعد هذا المشروع تابعنا مسيرتنا ضمن الشركة وإستلمنا مشروع مطار بيروت ، ​مرفأ​ ​الجية​، وغيرهما الكثير. من بعدها إتجهت مع الشركة للعمل في ​السعودية​ لمدة عامين.

بعدها تركت عملي في الشركة وتوظفت في وزارة البيئة الأمر الذي ساهم بتغيير مسار عملي.  وقد أخذت هذا القرار بعدما بدأت وتيرة العمل تتراجع في العام 2002، ولم أكن أرغب في البقاء خارج لبنان فضّلت أن  أعمل في بلدي وتقدمت بطلب توظيف لوزارة البيئة وتم قبولي في العام 2002 وبقيت فيها حتى العام 2007.

خلال عملي في الوزارة كنت مسؤولاً في قسم ​الموارد الطبيعية​ "المقالع والكسارات"، وكنا ندرس مدى تأثيرها على المياه، التربة، نوعية الصخور وغيرها. كان عملنا ناشط جداً في الوزارة وتمكنّا من وضع مخططين توجهيين.

في العام 2007 حصلت على فرصة لأعمل ضمن شركة خاصة في مشروع خارج لبنان، وعملت معهم بشكل حر، من بعدها قررت أن أعمل معهم بشكل دائم بعد أن تقدمت بإستقالتي من الوزارة، وعملت مع هذه المؤسسة على مشاريع في ​اليمن​، ​السودان​، قطر وغيرها من الدول.

بعد فترة سنحت لي الفرصة أن أعمل ضمن مؤسسة آخرى عملت فيها على مشاريع داخل وخارج لبنان.

في العام 2010 كنت أحضر إجتماع لوزير البيئة الأسبق ​محمد رحال​، الذي أعلن فيه ان مرسوم تقييم الأثر البيئي سيكون إجباري في المرحلة المقبلة مما سيوفر العديد من الفرص للبيئيين. أعجبت بالفكرة حينها وقررت أن أؤسس شركتي الخاصة  "GeoFlint" .

- ما هو نشاط عمل "Geoflint"؟

تُعنى شركتنا في مجال الخدمات البيئية، نقوم في الشركة بإعداد دراسات تقييم الآثار البيئية للمشاريع ، بالإضافة إلى خدمات التدقيق التي تقدمها للمشاريع القائمة، كما نقدم خطط إدارة بيئية.

ونستعين بمختبرات وشركات خاصة لفحص جودة الهواء و​الماء​.

- ما هو رأيك بالسوق المحلي وكيف يمكن تطويره؟

أعتقد ان السوق ليس منتشراً بالشكل الكافي نسبة إلى أهميته، ففي لبنان العديد من الشركات الصناعية بحاجة إلى التدقيق، وقد بدأنا اليوم بالعمل مع الشركات الصناعية في منطقة الشويفات.

ما يميزنا في مجال عملنا هو "النوعية" فهي وحدها كفيلة بإثبات قدرات الشركة في السوق، بالإضافة إلى شبكة العلاقات العامة التي تكون بمثابة دعامة أساسية لأي صاحب مهنة.

- كيف ترتب العناصر التالية حسب الأولوية لتأسيس مشروع ما: شبكة العلاقات العامة، الخبرة ورأس المال؟

برأيي العلاقات تأتي أولا، فتأسيسي للشركة نتج عن هدف توظيف العلاقات العامة التي إكتسبتها عبر السنين. أما على صعيد الخبرة فهي تتكون مع السنين وبالتالي يتشارك العنصران الأهمية ذاتها. كما أنني أعتبر أن مرحلة ما قبل التأسيس يجب ان تكون مرحلة تدريب وتجربة وهذا لا يأتي إلا إذا توظّف الفرد في المجال الذي يرغب في أن يطور مهاراته فيه.

علينا ألا ننسى أن بعض الأفراد تتورث مناصب عائلتها في شركاتهم ولكن حتى هذا السيناريو يتطلب من الشخص بذل الجهد الكافي لإكتساب المهارات المطلوبة وتطوير رؤيته.

اما رأس المال فبرأيي يأتي في المرحلة الأخيرة.

- ما هي أبرز العراقيل التي واجهت " GEO Flint " ؟

عدم قدرتنا على إستحصال كامل حقوقنا المادية إذا كانت النتيجة ​مخالفة​ لتوقعات الطرف الاول، وهذا حصل يشكل مكرر ولكننا لن نساوم على البيئة من أجل أي مبلغ مادي. أعتقد أن المشكلة تكمن في ثقافة المجتمع التي تحد مجالنا بصورة نمطية خاطئة تقتضي بأن البيئة من الكماليات وليست الأساسيات وهذا غير صحيح.

- ما هي النصيحة التي تود إيصالها للشباب من منطلق خبرتك المهنية الخاصة؟

أنصح ​الشباب​ بإستغلال عمرهم في تكوين الخبرة، فالخبرة تخلق لهم شخصيتهم المهنية التي تنشأ بعد أعوام من التجارب المتراكمة.

في الختام، أتمنى أن يتحسن الوضع الإقتصادي في لبنان وأن يحافظوا على قطاع البيئة المحارب من العديد من الجهات، كما اتمنى أن يتعاون كل من ​القطاع الخاص​ والعام للحفاظ على هذا النظام البيئي ولتطويره.