كتب ​الخبير الاقتصادي​ د.غازي وزني عن عام 2019 الآتي:

يعطي تأليف الحكومة جرعة أمل مؤقتة للاقتصاد المتهاوي الذي سجل في العام الحالي تباطؤا في نموه (أقل من 1%) وتعثرا في مؤسساته، وتدهورا في ماليته العامة (العجز أكثر من 10% من ​الناتج المحلي​) وتضخما في مديونيته (أكثر من 157% من الناتج المحلي) وأزديادافي عجز حسابه الجاري (أكثر من 20% من الناتج المحلي).

تتوقف تقديرات 2019 على مدى قدرة الحكومة على تنفيذ الاصلاحات والافادة من أموال " سيدر"، ومن عمليات التنقيب على ​النفط​ والغاز، ومن انحسار الازمة في ​سوريا​ وتبدو على الشكل التالي:

1- المالية العامة: نتوقع ان يستمر العجز مرتفعا وان يتجاوز 10% من الناتج المحلي وان تبقى الاصلاحات محدودة لصعوبة ضبط الانفاق العام على صعيد الرواتب والاجور وخدمة ​الدين العام​ و​الكهرباء​ والهدر، وصعوبة زيادة ​الايرادات​ العامة نتيجة التباطؤ الاقتصادي والصعوبات الاجتماعية و​التهرب الضريبي​.

يقتضي على الحكومة على صعيد النفقات العامة:

-تجميد ​التوظيف​ والمباشرة في إصلاح نظام التقاعد.

-التنسيق مع ​مصرف لبنان​ لاكتتابه بسندات خزينة بقيمة 8000 مليار ليرة بفائدة 1% ما يوفر حوالي 750 مليار ليرة سنويا على غرار ما فعل في العام 2018 عندما اكتتب بسندات خزينة بقيمة 8800 مليار ليرة بفائدة 1%.

-تحديد سقف لدعم الكهرباء على ان لا يتخطى 1800 مليار ليرة وعلى ان تجيز الحكومة للقطاع الخاص انتاج الطاقة الاضافية الضرورية.

كما يقتضي على الحكومة على صعيد الايرادات التركيز على تحسين الجباية والحدّ من التهرب الضريبي وعدم ادراج أية ​ضرائب​ جديدة في مشروع ​موازنة​ 2019 بسبب الصعوبات الاقتصادية الاجتماعية.

أما تمويل الدولة، فإن الحكومة لن تواجه في العام 2019 مشكلة في تمويل احتياجاتها بعد ان تمّ الاتفاق بأن يتأمن تمويلها عبر ​المصارف​ التي تكتتب بنسبة 34.8% من ​سندات الخزينة​ بالليرة مقابل 50.3% لمصرف لبنان.تبلغ استحقاقات الدولة لسندات الخزينة بالليرة في العام 2019 حوالي 11800 مليار ليرة يضاف اليها عجزا مقدّرا في ​الموازنة العامة​ لاكثر من 9000 مليار ليرة.

2- الدين العام: نتوقع ان يستمر تناميه ليتجاوز 91 مليار دولار مشكلا 162% من الناتج المحلي

3- ​النمو الاقتصادي​: نتوقع ان يبقى متواضعا وان لا يتجاوز 2% نتيجة أجواء عدم اليقين التي تنعكس سلبا على ​الاستثمارات​ خصوصا في ​القطاع العقاري​ ونتيجة التحسن الطفيف للصادرات بعد فتح معبر نصيب، وللاستهلاك. أما مفاعيل مؤتمر "سيدر" على النمو الاقتصادي فإنها مشروطة بإصلاحات ولن تظهر قبل العام 2020.

4- الحساب الجاري: نتوقع ان يستمر العجز الكبير وان يتجاوز 20% من الناتج المحلي نتيجة استمرار العجز في ​الميزان التجاري​ وضعف التدفقات المالية. نخشى في هذا الاطار ان يسجل ميزان المدفوعات عجزا يفوق الملياري دولار نتيجة الاستحقاقات الخارجية وضعف التدفقات المالية.

5- ​القطاع المصرفي​: نتوقع ان يبقى نموه مقبولا لايتجاوز 5% مقابل 3% في العام 2018 نتيجة الازمة السياسية وقلق المودعين والمستثمرين وتراجع التدفقات المالية.

6- معدلات الفوائد: نتوقع ان يبقى منحاها تصاعديا نتيجة تزايد المخاطر السيادية(خفض "​فيتش​" و"​موديز​" نظرتهما المستقبلية للبنان من مستقر الى سلبي) والعجز الكبير في المالية العامة وضعف نمو القطاع المصرفي والمنافسة الاقليمية لاستقطاب الرساميل والفوائد المرتفعة عالميا.

7- الاستقرار النقدي: نتوقع استقرار سعر صرف الليرة مدعومابإجراءات مصرف لبنان التي تستند على تعزيز موجوداته بالعملات الاجنبية (تقارب 41 مليار دولار)، واطالة آجال ​الودائع​ (180 يوم وسطيا) وضبط ​السيولة​ بالليرة، ووقف تمويل الدولة، واغراء المودعينبالفوائد العالية لعدم خروجها من لبنان، وتأمين استحقاقات الدولة بالعملات الاجنبية لعام 2019 (سندات يوروبوند بقيمة 2.7 مليار دولار وخدمة دين بقيمة 1.7 مليار دولار).

تبدو ​المؤشرات الاقتصادية​ والمالية لعام 2019 صعبة جدا وتحمل مخاطر عالية رغم فسحة الامل الناتجة من تأليف الحكومة.

يتوجب على الحكومة الجديدة الاسراع في خطواتها الاصلاحية للافادة من تعهدات مؤتمر سيدر، خطوات تجذب المستثمرين وتطمئن المودعين وتستقطب الرساميل حتى يتجنب لبنان الوقوع في ​كارثة​ اقتصادية خصوصا ان امكانيات مصرف لبنان للحفاظ على الاستقرار المالي بدأت تستنزف وفسحة الوقت التي أعطتها للحكومة تستنفد.