استضافت ندوة "​​حوار بيروت​"​ عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة - أدونيس، مع المعدة والمقدمة ​ريما خداج​، بعنوان "أي إنعكاسات لمباشرة وزارة المال بدفع الرواتب وملحقاتها ومعاشات التقاعد في زمن الأعياد؟ وهل المشكلة في هيكلية المالية العامة؟"، الخبير المالي والإقتصادي د. وليد أبو سليمان، والأستاذ الجامعي في مادة الإقتصاد د. غابي بجاني.

بداية قال الخبير المالي والإقتصادي د. وليد أبو سليمان أن " الحكومة القادمة لا تحمل عصاً سحرية لتغيير الواقع الراهن، ولكن القوى السياسية اليوم اقرت ان لبنان بحاجة ماسة إلى حكومة قبل ان تتدهور الامور نحو الأسوا. وأعتقد ان النظام السياسي اللبناني أصبح يعاني من إعوجاج، فنحن نتغنى بان نظامنا ديمقراطي برلماني، ووظيفة البرلمان هي محاسبة مجلس الوزراء او السلطة التنفيذية .. ولكن ما نراه اليوم هو ان تشكيل الحكومة تعطّل وتوقّف من أجل تمثيل جميع المكونات في المجلس النيابي، وهنا خسرنا ميزة المحاسبة. فكيف سيحاسب مجلس النواب حكومة إذا كان الجميع ممثلا في هذه الحكومة ومشاركاً في قراراتها".

وأضاف "نحن لا نريد ان نكون سلبيين، ولدينا أمال كبيرة بالحكومة الجديدة لوقف هذا الإنهيار الحاصل على أقل تقدير، فالكل متفقين على اننا في وضع نقدي ومالي ليس بسليم، حيث ان العجز تخطى الـ 10% من الناتج المحلي، وهذا يعني إرتفاع أوتوماتيكي للدين العام، فلبنان غير قادر على تغطية العجز إلا من خلال الإستدانة. وعندما تقوم وكالات التصنيف العالمية بتخفيض التصنيف السيادي للبنان، فإن كلفة الإستدانة سترتفع أيضا. من جهة أخرى هناك إصلاحات مشروطة لمؤتمر سيدر، وهناك إصلاحات بنيوية يجب القيام بها أيضا في المالية العامة، وملف العمال في القطاع العام وسلسلة الرتب والرواتب، إضافة إلى ملف النزيف المضحك المبكي في مؤسسة كهرباء لبنان. فالعجز في كهرباء لبنان هذا العام تخطى الـ 1.6 مليار دولار رغم الإنخفاض الكبير بسعر برميل النفط عالميا".

من جهته قال الأستاذ الجامعي في مادة الإقتصاد د. غابي بجاني أن "السلطة في لبنان تتحدث منذ أشهر عن دراسة مهمة تم إنجازها للإقتصاد اللبناني وتم وضع خطة مفصلة من قبل شركة ماكينزي، وكان الكل يؤكد بان التطبيق سيبدأ مع تشكيل الحكومة الجديدة، لذلك فإن الخطوة الاولى المنتظرة من الحكومة هي البدء بتطبيق الخطوات والإصلاحات الموجودة في الخطة الموضوعة".

وأضاف "يجب أن نعترف بأن المشاكل الموجودة في المالية والإقتصاد عامة لم تبدأ من سنة او سنتين أو 5 سنوات، بل سببتها منظومة سياسية خاطئة تم إعتمادها منذ أكثر من 25 سنة، ومن اهم الأخطاء في هذه المنظومة هو اننا عندما خرجنا من الحرب وكنا متفائلين في مرحلة إعادة إعمار البلد، بدانا بالخطوة الاولى وهي محاولة تكبير حجم الإقتصاد، فبدأت الدولة بسياسة الإقراض، وبهذه الطريقة يبدأ حجم الإقتصاد بالتوسع. ولكن للأسف لم يتم إستخدام كل الأموال التي تم إقتراضها لأغراض إنتاجية، وهنا كان الخطا الكبير. ولكن نأمل اليوم ان يكون الوضع مختلف، وان يتم إستثمار الاموال القادمة بمكانها الصحيح".

وفي سؤال للزميلة خداج عما إذا كان مؤمناً بأن خطة "ماكينزي" وتطبيقها بالشكل السليم قادر على إخراج البلد من أزمته، قال د. بجاني "أنا مع التخطيط قبل المضي بأي إجراء أو قرار. والامر الإيجابي في خطة ماكينزي هي أنها وضعت من قبل مختصين وخبراء، وبالتالي فإن نقطة التخطيط تم إنجازها. وهنا أعود للنقطة التي تحدثت عنها منذ قليل وهي الإنفاق الإستثماري وليس الصرف، فما حصل في السنوات الماضية في لبنان هو صرف ودفع اموال في غير مكانها. وفي ذلك الوقت أيضا تم إتخاذ قرار تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، وهذا القرار في ذلك الوقت كان جيدا، ولكن في ظل إقتصاد لا يحقق نمو ولا يعطي إنتاجية وفوائد مرتفعة على الليرة مقارنة مع فوائد الدولار، أصبح هناك مضاربة في السوق، وأصبحت اموال المودعين في المصارف تستخدم للمضاربة بدلا من إستخدامها للإستثمار، وبالتالي هذا الامر أثر على تنمية فكرة الإستثمار لدى المدخر اللبناني".