بالامكان القول ان ​لبنان​ حصد في عام 2018 التفاتة دولية هامة توّجت بمؤتمر سيدر (1)الذي فرصاً جديدة للنهوض باقتصاد لبنان خصوصاً وانه ركّز على اهمية إجراء اصلاحات بنيوية وهيكلية تعزّز فرص نجاح اي مشاريع استثمارية جديدة .

وفي العام 2018، ظهرت خطة ماكنزي التي حاوطتها مواقف متباينة بين مؤيد ومنتقد ، فسلطت الضوء على بعض العوامل المساعدة على دفع عجلة الاقتصاد الذي بدأ مشوار الانهيار.

صحيح انها لم تكن بمثابة خطة مارشال ، وصحيح انها لم تضف شيئاً الى ما يقوله خبراء الاقتصاد في المناسبات ، مع خبرتهم المؤكدة في تحديد مكامن الخلل في اقتصاد تم توجيهه ليكون ريعياً بدل ان يكون انتاجياً ، ولكن يمكن القول انها اعترفت باهمية الاعتماد على قطاعات كانت مهملة في لبنان مثل الزراعة والصناعة .

وفي موازاة ذلك، لم تغفل البيانات الصادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وجوب مكافحة الفساد والتهرب الضريبي .

في ايلول الفائت، هبط تقرير مجلة "الإيكونوميست" البريطانية كالصاعقة على اللبنانيين بعدما وصفت إقتصاد لبنان "من الركود إلى الإنهيار" ، عنوان تضمن إنذاراً واضحاًعن المنحى الذي تغاضى عنه السياسيون رغم تحذيرات المجتمع الدولي من زوال مقومات الصمود بعد نضال طويل . وفي كانون الاول الجاري، تناولت المجلة نفسها اعاجيب مار شربل . وذكرت ان اعاجيب القديس شربل تستمر بالانتشار عالميًا . ونشرت "الايكونوميست " مقالاً عنها تحت عنوان " العجائب تزداد في لبنان… "وروى المقال الاعجوبة التي حصلت مع السيدة نهاد الشامي في 1993 وشفائها من الشلل النصفي."

في كل محطة ، لبنان يثير الاهتمام الدولي، ولكن ذلك لايمنعه من ان يكون ملك الفرص الضائعة. قديسوه يدهشون العالم باعاجيبهم وسياسييوه يحيرّونه بعدم صدقيتهم وبتغاضيهم عن مصلحة وطنهم .

الالتفاتة الدولية الى لبنان كانت مميزة في 2018. من مؤتمر سيدر الى منتدى الاستثمار البريطاني الذي خص لبنان بالمشاركة وبينها مؤتمرات أخرى فيها اهتمام واضح .

ولكن مع انتهاء العام لم يستطع لبنان من إقتناص النتائجوالإفادة من المقررات التي توفر كل الدعم له .

واليوم نلاحظ ان ثمة مشاكل في الدول المانحة والداعمة وخصوصا فرنسا التي اثبتت انها اكثر الدول اهتماماً. هل من تخوف في العودة عن الدعم؟

زمكحل

"في 2017 ، نظرنا بتفاؤل حذر الى عام 2018 ، وذلك لاسباب عدة" كما يقول رئيس تجمع رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين في العالم د. فؤاد زمكحل لـ"الاقتصاد" واهمها:

اولاً: سلسلة المؤتمرات التي عُقدت لاجل لبنان والتي ترجمت الاهتمام الدولي ومنها سيدر وروما وبلجيكا ولندن .

ثانياً: الانتخابات النيابية التي كنا نأمل ان تفضي الى تشكيل حكومة وفاقية بناءة تنطلق بالتنفيذ المباشر للاصلاحات والمشاريع التي تم تأمين الدعم لها . وللأسف ، كانت هذه السنة مخيّبة للآمال . فلا وجود لاي حكومة بناءة، ولا لاي اصلاحات ولا بالتالي اي نمو. وبالتالي .اخشى ان تكون مصداقية لبنان تجاه المجتمع الدولي قد بدأت تتلاشى.

نحن نعلم ان لكل دولة مشاكلها الداخلية ، و هذا لا يعني تراجعها عن تقديم الدعم الى لبنان ، ولكن هذا مرتبط بمدى مصداقية لبنان في تنفيذالاصلاحات التي وعد بها .

واذا كانت الانتخابات النيابية ديموقراطية الى حد ما في لبنان بعيداً عن النتائج ، فانها لم تأت باي رؤية واضحة مشتركة للحكومة . وها نحن اليوم نعيش نزاعا ً على المقاعد والحصص الوزارية.

ويعتبر د.زمكحل اننا واكبنا المشاكل في 2017 ورأينا تفاقمها في 2018. ارتفعت معها الكلفة النقدية والمالية بعد الاقتصادية. وعندما نتحدث عن خيبات أمل ، هذا ليس لاننا لسنا هواة تفاؤل بل لان الوقائع على الارض تفرض علينا هذا الموقف.

هناك ازمة اجتماعية حقيقية في البلاد تطال الشركات والافراد. ونحن في حال اصعب من الاقفال هو الافلاس. دين خاص للشركات بحدود 58 مليار دولار والديون على الشركات بحدود 5 مليار دولار. ازمة السيولة تلاحق ​القطاع الخاص​ بسبب ارتفاع الفوائد. وهي ستطال المواطنين والشركات .

ويقول الدكتور زمكحل : " نشكر كل من ساهم في اعداد المؤتمرات من اجل لبنان ، علماً انها لم تتم متابعتها في الداخل اللبناني ، كما كان مفترضاً على صعيد تنفيذ المقررات . ونحن نقول فليعلمنا الغير في مؤتمر خاص كيفية الادارة الذاتية .

ويتابع : المشاكل العالمية كثيرة انطلاقاً من "بريكسيت"، الى الوضع الاقتصادي في كل من فرنسا وايطاليا . وهذا له تداعيات على الوضع في لبنان . والمؤتمرات الاخيرة أقرت ديوناً للبنان وليس هبات.

وشخصياً ، افضل عدم القبول بهذه الديون اذا لم تواكبها الاصلاحات، واذا لم تكن هناك حكومة متجانسة تقرّ المشاريع وتتابع تنفيذها بجدية بعيداً عن المحاصصة .

والغريب انهم يمننوننا بتشكيل حكومة ! فاين هو الانجاز ؟ يطمروننا بالنفايات ويعتبرون موضوع رفعها انجازاً ونجاحاً! الواجبات اصبحت انجازات ! وحقوق الموطن منّة .

من المعيب ان يمننوننا في تأليف حكومة . هذا حق وواجب عليهم . نحن نريد حكومة تسهر على تنفيذ المشاريع وتطبق الحوكمة الرشيدة ، بعيداً عن الاختلاف السياسي .

كان هناك فرص في 2017 وضاعت. في 2018 ، معظم الشركات ضخّ من رأسماله بسبب الخسائر المتراكمة . كامل القطاعات دفعت الثمن، ولاسيما القطاعين المصرفي والعقاري المعروف عنه انه يشغّل 18 قطاعاً . ووللأسف ،ليس من بوادر تحسّن في المدى المنظور.

اما المصارف فهي تعاني من ازمة سيولة بفعل ارتفاع الفوائد. كذلك تعيش القطاعات الاساسية الاخرى مثل الزراعة والصناعة من مشاكل عدة مرتبطة بارتفاع كلفة التصدير والشحن .

كما انه لايمكن تجاهل تراجع الاقتصاد العربي. وتبقى الاشارة الى قطاع السياحة والنكسة غير المنتظرة التي تعرّض لها في الصيف الماضي، بسبب فترات الانتظار والفوضى التى سادت في المطار .

اما اليوم ما هي تحديات القطاع الخاص في 2019 للخروج من قمقم الانكماش؟

يؤكد د.زمكحل ان ابرز التحديات تكمن في تحقيق النمو وفي البقاء وعدم الإ فلاس. ولم يعد التحدي في التوظيف والاستثمار ، لابل التعايش بسلام مع الازمات مما يسمح لنا بتسديد ما علينا للدولة وللموظفي.

صراع البقاء وقوة التحمّل اما م العواصف المتنوعة الامنية والسياسية والاقتصادية هما عنوان المرحلة القادمة التي يرجو الجميع اجتيازها بسلام وبدون اضرار وصولاً الى شط الآمان.