استضافت ندوة "​​حوار بيروت​​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة - أدونيس، مع المعدة والمقدمة ​ريما خداج​، بعنوان "الفساد بالأرقام: أي تداعيات على الإقتصاد ؟ وما هي الكلفة والخسائر وأي سبل للمعالجة؟"، الخبير الإقتصادي والإستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة، والمسؤول عن الملف الإقتصادي في الحزب التقدمي الإشتراكي المهندس محمد بصبوص. بالإضافة إلى مداخلة من عميد كلية إدارة الأعمال والإقتصاد في جامعة الحكمة البروفسور روك أنطوان مهنا.

بداية قال الخبير الإقتصادي والإستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة أن "الأحزاب اللبنانية بإعتقادي هي من أذكى الأحزاب في العالم، فخطابهم السياسي قادر على قيادة الفكر العام والرأي العام، والحديث بالإقتصاد اليوم وبمسألة مكافحة الفساد من قبل الأحزاب هو امر إيجابي برأيي، وسينتج عنها رأي عام إيجابي. ولكن ما لا نعرفه اليوم هو مدى الصدق والإرادة الموجود لدى تلك الأحزاب من أجل مكافحة الفساد. ففي لبنان الفساد بات ثقافة، والفساد له تداعيات سلبية على كل شيء بدون إستثناء (سياسياً، إدارياً، مالياً، نقدياً .. )، وبحسب الدراسات هناك 4 حالات من الفساد، ولبنان يدخل في واحدة من هذه الحالات.

وقبل البدء بشرح الحالات الأربعة، يجب ان نعرف بأن القطاع العام دائما هو الذي يمثل الطلب، في حين ان القطاع الخاص هو الذي يمثل العرض.

والحالات الأربعة للفساد هي:

- "حالة الإحتكار الثنائي"، وفي هذه الحالة يكون هناك طبقة سياسية حاكمة تمثل النخبة، وهذه الحالة موجودة في البلدان المتطورة ويكون حجم الفساد فيها صغير جدا ومحدود بأشخاص معينين.

- "حالة سيطرة الطلب على العرض"، وهنا يكون القطاع العام هو المسيطر على القطاع الخاص، وهو الذي يفرض السعر. وفي هذه الحالة يعمل القطاع الخاص جاهدا للدخول إلى القطاع العام او لشراء مناصب، ليتمكن من حماية املاكه الخاصة. وشراء المناصب يتم عبر تمويل احزاب سياسية مثلا أو عبر وسائل أخرى ليتمكن من الحفاظ على أمواله. وهذه الحالة تنطبق على الدول التي تعد في طور النمو ومنها لبنان.

- "حالة سيطرة العرض على الطلب"، وفي هذه الحالة يكون هناك نخبة من الشركات الخاصة الكبيرة والعالمية التي تسيطر على الدولة، ومثال على ذلك عندما قامت شركة "Total Elf" بشراء دول إفريقية كاملة.

- "الحالة الأخيرة يكون العرض والطلب فيها متشرذمين"، وفي هذه الحالة يكون الفساد في قمة مستوياته، والمثال على ذلك دولة مثل أوكرانيا التي وصلت إلى مستويات مرتفعة جدا من الفساد.

وتابع عجاقة "في لبنان لدينا تسلط من القطاع العام على القطاع الخاص بما يخص الفساد، وبإعتقادي أنه لا يجب أن نبحث عن الفساد في القطاع الخاص، لأن هذا الفساد هو تابع للفساد الموجود في القطاع العام، وبالتالي عند البدء بمحاربة الفساد في القطاع العام ووقفه، سيختفي الفساد في القطاع الخاص تدريجياً".

من جهته قال المسؤول عن الملف الإقتصادي في الحزب التقدمي الإشتراكي المهندس محمد بصبوص أن "لبنان يمر في وضع إقتصادي ضاغط وهش ويزداد سوء يوماً بعد يوم، ولكن عملية التعميم بان كل الأحزاب لم تلتفت سابقا للوضعين الإقتصادي والإجتماعي، وانها في الفترة الأخيرة بدات بالإلتفاف للملفات الإقتصادية، هو امر غير صحيح وفية إجحاف كبير. فالحزب التقدمي الإشتراكي يقرع جرس الإنذار منذ سنوات فيما يتعلق بالوضع الإقتصادي، وعمل الحزب كثيرا فيما يخص ملف الكهرباء، وكان لديه المقولة الشهيرة التي ركّز عليها وهي (عدّاد الدين لا يرحم) .. لذلك يجب على الدولة البدء بإجراءات جدية لمكافحة الفساد لان عداد الدين لا يرحم، وفي حال وصلنا إلى شفير الهاوية لن ينجو احد".

وتابع "هناك بعض الأحزاب التي عملت على الملفات الإقتصادية وقرعت ناقوس الخطر منذ مدّة، واليوم نرى أن معظم الأحزاب إنضمت إلى هذا الركب لأن الوضع أصبح أكثر خطراً".

ولفت إلى ان "هناك مكامن نزف كبرى في الدولة، والخطر الأكبر هو بما يسمى او يعرف بالفساد المقونن، وعلى سبيل المثال ما حصل مع الحكومة السابقة التي إتخذت قراراً حاسما بوقف التوظيف في القطاع العام، ولكن بعد إتخاذ هذا القرار تم إدخال عشرات الألاف من الموظفين تحت تسميات مختلفة (مياومين، مستعان بهم، متعاقدين ...)، وما حصل هو ان الإدارات والمؤسسات والوزارات لم تطبق قرار الحكومة، وهذا ما يسمى بالفساد المقونن، وهذا الفساد ندفع ثمنه اليوم فواتير كبيرة، مقارنة مع الفساد التقليدي الذي كان موجود في لبنان منذ زمن".