خاص ــ الاقتصاد

داخل معرض للسيارات في منطقة الروشة، أبرمت صفقة لشراء أسهم في فندق فخم في ​اسبانيا​ بما يفوق مليون يورو، لكنّ هذه الصفقة انتهت فصولها بعملية ​تبييض أموال​ في ​دبي​، عبر تحويل مبالغ مالية طائلة غير مشروعة المصدر من برشلونا الى ​الامارات العربية​، بواسطة أحد الصرافين.

خيوط القضية تكشّفت مع تقدّم المدعي والمدعى عليه "عبد العظيم. ح" بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية، ضدّ المدعى عليهم "حسن. ب"، وزوجته "سعاد. س" و"عدنان. ش"، أفاد فيها أنه رجل أعمال ويملك شركة لبيع وتأجير ​السيارات​، وتملك معرضاً يقع على عقار واسع في منطقة الروشة، بالقرب من منزل "حسن"، وقد عمد الأخير الى نسج خيوط عملية احتيالية للايقاع به، عن طريق التودد اليه ومصادقته وزيارته بين الحين والآخر في معرضه، وبرفقة زوجته "سعاد"، ما أدى الى بناء علاقة صداقة عائلية بينهما.

بعد أن توطدت العلاقة، عرض "حسن" على رجل الأعمال الدخول معه بمشروع تجاري يتمثّل بشراء فندق في اسبانيا، وأخبره أنه من شأن الاستثمار في هذا الفندق، أن يعود عليهما بالمال الوفير، وقد عمد "حسن" الى عرض ​صور​ للفندق على جهاز ​كومبيوتر​، وأخبره أنه مطلوب منه مبلغ مليون يورو لاستثمار 10% من قيمة المشروع، من خلال الدخول شريكاً فيه، يمكن استرجاعه خلال فترة ستة أشهر من عمل الفندق، أي ما يعدل مليون و300 ألف دولار أميركي.

واتهم المدعي "سعاد" بأنها اشتركت مع زوجها بإيهامه أن الاستثمار في الخارج، أفضل من الاستثمار في ​لبنان​، وأنه قام بإعلامهما عند ذلك أنه يعمل في ​تجارة​ السيارات وقطعها بالإضافة الى تجارة الرخام والغرانيت، وليس لديه أي ​علم​ بإدارة ​الفنادق​، ولا يرغب بالدخول في المشروع المعروض عليه، ولكن وبسبب إصرار الزوجين وافق على الدخول في المشروع المذكور عبر شراء حصّة تبلغ 10% من أسهم الشركة، وقد طلبا منه تسليمهما مبلغ المليون و300 ألف دولار، من أجل تنظيم عقد تسجيل الحصة على أسمه في الشركة المالكة للمشروع في اسبانيا، وتسليمه بعد فترة ​الصكوك​ التي تثبت ملكيته لتلك الأسهم.

وبالفعل قام رجل الأعمال بتنظيم شك مصرفي بقيمة المبلغ المذكور، لكن "حسن. ب" رفض استلام الشك في لبنان، وطلب منه أن يعمد الى تسليمه في اسبانيا، كونه سبق له وعلم أنه بصدد شراء أحجار وصخور في اسبانيا، ويعمل في ​التجارة العالمية​، ولديه زبائن وأصدقاء في مختلف أنحاء العالم، وطلب منه حسن تسليمه المال في ​برشلونة​، وبنتيجة ذلك طلب "حسن" من شريكه المدعى عليه "عدنان. ش" بالتواصل مع رجل الأعمال وتزويده برقم الشخص الذي سيتسلم المبلغ من صديقه (صديق عبد العظيم) في اسبانيا، فأرسل له رسالة خطية تحمل رقم الشخص المكلف من المدعى عليهم لاستلام المبلغ، وتم ارسال العلامة للتأكد من عملية التسليم ولإثبات وصول المبلغ الى يد الشخص المكلّف من قبل المدعى عليها "سعاد" والرسالة تحمل العبارة التالية (f5pound – ma0149370)، وفي اليوم التالي قام بالاتصال بالمدعى عليه "حسن" الذي استهمله للتأكد من استلام المبلغ، ثم عاد الأخير وأكد له أنه تم استلام الأموال، وأنه سيعمد الى إجراء عقود الاستثمار وتسجيلها لمصلحته ويسلمها له.

وبدل أن ينفّذ "حسن" تعهده، بدأ بحسب ​الشكوى​ يتهرب منه، متذرعاً بعدم تنفيذ عقد البيع العائد لتلك الأسهم، وصرّح بأن المدعى عليه "عدنان. ش" لم يعاود الاتصال به، وبأنه سيعمد الى المغادرة الى دبي لمقابلته، وأصر على الذهاب هو برفقته وتوجها بالفعل في اليوم نفسه الى دبي لمقابلة "عدنان" الذي يتهرب من الاجتماع بهما، لكن الأخير تعهد برسالة أرسلها لهما بأنه سوف يسلمه مبلغ مليون و800 ألف درهم إماراتي كدفعة من قيمة المبلغ، وسيتم تحويله له من قبل شقيقه في اسبانيا، الذي استلم المال من صديق المدعي كونه لا يستطيع تحويله كاملاً الى دبي، بل على دفعات لكن هذا الأمر لم يحصل، عندها عاد "عبد العظيم" وصديقه "حسن" الى لبنان سوياً، بعد أن تعهد له الأخير بتسجيل شقة سكنية عائدة له على اسمه تقع في منطقة تلة الخياط العقارية، يقدر ثمنها بمليون ونصف مليون دولار، الى حين تسجيل تنظيم عقود التملك في الشركة الاسبانية المالكة للفندق المذكور، الا أن الأمر لم يحصل، بينما أقدم "حسن" على بيع الشقة المذكورة ولم يعد يجيب على اتصالاته.

قاضي التحقيق في بيروت فريد عجيب أجرى تحقيقاته في هذه القضية، فاستجوب المدعى عليه "حسن. ب" الذي أفاد أنه تعرف على "عبد العظيم" ونشأت بينهما علاقة عادية، وأن الأخير سأل زوجته سعاد عما إذا كانت تعرف أحداً يعمل بمجال الصيرفة في دبي، فأعلمته بأن "عدنان. ش" يعمل هناك، وأعطته رقم هاتفه كون "عبد العظيم" يريد تحويل أموال من أوروبا الى دبي بهدف شراء سيارات، وبعد شهر ونصف أبلغه المدعي أنه سلم "عدنان" مبلغ 500 ألف يورو في برشلونا، وأخبر زوجته أنه سيجمّد مبلغ مليون يورو (...).

واعتبر القاضي عجيب أنه لم يتبين من الأوراق والمستندات المبرزة ومن المعطيات المتوفرة، أن المدعى عليهما "حسن. ب" و"سعاد. س" اشتركا مع المدعى عليه "عدنان. ش" بالاستيلاء على أموال المدعي عن طريق المناورات الاحتيالية، وأن دورهما اقتصر على الاستجابة لطلب المدعي بتزويده برقم الصرّاف "عدنان. ش" ليقوم "عبد العظيم" بتحويل الأموال من اسبانيا الى دبي، والتي تبيّن أنها أموال غير مشروعة المصدر، وأن أقوال المدعي لجهة قيام "حسن" وزوجته بالعرض عليه الدخول معهما في مشروع شراء أسهم في فندق في اسبانيا، بقيت خالية من أي دليل، مشيراً الى أن "عدنان. ش" أقدم على حمل "عبد العظيم" عن طريق المناورات الاحتيالية على تسليمه مبالغ مالية عبر تحويلها اليه من اسبانيا الى دبي، ومن ثم الاستيلاء عليها، ما يقتضي الظنّ به بجرم الاستيلاء على أموال المدعي بالطرق الاحتيالية.

وكشفت معطيات القضية أن المدعي والمدعى عليه "عبد العظيم. ح" أقدم على ارتكاب عمليات تبييض الأموال عن طريق تحويل الأموال واستبدالها مع العلم أنها أموال غير مشروعة بهدف إخفاء مصدرها، فيما منع المحاكمة عن المدعى عليهما "حسن. ب" و"سعاد. س" مما نسب اليهما من جرم الاحتيال لعدم كفاية الدليل بحقهما.