ما بين لبنان و​فرنسا​ وبلدان أوروبية أخرى، نشأت علاقات تجارية بين بعض الأصدقاء، استدعت تأسيس شركات تتولّى تزويد فنادق أوروبية ببعض الأثاث، لكن استبعاد أحد الشركاء أو ابتعاده بملء ارادته عن المساهمة برأسمال هذه الشركات أو الاكتتاب فيها، وضعه خارج المنظومة التجارية، ما دفعه الى مخاصمة الآخرين أمام القضاء.

فقد تقدّم المدعي "كابي. م" بشكوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، أفاد فيها أن علاقة صداقة تجمعه مع "وليم. أ"، وقد عرض الأخير عليه مشروعاً استثمارياً يتعلّق بشراء آلاف الخزنات الحديدية لتركيبها في فنادق أوروبية بهدف تأجيرها من النزلاء، وتقاسم بدلات ايجارها مع الفنادق، واقترح عليه المشاركة في المشروع الذي سيدرّ أرباحاً طائلة بالاستناد الى دراسة قام بإعدادها، وطلب منه السعي لدى معارفه من ​رجال أعمال​ ومتمولين لإقناعهم بالمشاركة في المشروع لتأمين المال اللازم.

بالفعل بدأ "كابي" اتصالاته، وسافر الى فرنسا على نفقته لمقابلة المدعى عليه "فؤاد. ك" وعرض عليه المشروع، وأبدى الأخير رغبته بالمشاركة واجتمع بالمدعى عليه "وليم. أ" واتفقا على الخطوات التحضيرية بموجب محضر اجتماع موقع بينهم، بحضور شخص رابع من الجنسية الفرنسية يدعى جان مارتان، ووعده بتأسيس شركتين واحدة في فرنسا لإدارة العمليات كمرحلة أولى، والثانية خارج فرنسا كمرحلة ثانية.

اتفق الشركاء على توزّع نسبة المشاركة كالآتي: للمدعي "كابي. ج" نسبة 10% وللمدعى عليه "فؤاد. ك" 45% وللمدعى عليه "وليم. أ" 22.5% وللفرنسي جان مارتان 22.5%، على أن يتولّى مكتب "فؤاد" تأسيس الشركة الفرنسية وتعهّد بتأمين التمويل اللازم لمباشرة نشاطها، وأن يضع مكتباً بتصرفها في باريس، على أن يكون رأسمال الشركة 50.000 يورو، وتسميتها بـ (smart soft)، وتحديد رأسمال الشركة الثانية بـ 20.000 يورو، وتعهد "فؤاد. ك" بتسديد حصة الشركاء في رأسمال الشركة من ماله الخاص، على أن تسجّل قيمة الحصص كقرض لكل منهم يعيدونه لاحقاً.

على أثر هذا الاتفاق جرى وضع نظام الشركة الفرنسية، وتمّ التوقيع عليه، تمهيداً لايداع رأسمالها في المصرف من قبل "فؤاد"، ومن ثم تسجيلها في السجل التجاري في فرنسا، وتم فتح حساب مصرفي لإيداع رأسمال الشركة في مصرف (LCL) واقترح الأخير بدلاً من تأسيس شركة ثانية، التفرّغ عن اسهم شركة قائمة ومسجلة يملكها في لبنان، لمصلحة شركائه في الشركة الفرنسية وبنفس الحصص، وطلب "فؤاد" تملك ما يوازي حصته في المشروع البالغة 10% من أسهم شركته اللبنانية، وأعلن أن أحد المساهمين فيها وهو المدعى عليه "سعد. ر" سيتفرّغ له عن 5% من الأسهم التي يملكها، لكن رغم توقيع نظام الشركة الفرنسية وفتح الحساب المصرفي المخصص للاكتتاب برأسمالها، لم تبصر الأخيرة النور ولم يتم إيداع رأسمالها من قبل "فؤاد"، بل تمّ وضع نظام آخر لها وفتح حساب باسمها في أحد ​المصارف اللبنانية​ وفقاً لتوزيع جديد للحصص وللمسؤوليات فيها.

وفي خلاصة الشكوى طلب المدعي اتهام المدعى عليهم بجرم الاحتيال، واتهام "وليم. أ" و"فؤاد. ك" بجرم إساءة الأمانة أيضاً، وقد أجرى قاضي التحقيق في بيروت فؤاد مراد، الاستجوابات الاستنطاقية في هذه الدعوى، فأنكر المدعى عليهم ما نسب إليهم، وأفادوا أن المدعي لم يوقع على عقد الشركة على الرغم من حضوره الى فرنسا والاتصال به مراراً، ورفض الدخول في المشروع. واعتبر القاضي مراد في حيثيات القرار الظني الذي أصدره، أن جرم الاحتيال يتطلّب إقدام المدعى عليهم على الاستيلاء على مال المدعي بنتيجة المناورات الاحتيالية، لكن تبيّن من معطيات الدعوى أن المدعي "كابي. م" لم يدفع أي قرش في رأسمال المشروع الاستثماري الخاص بالخزنات الحديدية في ​أوروبا​، كما أن جرم إساءة الأمانة يستوجب قيام المدعي بتسليم المدعى عليهم الأموال للقيام بعمل معيّن لكن لم يثبت أنه سلم أي منهم مبالغ مالية.

وخلص القاضي مراد في قراره الى منع المحاكمة عن المدعى عليهم من جرمي الاحتيال وإساءة الأمانة، لعدم توفر عناصرهما الجرمية وتضمين المدعي النفقات القانونية وحفظ الأوراق والرسوم.

خاص ــ الاقتصاد