يُقال أن مسيرتنا في هذه الحياة مكتوبة قبل ولادتنا، ولو عرفنا مصيرنا منذ البداية لما تعرفنا إلى "لذة الإكتشاف".

قد نبدأ من صفحة لنجد أنفسنا بعد حين في ​كتاب​ آخر.. فكل خطوة بسيطة ترسم لنا درجة جديدة على سُلّم التطوير المعرفي في حياتنا الإجتماعية والمهنية.

شخصيتنا اليوم تتحدث عن شاب ​لبنان​ي بدأ مسيرته متصوراً أنه سيكون محامياً ولكن فضوله دفعه إلى عالم مختلف تماماً بلور من خلاله شخصيته القيادية.. ليؤسس شركته الخاصة "The Catalyst"التي تُعنى بالإستشارات والتدريب للمؤسسات والمجموعات.

ولنتعرف أكثر على الرحلة المهنية للمؤسس والرئيس التنفيذي لـ"The Catalyst" رمزي أبو إسماعيل، كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة معه شرح لنا فيها عن أبرز محطات حياته وصولاً إلى يومنا هذا.

كيف تختصر مسيرتك الأكاديمية؟

تركت المدرسة في سن الـرابعة عشر عاماً وبقيت على هذه الحال عدة سنوات، قبل أن أتقدّم بطلبٍ حر لتقديم الشهادة الثانوية، حيث حصلت عليها من الدورة الأولى.

دخلت إلى كلية الحقوق في ​الجامعة اللبنانية​، وكما يحصل عادة، يصب المجتمع عليك توقعات لمستقبلك من باب ما يعرف بـ"ضمان مستقبلك" وكان الجميع يترقب دخولي لعالم القضاة، الأمر الذي أثر عليّ، إلى أن أقتنعت به إلى حد ما.

ولكن مسيرتي أخذت مساراً مختلفاً تبلور عندما كنت أتردد للمحكمة خلال عامي الدراسي الأخير في كلية الحقوق، في هذه الفترة بدأت ألاحظ سلوكيات جذبت فضولي لأتعرف عليها أكثر، فعلى سبيل المثال سلوك الأشخاص قبل مقابلتهم للقاضي، تختلف عن لحظة مواجهتهم له.

هذا الفضول قادني بشكل غير متوقع إلى عالم ​علم​ النفس، وقررت أن أتابع رسالة الماجستير في علم نفس المؤسسات في الجامعة اللبنانية. لا شك أن هذا الأمر كان بمثابة فكرة غير مرحب بها في المحيط الإجتماعي الذي كان مؤمناً بضرورة تكريس قدراتي وتطوير مهارتي لأصبح قاضياً.

كيف ساهم هذا التغيّر في إنطلاقتك المهنية وصولاً إلى تأسيس شركتك الخاصة "The Catalyst"؟

بعد حصولي على الماجستير، "غصتُ" في بحور عالم القراءة إلا أن وصلت لمرحلة إختلفت فيها نظرتي للأمور.

خلال هذه الفترة تأثرت بالكاتب الأميركي جاك كانفيلد وهو مؤلف لعدة كتب في مجال التدريب والتحفيز والأعمال، أحد أبرز أعماله الكتاب الشهير "Chicken Soup For The Soul".

تأثرت بأسلوبه وأفكاره وتواصلت معه وبالفعل إتجهت لإلتقي به في ​الولايات المتحدة الأميركية​ وعملت معه حوالي العام إلى أن منحني فرصة التأهيل للتدريب على نهجه مما فتح لي العديد من الأبواب على مستوى رفيع.

بعد عودتي إلى لبنان عملت في مجال التدريب مع الجمعيات الأهلية. في العام 2016 بدأت كمدير تنفيذي في مؤسسة الخليل الإجتماعية التي تسعى للتمكين الإجتماعي، وإستلمت مشاريعها وبرامجها لفترة.

بعد الإنتخابات النيابية التي حصلت هذا العام بدأت بتحضير فكرة "The Catalyst" لتكون شركة تُعنى بالإستشارات والتدريب. وبعد إطلاق الشركة بشكل رسمي إتجهت خلال شهر آب إلى ​أميركا​ ووقعت على إتفاقية شراكة بين"The Catalyst" و​شركة أميركية​ تعمل في مجال التطوير المؤسساتي أيضاً.

ما هو هدف ونشاط عمل " The Catalyst "؟

نعمل في "The Catalyst" على تطوير المؤسسات من خلال تقديم الإستراتيجات والتقنيات المطلوبة لتطوير إنتاجيتها.

نقوم بدراسة سلوكيات المجموعة ومدى قدرتها على تنفيذ واجباتها دون هدر طاقاتها، لذا نعمل على تطوير دينامية الجماعة وأساليب التواصل بينها وبين المجموعة نفسها والإدارة.

بالإضافة إلى ذلك نهتم بالتوظيف السليم لساعات العمل لضمان إنتاجية أفضل، فساعات العمل الطويلة ليست بالضرورة أكثر إنتاجية. نحاول أيضاً خلق قياديات داخل المجموعة الواحدة لأن هذا التغيير السلوكي الذي يكمن في إعطاء بعض الصلاحيات للموظفين، يلعب دوراَ كبيراَ في زيادة الإنتاجية وتعزيز شعور الإنتماء للمجموعة. بالطبع هذه الإستراتيجيات تختلف من شركة لآخرى نظراً لخصوصية ثقافة الجماعة في كل شركة.

ما هي أبرز العراقيل التي واجهتك في "The Catalyst " وكيف تخطيتها؟

لا شك أن كل مرحلة تأسيسية تواجه بعض التحديات، قد لا نحتاج إلى رأس مال ضخم لتكوين منتج ملموس، ولكن ​قطاع الخدمات​ بشكل خاص قائم على التحديات لأن نتائج هذه الخدمات وفعاليتها لا تظهر إلا بعد حين. لذا التحدي الأكبر هو أن تقدم خدمتنا قيم مضافة لتتمكن من إثبات قدراتها. بالإضافة إلى عامل الوقت الذي يُثبت مدى فعالية هذه الخدمات بعد أن يستفيد منها عدة أطراف.

نعمل الآن على توسيع قُطر نشاط عملنا جغرافياً ليضم السوق الخليجي أيضاً.

برأيك ما هي أبرز الصفات التي تسهم في نجاح الفرد وتحويله إلى قائد في عمله؟

برأيي القائد الناجح هو الشخص الذي يحرر القيادات ضمن الكوادر التي يعمل معها. قد أكون قائدًا جيدأً يلجأ له جميع افراد المجموعة، ولكن القائد الممتاز هو الشخص الذي يخلق قيادات، يُشعر كل فرد في المجموعة أنه قادراً على تطوير قدراته، ويساعدهم على تخطي الحواجز الوهمية التي يحدّون أنفسهم بها.

بإختصار القائد هو صانع القادة الجدد، هو من يتحدي غيره لينتج ويبدع ويطور من مهاراته.

من خلال خبرتك المهنية، ما هي النصيحة التي تود إيصالها للشباب الذين تشاركهم نفس الشريحة العمرية؟

انا مقتنع أن الإنسان يساوي مجموعة الأفكار والسلوكيات التي يحملها عن نفسه، فإذا إعتبر الفرد إنه غير قادر على الإنتاج فهذه حقيقة لانه حدّ نفسه ومنع نفسه من الوصول إلى مكان آخر.

تجربتي تقول أن الأشخاص الناجحين هم الأشخاص الذين كسروا الصورة النمطية الإجتماعية التقليدية وهي ما يطلبه المجتمع من ​الشباب​ كالتخصص في مجال يضمن له عيشة كريمة أو "برستيج" ووظيفة مضمونة ، ولكن برأيي لكي ينجح الشخص عليه كسر هذه الصورة النمطية، وليقوم بذلك عليه ان يثق بنفسه أولاً، وأن يُدرك انه يتمتع بمساحة الحلم وإن لم تكن متوفرة يجب أن يخلقها بنفسه، وأن يقتنع بأن كل ما يفكر به هو الواقع الذي لن يتغير الا بتغيير افكاره.