أشار رئيس ​جمعية مصارف لبنان​ ورئيس ​الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب​ د. جوزف طربيه، الى انه "على الرغم من مرور حوالي عشر سنوات على إنفجار الأزمة المالية العالمية، لا تزال الجهات الرقابية و​المصارف​ حول العالم تأخذ العبر والدروس منها، ولا تزال لجنة بازل للرقابة على المصارف تطور مقترحاتها للعمل المصرفي السليم والإدارة الحكيمة للمخاطر المصرفية. وكما تعلمون، فقد دفعت الأزمة المالية العالمية إلى مراجعة شاملة ودقيقة للأنظمة والتشريعات والقواعد المصرفية الدولية التي كانت سائدة قبل العام 2007، بحيث قامت الهيئات الرقابية من دون إستثناء، بإجراء دراسات وتحليلات شاملة لإكتشاف مكامن الضعف في أنظمتها المالية والمصرفية وإعتماد الإصلاحات المطلوبة لتعزيز صمود هذه الأنظمة وجعلها أقل تآثراً بالأزمات".

وأضاف: "تبيّن أن العديد من المصارف لم يكن لديها رأسمال كافٍ لدعم وضعية المخاطر التي إتخذتها. كما أظهرت ضعفاً كبيراً في إدارة ​السيولة​ في العديد من المصارف. كما بيّنت ضعفاً واضحاً في إدارة المخاطر المصرفية.وبنتيجة ذلك، عمدت لجنة بازل إلى القيام بتعديلات واسعة وشاملة على قواعد العمل المصرفي التي كانت سائدة آنذاك، وهو ما كان يُعرف ببازل 2. ومن ثم أضافت قواعد وأسس جديدة ومبادئ ومفاهيم جديدة، شكّلت بمجملها ما أصبح يُعرف اليوم ببازل 3".

وجاءت كلمة طربيه خلال افتتاحه ونائب حاكم ​مصرف لبنان​ هاروتيون صاموئيليان، المنتدى المصرفي لمدراء الإئتمان في المصارف والمؤسسات المالية العربية، في فندق كورال بيتش – بيروت، بحضور ممثلين عن 14 دولة  عربية وخليجية واجنبية ، إضافة إلى خبراء محليين وعالميين في ادارة الائتمان.

وأوضح طربيه انه "من ضمن الدروس المهمة التي أعطتها الأزمة المالية العالمية، التركيز على أهمية قيام المصارف بتقوية عمليات تخطيط رؤوس أموالها (Capital planning)، حيث أظهرت الأزمة أن عمليات تخطيط المصارف لرؤوس أموالها لم تكن شاملة بما فيه الكفاية، أو غير تطلعية بشكل ملائم (forward-looking)، أو مصممة على نحو كاف (Adequate). ونتيجة لذلك، قلل بعض إدارات المصارف من تقدير المخاطر الكامنة في أعمالها، ما أدى بدوره إلى تقدير خاطىء لاحتياجات رأس المال.

وكان التراكم المفرط للمديونية داخل ميزانية المصارف وخارجها، أيضاً أحد الأسباب الرئيسية وراء الأزمة المالية العالمية.  وفي كثير من الحالات، سجلت المصارف على رافعة مالية مفرطة. وفي الوقت نفسه، أظهرت أنها تحتفظ بنسب رأسمال قوية على أساس المخاطر (Risk-based capital ratios). وخلال الأزمة، كانت المصارف مجبرة على تخفيض مديونيتها، بطريقة أدت إلى خلق ضغوط على أسعار الأصول. وقد فاقمت عملية تقليص المديونية هذه الخسائر، وإنخفض رأسمال المصارف، وإنكمش الائتمان.

وقد شملت العناصر الرئيسية لإصلاحات لجنة بازل في مرحلة ما بعد الأزمة تحسين جودة رأسمال المصرف، وزيادة متطلبات رأس المال، وتعزيز إدارة المخاطر والحد من تقلبات الأصول المرجحة بالمخاطر، وتقييد الرافعة من خلال فرض نسبة دنيا للرافعة المالية. وبالإضافة إلى ذلك، تضمنت هذه الإصلاحات العناصر التالية:

•    إعتماد نهج موحد لمخاطر الائتمان.

•    إعتماد تنقيحات على النهج القائم على التصنيفات الداخلية لمخاطر الائتمان.

•    إعتماد تنقيحات لإطار تعديل تقييم الائتمان (CVA).

•    إعتماد نهج موحد لمخاطر التشغيل، والذي سيحل محل المعايير الحالية".

ورأى ان "إن التقلبات المستمرة في أسواق الإئتمان والتطورات المتسارعة في إدارة المخاطر على مستوى العالم، يشكلان تحدياً صعباً أمام مهنيي اليوم لتقييم الجدارة الائتمانية على نحو فعّال والحد من الخسائر. ولذلك، فقد قامت لجنة بازل للرقابة المصرفية بمراجعة إطار مخاطر الائتمان كجزء من حزمة إصلاحات بازل 3. وتسعى المراجعات إلى استعادة المصداقية في حساب الأصول المرجحة بالمخاطر وتحسين قابلية مقارنة نسب رأس المال للمصارف.كما تم الكشف عن نقاط الضعف في ممارسات إدارة المخاطر  المرتبطة بالمشتقات خلال الأزمة المالية العالمية، مما أدى إلى قيام لجنة بازل بتقوية إطارها لمخاطر ائتمان الطرف المقابل (counterparty credit risk) في معاملات تمويل الأوراق المالية والمشتقات".

وتابع: "من أهم التطورات الملحوظة في المصارف التجارية على مدى السنوات الماضية هو ظهور ممارسات الإدارة النشطة للمخاطر الائتمانية، التي مكّنت تلك المصارف من إدارة مخاطر الائتمان لمحافظها وتحسين ربحيتها وتخفيض معدلات التأرجح في الإيرادات وزادت من سيولة رأسمالها واستعماله بطريقة أفضل إستفادت منها المصارف وعملاؤها لأن التوجه في إدارة المخاطر أصبح يقوم على الربط بين خطر الائتمان وكفاية رأس المال المطلوب لمقابلته خاصة بالنسبة لتلك المصارف التي تستعمل أنظمة التصنيف الداخلية الأساسية والمتقدمة".

ولفت الى ان "إطار بازل 3 شكّل عنصراً مركزياً في استجابة لجنة بازل للأزمة المالية العالمية. وقد ركزت المرحلة الأولى من إصلاحات بازل 3 – والتي نشرت عام 2010 – على معالجة بعض أوجه القصور الرئيسية في الإطار التنظيمي لما قبل الأزمة ، بما في ذلك:

أولاً:    تحسين جودة رأس المال التنظيمي للمصارف من خلال التركيز بشكل أكبر على رأس المال الأساسي.

ثانياً:    زيادة متطلبات رأس المال لضمان قدرة المصارف على تحمل الخسائر في أوقات الضغط.

1)    إضافة عناصر احترازية إجمالية إلى الإطار التنظيمي، عن طريق: إدخال مخزونات رأس المال التي يتم بناؤها في الأوقات الجيدة ويمكن سحبها في أوقات الضغط للحد من التقلبات الدورية؛

2)     إنشاء نظام يحدّ من المخاطر الشاملة الناشئة عن الترابط بين المؤسسات المالية؛

3)    وضع مخزون رأسمالي لمعالجة العوامل الخارجية التي تنشئها المصارف المهمة نظامياً.

ثالثاً:     تحديد الحد الأدنى لنسبة الرافعة المالية لتقييد المديونية الزائدة في النظام المصرفي وإتمام متطلبات رأس المال المرجحة بالمخاطر؛

رابعاً: إدخال إطار دولي للتخفيف من مخاطر السيولة المفرطة، من خلال نسبة تغطية السيولة ونسبة صافي التمويل الثابت".

ومن جهته صاموئيليان، أكد انه "بعد عشر سنوات على مرور الازمة المالية نستطيع ان نؤكد ان القطاع المصرفي العالمي والعربي اصبحا اكثر دقة واكثر متانة".

وأشار الى ان "المعايير الدولية للابلاغ المالي 9IFRS اخذت حديثا في الاعتبار سيرورة عمل الائتمان في المصارف"، مشيدا بالمصارف اللبنانية "التي بدأت بتطبيق هذه المعايير بنجاح رغم جميع التحديات".

وأضاف: "بهدف الامتثال لمتطلبات المعايير الدولية للابلاغ المالي 9IFRS قام مصرف لبنان بخطوات، اذ اصدر في 7 تشرين الثاني 2017 التعميم رقم 143 المتعلق بتنفيذ المعايير الدولية للابلاغ المالي. كما انه اصدر بتاريخ 15 كانون الثاني 2018 التعميم رقم 484 يتعلق بالمادة 19 من التعميم 143. وعلى المستوى الجزئي level- Micro والتقليل من مخاطر الائتمان ، بدأ مصرف لبنان منذ عام 2015 بتنظيم مؤسسات الائتمان الصغيرة (Counters) وفي الثالث من شباط 2016 انشأ مصرف لبنان وحدة الامتثال".