أعلنت وزيرة التنمية الإدارية في حكومة تصريف الاعمال د. ​عناية عز الدين​بأن "الأرقام تشير الى ان قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ​لبنان​ نما بمعدل تراكمي بلغ 7% في الأعوام الأخيرة. ومن المتوقع ان يشهد نموا بنسبة 9.7% بحلول العام 2019. وقد اثبتت التجربة اننا نملك ميزات تنافسية في هذا المجال سمحت بظهور شركات ناجحة وصلت الى العالمية وذلك بفضل الطاقات البشرية المبدعة والمبتكرة في مجالات الهندسة والبرمجة والتصميم الفني والابداع الاعلاني والاعلامي والثقافي". 

جاء ذلك خلال إفتتاحها لمؤتمر المعلوماتية والاتصالات الذي ينظمه الفرع الثالث (مهندسو الكهرباء الاستشاريون) في نقابة المهندسين في بيروت ويستمر يومين تحت عنوان: "تكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات في لبنان: نحو مستقبل أكثر إشراقا"، والذي حضره رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين النقيب المعمار جاد تابت، النقيب السابق صبحي البساط، الرئيس المدير العام لهيئة اوجيرو عماد كريديه، المدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات المهندس باسل الايوبي، المدير العام للانشاء والتجهيز في الوزارة المهندس ناجي اندراوس وممثلون عن قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية ومديرون عامون وأصحاب شركات اتصالات ومعلوماتية وممثل رئيسة الجامعة الإسلامية في لبنان الدكتور حسن نورا وأساتذة جامعات ومهندسون وطلاب من كليات ومعاهد التكنولوجيا في جامعة من لبنان.

واضافت عز الدين: "صحيح ان نمو قطاع دون قطاعات اخرى ليس حالة صحية على المستوى الاقتصادي الوطني، وصحيح ان هذا الامر يعتبر من التشوهات التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني، الا ان ميزة قطاع تكنولوجيا المعلومات انه يساعد على إيجاد بيئات استثمارية تكاملية ما بين القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل القطاع المالي- المصرفي والقطاع المعلوماتي- الاتصالاتي والقطاع النفطي وسائر القطاعات الصناعية - الخدماتية - الزراعية كما ان دعم الجهات المعنية للتحول نحو اقتصاد المعرفة وتقديم الحوافز يمكن ان يؤدي الى نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة. ومن ميزة هذا القطاع ايضا انه يعتبر مصدرا أساسيا من مصادر التنمية الشاملة والمستدامة، من حيث المساهمة في دعم النمو والإنتاج، وتأمين فرص العمل، وابتكار الآليات البيئية، وتحسين الشروط الصحية".

ورأت "ان هناك علاقة وثيقة بين قطاع تكنولوجيا المعلومات وتحديث المناهج التربوية - التعليمية". وقالت: "ان ارساء نظام تعليم فعال يعتبر منصة انطلاق لاقتصاد المعرفة الذي يترك بدوره أثرا على تغذية روح الابتكار. ان التعليم العالي النوعي يعتبر حجر الزاوية الرئيسي في بناء قطاع التكنولوجيا والمعلومات بشرط ان يتم التركيز على تحسين مخرجات التعليم وسد الفجوة التي تفصل بين حاجة سوق العمل وما تنتجه مؤسسات التعليم العالي والتطوير الدائم للاختصاصات العلمية (مثل الهندسة والرياضيات والعلوم والتكنولوجيا) والتعليم المهني، اضافة الى التركيز على البحث العلمي وتطوير المهارات".

وتابعت: "ما أود الاضاءة عليه والفت الانتباه اليه امامكم اليوم، هو العلاقة بين اقتصاد المعرفة والحوكمة الرشيدة بما تعنيه من بناء مؤسسات شفافة وفعالة وخاضعة للمساءلة. مؤسسات يمكنها ان توفر القرارات والسياسات والاستراتيجيات والبرامج التي تساهم في قيام مجتمع يسوده الاستقرار والعدالة. كما اود ان اضعكم في اجواء الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي التي انجزناها في وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية والتي هدفت الى رفع مستوى الكفاءة والفعالية للعمليات والاجراءات في القطاع العام والى تقليل تكاليفها واعادة هندسة اجراءاتها وتقديمها الكترونيا بفعالية وسرعة ودقة وفي الوقت المناسب وتحقيق التكامل بين المشاريع الحكومية والقطاعات الخاصة بما يخدم الاقتصاد الوطني. وكما تعلمون، لبنان لم يشهد اي عملية شاملة للاصلاح الاداري منذ خمسين عام وتحديدا منذ زمن الرئيس فؤاد شهاب". 

وقالت الوزيرة عز الدين: "اعتقد انكم كمهندسين اكثر من يدرك ان تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يمكن ان تشكل فرصة حقيقية للقيام بعملية جذرية لتطوير اسس الادارة العامة"، مشيرة الى "ان مشروعنا لم يكن الاول في لبنان. ففي العام 2002 تم وضع اول استراتيجية للحكومة الرقمية ثم تمت مراجعتها في العام 2007. ما كان لافتا انها عكست طموحات عالية على مستوى المبادىء وطريقة التفكير وانما وللاسف فإن التنفيذ شابه الخلل. فقد اعتمدت الدولة مبدأ توريد هذه المشاريع الى الشركات الخاصة بشكل كامل ولم تعمل على بناء القدرات داخل القطاع العام ما ادى الى مشاريع الكترونية في ادارات مختلفة وعديدة لكنها مفككة وغير مترابطة وتعمل ضمن جزر مبعثرة غير قادرة بالنتيجة على تأمين خدمات للمواطنين بشكل الكتروني او رقمي".

اضافت: "على العكس من ذلك جاءت استراتيجية العام 2018 حريصة على جعل الخدمات رقمية by default عن طريق تطوير الادارات داخل القطاع العام. لقد كنا حريصين على بناء القدرات داخل هذا القطاع، وفي المجتمع عن طريق المناهج التربوية والتعليمية. كما اخذنا بعين الاعتبار اهمية العمل التشاركي (collaborative approach) لتطوير الصناعة الرقمية ولتبني المعايير العالمية للقيام بهذا التحول الرقمي لمراعاة المستوى العالمي القابل للتنافس".

وأكدت عز الدين "ان التقنيات الرقمية تؤثر على طريقة العيش والتفاعل والتعلم والاستهلاك والابداع"، مشيرة الى "ان الاقتصاد الرقمي المرتكز على الاستعمال الابداعي للبيانات وانتاج الخدمات والمنصات سيكون له تأثير كبير وسينمو بسرعة فائقة (exponential growth) وسنعتمد على الاجيال اللبنانية التي تتمتع بمستوى تعليم عال ومهارات قيمة. ونطمح ليكون لبنان مركزا عالميا في هذا المجال (Digital Hub) ما سيساهم في ازدهار الاقتصاد الرقمي في المنطقة، وهذا سيخلق عشرات الاف الوظائف كل سنة وسيساعد بقوة في تحويل الاعمال والمؤسسات الى مؤسسات ابداعية فعالة ومنافسة على مستوى عالمي تؤسس للحكومات المفتوحة وهي مرحلة متقدمة من الحكومة الالكترونية".

وقالت: "ان هدفنا كان هو ان تغير التكنولوجيا الواقع وان تساهم باعادة الثقة بين المواطن والدولة وصولا الى التنمية المستدامة لكل المجتمع، وليس فقط النمو للقطاع، مع ادراكنا العميق بأن هذه الاهداف لا يمكن ان تتحقق بشراء التكنولوجيا فحسب. المطلوب هو تطويرها ودمجها واتقانها محليا وهذا يتحقق بفضل جهود الطاقات البشرية اللبنانية التي اثبتت كفاءة عالية في عالم تكنولوجيا المعلومات وعلى رأسهم المهندسين المنتسبين الى نقابتكم الكريمة".

وختمت: "ان الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي تنتظر في ادراج الحكومة. تنتظر قرارا سياسيا استراتيجيا بمستوى شعار من اجل مستقبل افضل. ولكن هذا القرار وغيره من القرارات الهامة على مختلف المستويات يحتاج اولا الى حكومة وحدة وطنية متآلفة دون اقصاء اي طرف ودون تهميش اي مكون. ان ما تشهده البلاد على كافة الصعد الامنية والسياسية والاهم الاقتصادية تتطلب الاسراع بتأليف الحكومة. فالوضع الاقتصادي يزداد سوءا يوما بعد يوم، ومظاهر تحلل الدولة تزيد ولا بد من حكومة سريعة للمباشرة باصلاح وترميم وهندسة ما أمكن من الازمات المتراكمة".