الشاب اللبناني في حالة صراع بحثاً عن وظيفة تناسب شهادته الجامعية، وينتظر بفارغ الصبر لحظة لقاءه مع مدير الموارد البشرية في أي مؤسسة. وباتت مواقع الشبكة العنكبوتية مليئة بقواعد وأداب مقابلات العمل، لذا شخصيتنا اليوم تتحدث عن أحد هذه الشخصيات ولكن دوره لا يختصر بالتوظيف فحسب بل في رصيده خبرة إدارية لا يستهان بها سمحت لها بإختراع "المجهر الإداري" لقياس العوامل غير المرئية في المنظمات والذي حصل على براءة الإختراع فيه مؤخراً من وزارة الإقتصاد والتجارة.

ولنتعرف عليه أكثر كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع المخترع أحمد نعوس الذي شاركنا أبرز محطات حياته الأكاديمية والمهنية.

- كيف تختصر مسيرتك الأكاديمية وبداية رحتلك المهنية؟

بدأت مسيرتي الأكاديمية من الجامعة الأميركية في بيروت في عام 2005 بعد قبولي بماجستير في برنامج المال والأعمال بمنحة كاملة بعد توفقي في جامعة بيروت العربية في قسم المحاسبةبمساعدة من قبل والدي الذي يملك محل حلاقة نسائي في الحمرا.

إنطلقت حياتي من هذا الصرح العلمي وعملي في الجامعة في قسم الاقتصاد وتدريبي في ذلك الوقت للطلاب الجدد "Freshman" و حضور اجتماعات أوكلت الي من قبل دكتور نادر قباني.

في هذه الفترة تعرفت إلى أحد الأصدقاء الذي نصحيني بتغيير مسار دراستي لأتخصص في مجال الموارد البشرية الذي أكد لي أنه سيزدهر في الفريب العاجل. خلال هذه الفترة الزمنية الدكتور جون ماكسويل يدرب موظفي قسم الموارد البشرية فتعرفت إليه وأصبح صديقي منذ ذلك الوقت وتعرفت أيضاً على نظام البطاقة المتوازنة التي قام بتطويرها دكتور روبرت كابلن ودكتور دايفيد نورتن خلال العام 1991. وبدأت مسيرة من البحث من 2005و تدرج في الدراسة الى ان استطاعت في عام 2017 تطوير البطاقة الى علم تنفيذ استراتيجيات الادارة وتطوير "مجهر اداري "لقياس العوامل غير المرئية في المنظمات تم تسجيل براءة الاختراع في وزارةالاقتصاد والتجارة.

أما رحلتي المهنية فبدأت من شركة "اتحاد المقاولين العرب" كإداري في مجال الموارد البشرية و المعدات من السعودية، وكانت بداية شاقة في مشروع في الخرسانية لأحصل على اول خبرة في الموارد البشرية وقد نجحت في تأسيس قسم عال الخبرة الذي قام بالمقابلات والتوظيف والتدريب، وتكلل النجاح بحصولي على جائزة من قبل شركة "ارامكو" و "بيكتل" لتحقيق 50 مليون ساعة عمل بدون أضرار مادية أو جسدية. 

من بعدها انتقلت الى قطر في العام 2008 وأسست قسماً آخر للموارد البشرية. وعدت إلى لبنان وتم قبولي في جامعة "AUL" في قسم الموارد البشريةوتدرجت على السلم الوظيفي من عام 2009 حتى وصولي الى منصب رئيس قسم الموظفين.

كان من المتوقع ان أعمل لمدة ثلاث أشهر في الجامعة فقط وأن أسافرمجدداً الى ان وجدت نفسي أنجز عشر سنوات في هذا الصرح التعليمي مؤسسا قسم لادارة الموارد البشريه محدداً مهامه ورؤياته.

- ما هي أبرز العراقيل التي واجهت مسيرتك المهنية وكيف تخطيتها؟

من أبرز العراقيل التي واجهت مسيرتي الأكاديمية كانت عدم توفر إختصاص المواد البشرية في الجامعات كما هو الحال فب هذه الأيام ولكني إستندت إلى خبراء الإختصاص وتمكنت من خلال برنامج الدكتور جون ماكسويل وخبراء الموارد البشرية المعتمدين في العالم أن اتغلب على هذا التحدي إلى ان تم تعيني كعضو في منظمة البطاقة المتوازنة.

لا شك أن العامل المادي شكل لي تحدياً لا يمكنني أن أتجاهله، ولكني كنت محظوظاً لحصولي على منحة كاملة عليها من الجامعة الأميركية في بيروت من قبل سيدة كريمة أحبتني كابنها وقدمت مختلف المساعدات وقالت لي: أتوقع لك مستقبلا باهرا".

-كيف ترتب العناصر التالية بحسب الأولوية لتأسيس مشروع ما: الشهادة الجامعية، رأس المال والخبرة؟

برأيي تأتي الشهادة الجامعية أولاً، فلتأسيس أي مشروع يجب تكوين المعرفة التي تمكن الفرد من التخطيط وإعداد خطة العمل.إذ يصعب تنفيذ أيّ إجراءات دون الاعتماد على خطّة عمل منظمةالتي تساعد على تحديد الطريقة المناسبة للبدء في تأسيس الشّركة؛ وذلك بتحديد طبيعة التمويل اللازم، وكميّة القوى العاملة، وحجم المبيعات المُتوقَّعة، والأسلوب المناسب للتّسويق، والتفاصيل الخاصّة بالمُنتَجات؛ لتقدير الإيرادات الماليّة المُتوقذَعة؛ لذلك يُعدّ إعداد خُطّة عمل شاملة هو الخطوة الأساسيّة للبدء في تأسيس شركة ناجحة.

أما ثانياً فيأتي عامل الخبرة، إذ أن المراحل التأسيسة لأي شركة تتطلب وجود بعض الأوراق الضروريّة والقانونيّة، مثل: شهادة تجاريّة خاصّة بالضّرائب، وحساب بنكيّ، ورخصة عمل؛ لذلك يترتّب على صاحب الشّركة التّواصل مع السُّلطات في الدّولة التي سيُؤسِّس فيها شركته.

أخيراً يأتي عنصر رأس المال، وبرأيي هو الاستفادة من خُطّة العمل والخبرة؛ لمعرفة كم تحتاج الشّركة من المال للمُباشَرة في تأسيسها، ومن ثمّ المُحافَظة على استمرار عمليّاتها؛ لتحقيق الإيرادات الخاصّة بها، وعند التفكير في الحصول على تمويل تجب معرفة المصادر المُناسبة لذلك، فمن المُمكن توفير التمويل من الموارد الماليّة الشخصيّة، أو من المُستثمِرين، أو عن طريق المُؤسّسات التي تُقدّم قروضاً ماليّةً، مثل: البنوك

-برأيك ما هي الصفات التي تميّز الفرد الناجح مهنياً عن غيره؟

التخطيط الاستراتيجي و المبادرة والابتكاروالجهد الجماعي. فالتخطيط الإستراتيجي ضروري لتحديد المسار الذي سوف تسلكه المؤسسة فكما يُقال:" إذا كنت لا تعرف إلى أين أنت ذاهب ، فإن أي طريق سيوصلك إلى هناك."

ثانياً تأتي المبادرة، وهي عندمت يبادر الشخص لتحقيق أهداف الشركة من خلال الإتيان بآساليب مبدعة للقيام بواجباته و التي تعمل على توفير الوقت، المال، الجهد والموارد. ثالثاُ الإبتكار وهو.الإبتكار من أهم عناصر حل المشكلة حيث يتجلى أبسط شكل من أشكال الإبداع في قدرة الموظف على خلق الحلول للمشكلة التي تواجهه لم يتطرق إليها أحدا قبله. اما اخيراً فيأتي الجهد الجماعي الذي يركّز على إنجاز أهداف مُعيّنة، والتّركيز على هذا الهدف، ممّا يدفع الأفراد للعمل بروح واحدة كأنّهم شخص واحد، ودعم كل شخص منهم للآخر، ومُساعدتهُ على الانجاز لأنّ النّجاح في الوصول إلى الهدف يعني نجاح جميع أفراد الفريق

-من منطلق عملك في الجامعة، ما هي الرسالة التي تود إيصالها للشاب اللبناني من خلال خبرتك الخاصة؟

أدعو الشباب الى الانخراط في الابداع والابتكار في مجتمعهم اللبناني رغم الظروف الاقتصادية الصعبة وهجرة معظم الأدمغة .فلبنان لا يزال يتغنى بجودة التعليم على مختلف المستويات وهذه تعتبر ميزة يجب الاستثمار بها لتخريج طلاب على مستوى عال من الكفاءة.

وأنصحهم بالتدريب ثم التدريب ثم التدريب ان كان خلال دراستهم أو بعد تخرجهم لأن البحث عن العمل يتطلب خبرة وهي لا تتحقق الا من خلال التدريب العملي في مختلف المؤسسات الرسمية والخاصة

وأنصحهم دائما بالعمل على تطوير المجتمع اللبناني وتفعيل دور المواطنة والبعد عن الجهل والآفات الاجتماعية المنتشرة والتي تعمل على تدمير مجتمعهم.