بحسب "مؤشر ​جمعية تجار بيروت​ – فرنسَبنك لتجارة ​التجزئة​" للفصل الثالث من سنة 2018، ظلت الأسـواق تتخبـّط وسـط إستمرار الضعـف في الحركـة خـلال الفصـل الثـالث مـن هـذه السـنة، وفي ظـل الإنخفاض في وتيرة توافد الأجانب والمغتربين وتأثيرها على الطلب الإسـتهلاكي خـلال فصـل الصيـف، لتشهد أكثريـة قطاعـات تجـارة التجزئـة حركة أضعف من التى كانت قد سجـّـلتها في نفس الفتـرة من السنة الماضية.

إن هذه الأوضاع هي بالطبع نتيجة لتضافر عوامل عديدة ما زالت تضغط على الأسواق. بالإضافة الى قلة الزوار الأجانب والمغتربين اللبنانيين، يتوجـّب ملاحظة الضعف المتنامي في القدرة الشرائية لدى نسبة كبيرة من الأسر اللبنانية نتيجة لإستمرار الأوضاع الإقتصادية المتأزمة التي تضرب مختلف القطاعات وعدم التوصـّـل الى حلول ناجعة فيما يتعلـّـق بمنافسة القوى العاملة السورية النازحة القوى العاملة اللبنانية على الوظائف في أسواق العمل المحلية على إختلاف قطاعاتها. ذلك طبعاً علاوة على عدم الإسراع في تشكيل حكومة جديدة بعد الإنتخابات النيابية التى جرت في أواخر الفصل الثاني، حيث أن الجميع، وعلى رأسهم القوى الإقتصادية، تعي بأن حكومة تصريف الأعمال لا يمكن أن تـُـقدم على أي إجراءات أو برامج إنقاذية للإقتصاد، وعليه أن تـُـقدم أي جهة، لبنانية كانت أم أجنبية، الى القيام بأي ​إستثمارات​ جديدة منتجة الى حين تشكيل حكومة جديدة.

عليه، فإن كل الآمال مربوطة بالتشكيلة الجديدة ولا سيما بالوزراء والوزارات المعنية فيها، وبإستعجال هؤلاء في وضع الخطة الإنقاذية اللازمة وإتخاذ التدابيرالمطلوبة لبدء الإستفادة من ​المساعدات​ التى حصل عليها لبنان في مؤتمر "CEDRE" في شهر نيسان الماضي. إن عودة هكذا إستثمارات الى البلاد لا بد أن تكون كفيلة بإعادة الحيوية للعجلة الإقتصادية وإسترجاع القطاعات، على إختلافها، لنمط عمل مقبول في ظل أوضاع مؤاتية. ذلك علاوة على الشروع بالعمل بالتوصيات التى آلت إليها دراسة ​ماكنزي​ للنهوض بالإقتصاد الوطني.

إنما يجب التنويه على أن تلك العوامل الإيجابية –غيرالمضمونة لحينه، لن يكون لهاالمردود المرجو على المدى القصير.

أما على المدى المنظور، فسوف يتوجـّـب على الجهات المعنية والمختصـّـة في الحكومة العتيدة وضع خطـّـة إنقاذية سريعة المفاعيل، تساهم في إعادة السيولة الى الأسواق وإعادة تحريك العجلة الإقتصادية ولا سيما الإستهلاكية في البلاد، على أن تحفـّـز هكذا خطـّـة إستعادة المنحى التنموي الغائب.

لحينه، ما زالت أرقـام الأعمـال المجمّـعة تسجـّـل تراجـعاً حـاداً خلال الفصل الثالث لهذه السنة بالمقارنـة مع الفصـل الثـالث لسـنة 2017، وأيضاً جـاءت النتائـج بالمقارنـة مـع الفصـل الثـاني مخيبـة للآمـال، حيث لـم تشـهد القطاعات سوىتحسـّناً متواضعاً بالرغـم مـن عوامـل الإصطيـاف وحلول عيـد الأضحـى، وهي محطـّـات أساسية ينتظرها ​التجار​ بشغف لتحسين مستويات مبيعاتهم السنوية.

وظل مؤشر غلاء المعيشة خلال هذه الفترة يتابع مساره التصاعدي، حيث بلغ 6.53% ما بين الفصل الثالث من 2017 والفصل الثالث من هذه السنة، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي. أما التضخـّم في كل قطاع على حدة فقد بلغ مثلاً  21.44 % في قطاع الألبسة والأحذية،  13.88 % في قطاع ​الماء​ و​الكهرباء​ و​المحروقات​ الأخرى،  8.81 % في ​قطاع النقل​، 5.94 % في قطاع الإستجمام والتسلية والثقافة، 5.30% في قطاع ​المواد الغذائية​ والمشروبات غير الروحية، 4.13% في قطاع التعليم...

ويتوجـّـب التشديد على أن جزءاً كبيراً من هذا التضخـّـم هو ناتج عن الزيادات في الرسوم والضرائب كما والضرائب المستحدثة التى أقرّها ​مجلس النواب​ والتى سبق أن تمّ التحفـّـظ على تطبيقها من قـِـبل ​الهيئات الإقتصادية​، لا سيما في ظلّ هذه الأوضاع غير المؤاتية للإقتصاد اللبناني. والنتيجة كما نرى هي إستمرار إرتفاع الأسعار في كافة قطاعات ​تجارة التجزئة​، بالرغم من التضحيات الكبيرة التى يلجأ إليها التجار لجهة الأسعار والتخفيضات والتسهيلات في الدفع...