الخلاف الذي نشأ عن بيع منزل فخم في العاصمة العراقية ​بغداد​، لم يكن بين شريكين متخاصمين في التجارة، بل بين سيدة لبنانية من جهة، وشقيقها وصديقه من جهة أخرى، استتبع شكوى قضائية أقيمت في ​بيروت​ أسبغت فيها السيدة تهمة الاحتيال على أخيها وصديقه، وانتهت بقرار ظنّي صوّب فيها القضاء اللبناني مسار القضية.

تقدّمت "ماري. م" وهي عراقية الأصل وتحمل الجنسية اللبنانية، بشكوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، ادعت فيها أنها تملك منزلاً في منطقة الكرادة في بغداد، وأن شقيقها المدعى عليه "جورج. ك" أقنعها بضرورة بيع المنزل المذكور بسبب الأوضاع الأمنية المتردية في بغداد، وقد عرّفها على صديقه المدعى عليه "بركان. م" وهو من التابعية العراقية أيضاً، وتمّ الاتفاق بينها وبين المدعى عليهما على وجوب تحديد ثمن المنزل بمبلغ 500.000 دولار أميركي.

اقتنعت "ماري" بنصائح شقيقها "جورج" بأن توقع له على ثماني أوراق على بياض من أجل تسليمها الى "بركان" الذي سافر الى العراق لإتمام عملية البيع لشخص يرغب بشراء المنزل، وبعد ذلك بدأ الأخير يراسلها عبر الانترنت، بحجة وجوب تصحيح بعض الأوراق العائدة لملكية المنزل ودفع التكاليف والمصاريف المتوجبة في ذمتها على اجراء عملية التصحيح المطلوبة، وعندما اتصلت بشقيقها "جورج" شجعها على اتمام عملية البيع عبر "بركان" الذي أصبح باستلامه جميع الأوراق الموقعة منها متحكماً بالأمر.

بعد حوالي السنة حضر المدعى عليهما الى منزلها برفقة "صلاح. س" بصفته المشتري للمنزل، وتم التوقيع على عقد بيع ممسوح حدد فيه ثمن المنزل بمبلغ 465.000 دولار، وبعد التوقيع على العقد سلّمها "جورج" و"بركان" شيكاً بقيمة 320.000 دولار بوجود الشاري، وتعهدا بتسديد المبلغ المتبقي في غضون أيام قليلة، ثمّ عادت وتبلغت شكوى جزائية مقامة ضدها في العراق من شخص يدعى "موسى. م" بموضوع ملكية المنزل، وعندما راجعت شقيقها "جورج" وطالبته بوجوب تسديد باقي الثمن، أعلمها أن المبلغ المتبقي هو بدل مصاريف لصديقه "بركان"، مؤكدة أنها علمت لاحقاً من المشتري أنه تم بيع المنزل إليه بمبلغ 522.000 دولار أميركي.

ولدى مراجعة المراسلات المرفقة بالشكوى، تبين أن عملية البيع استدعت دفع مصاريف لمحامٍ في العراق، ومعقبي معاملات وغيرهم من الأشخاص، وأظهرت أوراق الدعوى أن عقد البيع موقع في بيروت، وأن صلاحية النظر في شأنه عائدة لمحاكم بغداد، علماً أن ثمة نزاعاً لا يزال عالقاً أمام المحاكم العراقية حول صحة انتقال ملكية المنزل الى المدعية وتسجيله على اسمها.

قاضي التحقيق في بيروت ريتا غنطوس التي وضعت يدها على القضية، أشارت في قرار ظني أصدرته بشأنها، الى أن النزاع الذي يدور حول عملية بيع المنزل في بغداد، يكتنفه ظروف غامضة مستمدة من واقع ما يشوب أمر انتقال ملكية المنزل للمدعية وكيفية اجراء عقد البيع الممسوح، وتحديد ثمن المبيع واستلام المدعية لشيك مصرفي لقاء عملية البيع بقيمة تقلّ عن الثمن المحدد في عقد البيع من دون تحفظ من قبلها، وعدم انكارها لوجود مصاريف إضافية سددت بغرض تصحيح العقود العائدة للمنزل.

وأوضحت القاضية غنطوس في قرارها أن المدعية لم تبين في معطيات الشكوى ماهية المناورات الاحتيالية التي توسلها شقيقها "جورج" وصديقه "بركان" لإيهامها بوجوب بيع العقار ومن ثم الاستيلاء على فرق ثمن البيع المحدد في العقد، لا سيما وأنها تواصلت مع المشتري الذي حضر الى منزلها شخصياً، ووقعا على عقد البيع الممسوح، ودفع لها ثمن العقار موضوع هذه الدعوى، وبالتالي يكون النزاع القائم مفتقراً لأي من عناصر جرم الاحتيال المسند الى المدعى عليهما، ولا ينطبق عليه أي وصف جرمي.

وخلصت القاضي غنطوس الى اتخاذ القرار بمنع المحاكمة عن المدعى عليهما "جورج. ك" و"بركان. م" لجهة جرم الاحتيال، واسترداد مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحق "جورج" وحفظ أوراق القضية.

خاص ــ الاقتصاد