لا شكّ أن الإقتصاد ال​لبنان​ي، وفي ظل الحالة السياسية التي يعيشها، يعاني ككل من أزمة حقيقية؛ إلا أن الخسائر تفاوتت بين قطاع وآخر. قطاع ​العقارات​ مثلاً، يشهد تراجعاً كبيراً منذ فترة لا بأس بها، تحديداً منذ اندلاع ​الأزمة السورية​، ليصل هذا التراجع الى الذروة مع مشكلة ​قروض​ ​الإسكان​ التي ظهرت هذا العام، ناهيك بالطبع عن تراجع القدرَة الشرائيَّة للمواطن، والقدرة الشرائية للمغترب نتيجة انخفاض ​معدلات النمو​ في البلدان التي يتواجدون فيها.

من هنا، بدأت المبادرات بشق طريقها وكان آخرها بداية هذا الأسبوع، حيث وقع "الاتحاد ​الكويت​ي لوسطاء العقار" ​اتفاقية تعاون​ مع "نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان" (REAL) في الكويت. ووقّع الإتفاقية عن الجانب الكويتي رئيس مجلس إدارة الاتحاد عبد المحسن الشرهان، وعن الجانب اللبناني نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى.

ولمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع النقيب موسى:

بدايةً، هل يمكن لك أن تطلعنا على تفاصيل الإتفاقية التي تم توقيعها مع الجانب الكويتي، وكيف ستساعد على إنعاش ​القطاع العقاري​ في لبنان بظل حالة عدم اليقين السياسية؟

بدايةً، تنصّ الإتفاقية على تبادل المعلومات في ما يخصّ ​المستثمر​ والمطوّر والوسيط العقاري، وتنظيم دورات تدريبية عقارية وورش عمل مشتركة وتبادل الخبرات التدريبية. كما تنص على التعاون لإنجاح المعارض العقارية سواء في الكويت أو لبنان.

كذلك تقضي الإتفاقية بإقامة ورش عمل مفتوحة لتعريف وتوجيه وإرشاد ​المستهلك​ بالآلية المتّبعة لشراء العقار في السوق اللبنانية وتوضيح القوانين المرعية الإجراء و​الأصول​ المتّبَعة وشرح المستندات المطلوبة. كما تتضمن إصدار لائحة بالمهن ذات الصلة في تعاطي الشؤون العقارية ووضعها بتصرف المهتمين بالاستثمار، تشتمل على أسماء شركات وأخصائيين بعد أن يكون قد جرى التأكد من شفافية عمل هؤلاء والتزامهم ميثاق الشرف الموضوع من قبل نقابة الوسطاء والاستشاريين اللبنانية، من مهندسين ووسطاء ومحامين ومكاتب هندسة، وسواهم.

أمّا بخصوص إنعاش القطاع العقاري اللبناني، فنرى إن الكويتيين اليوم يجب أن يستفيدوا من فرصة انخفاض أسعار العقارات في لبنان بحوالي 30% وأكثر من ذلك في بعض المناطق.

المستثمرون يرغبون بهكذا فرص، و​الكويتيون​ تحديداً يحبون السوق اللبناني لأنه ​قريب​ منهم جغرافياً وثقافياً. الكويتي معتاد على تملّك العقارات في لبنان، ونحن راغبون في تحويل الأوضاع السلبية الى فرص تعود بنتائج إيجابية على السوق اللبناني.

كيف تقيّم حالة القطاع العقاري منذ توقف قروض الإسكان في بداية العام والى حد اليوم؟

التأثير السلبي على القطاع العقاري جاء من عدة عوامل: أولاً الحالة السياسية والإقتصادية وثانياً، غياب الثقة بالإقتصاد اللبناني، وثالثاً، توقف القروض السكنية.

أدى توقف ​المؤسسة العامة للإسكان​ عن منح القروض إلى حدًّ ما لتوقف بيع الشقق التي يصل سعرها الى 220 ألف دولار، أما ​المصارف التجارية​ والتي تقدم قروض تصل الى 800 ألف دولار بفائدة 4.25% فاليوم ​سعر الفائدة​ ارتفع الى 10% ما أثر بشكل كبير على فئة الشقق التي يتراوح سعرها في هذا النطاق.

تم اتخاذ عدد من المبادرات لتحسين القطاع العقاري مؤخراً، بدءاً من السياسات التحفيزية لتشجيع المواطنين على شراء العقارات الى مبادرات مثل "Legacy One" التي أطلقها أمين سرّ جمعية مطوّري العقار في ​لبنان​ ​مسعد فارس​ ورئيس الجمعية نمير قرطاس، ألم تساهم هذه المبادرات بتحريك القطاع ولو حتّى من قبل المغتربين؟

نشجع كل مبادرة تؤدي الى إنعاش السوق العقاري. "Legacy One" مشروع خاص هدفه الربح العقاري وتركيزه ينصب على الشقق السكنية في بيروت، نتمنى لهم التوفيق وتحقيق النجاح الذي يطمحون إليه. ونؤكد من جديد أن نجاح أي مشروع عقاري يخلق حركة في السوق، لكن طبعاً الحالة السياسية والإقتصادية هي التي تحدد نجاح أي مشروع.

وندعو أي شخص لديه مبادرة تؤدي الى إنجاز عمليات بيع عقارية، الى القيام بها وسنكون داعمين له.

هل نحن مقدمون برأيك نحو فقاعة عقارية؟

لا أعتقد ذلك، هذا الوضع جاء نتيجة الحالة السياسية التي نعيشها، وفي النهاية إذا انهار الإقتصاد ستنهار معه كل القطاعات، وإذا صمد الإقتصاد ستصمد معه كل القطاعات.

الى متى سيتمكن القطاع العقاري اللبناني من الصمود وتحمل التأجيل بالحلول المستدامة؟

القطاع العقاري حقّق تراجعاً بنسبة 30% والآن الأسعار انخفضت، ما يأتي في سياق عملية تصحيح القطاع لنفسه، لأنه لم يعد قادراً على الصمود.

عندما تجتمع الأوضاع السياسية في لبنان وفي المنطقة بالإضافة الى الأوضاع الإقتصادية المتراجعة، القطاع العقاري لن يبقى صامداً بالتأكيد. قطاعنا صمد الفترة التي يمكنه الصمود فيها، ولكن منذ سنة، الحالة تغيّرت بشكل كبير فبدأت عملية التصحيح، ولكن بالتأكيد أنه ليس في وضع "الإنهيار"، الذي هو سيناريو مختلف كليًّا. نحن لم نشهد حالات إفلاس ولا زلنا بعيدين عن ذلك.

نلاحظ في الفترة الأخيرة أن عدداً كبيراً من ​الخليجيين​ يعرضون عقاراتهم للبيع، من خلال زيارتك اليوم كيف الصورة حالياً بالكويت؟ هل هناك خوف من الأوضاع السياسية في لبنان؟

تبيّن لي خلال زيارتي الى الكويت، أن الكويتيين بشكل خاص لا يخشون الأوضاع السياسية في لبنان وأنهم معتادون عليها أكثر من غيرهم. رأيت أن المستثمرين الكويتيين مهتمّون، ونحن سنقوم في وقت لاحق ببرنامج تسويق لعقاراتنا في الكويت.