خاص ــ الاقتصاد

العلاقة الوثيقة التي نشأت بين الرفاق على مقاعد الدراسة الجامعية، وتطوّرت الى علاقات تجارية بلغت حدّ تأسيس شركة هدفها تحقيق الأرباح، سرعان ما عصفت بها الخلافات المالية، وأطاحت بسنوات الصداقة الطويلة، لتنتهي تلك الصداقة بنزاع قضائي.

فقد تقدّم المدّعون "هبة. ج" وشقيقها "أنيس. ج" و"سعد. ن"، بشكوى مباشرة، عرضوا فيها أنه خلال شهر آذار من العام 2015، عرض المدعى عليه "ربيع. ف" عليهم الاستثمار في شركة أسسها تدعى super me، تهتم بتنظيم نشاطات ترفيهية وتعليمية للأطفال، وأوهمهم بأن المشروع قد حقق أرباحاً طائلة في السنوات السابقة، وبأن شراءهم لأسهم في هذه الشركة يشكل ضمانة أكيدة للمشاركة في الأرباح.

بعد أن أقنعهم "ربيع. ف" بأقاويله مستغلاً الصداقة العائلية، أجرى عرضاً تفصيلياً عن نشاطات الشركة وجدوى اقتصادية وجداول تبين التطوّر الحاصل في مداخيلها، ولدى التوقيع على عقود التفرغ عن الأسهم بينهم وبين المدعى عليه تبين أن الأسهم تعود لشركة أخرى اسمها edutainment s.a.l، ولدى سؤالهم له عن الاختلاف في الاسم، برر المدعى عليه بأن الأخيرة هي الشركة الأم التي تملك شركته super me وتديرها، وبأنها الوسيلة الوحيدة للاستثمار في هذا المشروع، وعليه قام المدعيان هبة وأنيس بتسديد مبلغ 40,000 دولار مقابل شرائهما نسبة 10% من أسهم شركة edutainment s.a.l، في حين سدد المدعي "سعد. ن" مبلغ 56000 دولار أميركي، بموجب عملية تحويل مصرفي من حسابه الى حساب المدعى عليه عبر أحد المصارف، مقابل 225 سهماً من أسهم الشركة المذكورة.

بعد استلام المدعى عليه "ربيع. ف" للمبالغ المذكورة، أخذ المدعون يراجعونه بشأن مدخول الشركة وأرباحها وتفاصيل نشاطها، الا أنه تهرب من الإجابة وامتنع عن الرد على هاتفه الخليوي، ومن ثم بادر الى ارسال رسائل الكترونية تفيد بتحقيق شركة super me أرباحاً، وكل ذلك بغرض خداعهم للكفّ عن إلحاحهم بالكشف عن الحسابات، وفي وقت لاحق تبين للمدعين أن لا رابط قانونياً بين شركة super me وشركة edutainment s.a.l، وأن الشركة الأولى ليس لها كياناً قانونياً كونها غير مسجلة كشركة تجارية أو حتى كمؤسسة، وأن الأرباح المتأتية من النشاطات التي تعود الى "ربيع" وحده وتدخل في ذمته المالية.

هذه الأفعال حملت المدعين (بحسب ما ورد في الشكوى) الى اعتبار أن المدعى عليه، استعمل الأساليب الاحتيالية ليستولي على أموالهم في مشروعه الخاص، عبر دفع بدلات ايجار مكاتب super me من حسابات شركة edutainment s.a.l، وهذه الأخيرة تتحمل خسائر الانفاق من دون ممارسة أي نشاط تجاري، وأن كامل رأسمال الشركة الأخيرة يبلغ 30 مليون ليرة لبنانية، في حين أن المدعى عليه باع أسهم تلك الشركة لهم مقابل 99000 دولار، وأن المدعى عليه تذرع بأن super me هي عبارة عن اسم تجاري يملكه، وقد تنازل عنه لشركة edutainment s.a.l، وأنه عقد جمعية عمومية من دون دعوتهم، واتخذ قراراً مع عدد من الشركاء بحل الشركة وإعلان افلاسها للتهرب من إعادة الأموال المأخوذة منهم احتيالاً، وخلص المدعون الى طلب اتهام المدعى عليه بجرم الاحتيال المنصوص عنه في المادة 655 من قانون العقوبات.

وخلال التحقيقات الاستنطاقية، أنكر "ربيع. ف" ما نسب اليه، وأفاد أن المدعي "أنيس" هو زميله في الجامعة، وأن شقيقة الأخير "هبة" هي صديقة شقيقته أيضاً، كما يوجد أصدقاء مشتركون بينهم، وأنه قام بتسجيل علامة تجارية باسم super me، قبل تأسيس شركة edutainment s.a.l، وأن الجهة المدعية علمت بتأسيس تلك الشركة من خلال المدعية "هبة" بشقيقته، وأن الجهة المدعية هي التي عرضت الدخول في شركة edutainment s.a.l كمساهمين، وأنه قام باطلاع المدعين على الجدوى الاقتصادية للشركة المذكورة جلال لقاء جمعهم، وانه استلم من المدعين شكين سجّلا ديناً في قيود الشركة، كما استلم مبلغاً من المدعي "سعد. ن"، وأنه تم التوقيع على عقود التفرّغ عن أسهم الشركة الأخيرة، بينه وبينهم وجرى تسجيلها أصولاً في السجل التجاري، وقد مارست الشركة المذكورة نشاطها قبل ثلاث سنوات في الـ orient queen في كليمنصو، وأن تلك الشركة لم تحقق أي أرباح، وأن المبالغ التي دفعتها الجهة المدعية تم صرفها على انشاءات المشروع، وقد تم اقفال الشركة بموجب قرار صادر عن الجمعية العمومية.

قاضي التحقيق في بيروت فريد عجيب الذي أجرى تحقيقاته في هذه الدعوى، اعتبر في قرار ظني أصدره، أن شركة edutainment s.a.l، التي استثمر فيها المدعون، قد أدارت فعلاً المشروع الذي عرضه عليهم المدعى عليه، لكن الشركة لم تمارس أي نشاط تجاري آخر، وأن المدعين سددوا قيمة الأسهم المشتراة منهم بموجب شيكات مصرفية، وأن شركة edutainment s.a.l أدارت بالفعل مشروعاً تجارياً تحت اسم super me في الـ orient queen في كيلمنصو، وأن عدم تسجيل مشروع super me على أنه مؤسسة تجارية لا يعني عدم استثمار الشركة لهذا الاسم، أو عدم استثمار الشركة للمؤسسة التي عملت تحت هذا الاسم على العقار رقم 375 في منطقة عين المريسة لمدة عشر سنوات.

وأكد القاضي عجيب في قراره، أنه لم يثبت أن المدعين الشركاء لم يتمكنوا من الاطلاع على حسابات شركة edutainment s.a.l، ويتضح من مجمل ما تقدّم أن النزاع الراهن هو نزاع مدني بحت، ما يقضي منع المحاكمة عن المدعى عليه "ربيع. ف" لعدم توفر جرم الاحتيال.