استضاف برنامج "​​الإقتصاد في أسبوع​​" من إعداد وتقديم ​كوثر حنبوري​ عبر أثير "إذاعة ​​​​​​​​لبنان​​​"، رئيس قسم الدراسات والأبحاث الإقتصادية في بنك "بيبلوس" ​نسيب غبريل​، الذي أشار إلى أهمية تشكيل حكومة فعالة في هذا الوقت تتخذ قرارات إصلاحية لتخفيض حاجات الدولة للإستدانة.

وأوضح غبريل أن "الإصلاحات يجب أن تبدأ أولاً بخفض النفقات العامة وتحسين الإيرادات من أجل تخفيض العجز بالموازنة وبالتالي تخفيض حاجة الدولة للإستدانة، وثانياً بتحفيز النمو الذي لم يتخطّى الـ2% سنوياً منذ العام 2011 ...ولهذا العام توقعاتنا تشير الى 1.3%"، مشيراُ إلى تقرير ​البنك الدولي​ "الذي قال ان الإصلاحات ملحّة، إلا أنني لا أوافق البنك من حيث نوع التهويل الذي يستخدمه حول أن آليات ​مصرف لبنان​ لم تعد مجدية وأنها لا تؤدي الى الهدف المنشود، فبالعكس سياسات مصرف لبنان ناجحة والبنك المركزي يعمل بشكل مستقل وهذه الميزة الأهم لأي مصرف مركزي في العالم، وهذا أمر واضح وموجود ومستمر في لبنان وهو عامل أساسي لاستمرار الإستقرار النقدي والإستقرار بالمالية العامة على الرغم من التراجع الذي تشهده واتساع العجز بالموازنة وبالتالي الحفاظ على الإستقرار الإقتصادي بالرغم من الجمود".

وردًّا على سؤال حنبوري حول التحذيرات الكثيرة في الفترة الأخيرة على الرغم من التراجع الذي يشهده لبنان منذ عدة سنوات قال غبريل: "هذه التحذيرات نتجت عن الفراغ الحكومي، أي منذ تكليف الرئيس ​سعد الحريري​ لتشكيل الحكومة الجديدة في 24 أيار. أحداّ لم يتوقع أن يستغرق تشكيل الحكومة هذه الفترة الطويلة التي تخطّت الستة أشهر...وكان هناك تصوّر من قبل اللبنانيين ووكالات التصنيف والمؤسسات والمعنيين بشكل عام، أن تأخير الإنتخابات النيابية عدّة مرات لإيجاد قانون انتخابي يصحّح التمثيل سيسهّل تشكيل حكومة فعالة ويحسّن أداء السلطة التنفيذية ما يسمح بالبدء بمرحلة اقتصادية ومالية جديدة".

وأضاف: "لا نعلم كم سيستغرق بعد تشكيل هذه الحكومة!...من هنا تأتي التحذيرات، بالإضافة طبعاً إلى خيبة أمل المواطن اللبناني و​القطاع الخاص​ والجهات الدولية نتيجة هذه المماطلة بالرغم من كل الوعود بتحسين التمثيل الذي كان من المفترض أن يؤدي الى تحسين الأداء، إلى أن تبيّن ان العقلية نفسها مستمرة من ​المحاصصة​ الى الشهوة تجاه السلطة. العامل الإضافي الذي يغذي هذه التحذيرات هو التراجع بالمالية العامة. في العام 2017 تم اتخاذ قرارين بطريقة غير مناسبة أبداً: القرار الأول هو إقرار سلسلة الرتب والرواتب الذي اتُّخذ من دون دراسة فعلية لتكلفتها وقبل تطبيق إصلاحات بالإدارة العامة وقبل إصلاح النظام التقاعدي ب​القطاع العام​"، مشيراً إلى أن "تكلفة السلسلة خرجت عن السيطرة...عندما تم ​الترويج​ للسلسلة جرى الحديث عن تكلفتها في العام 2012 وهي 800 مليون دولار ولكن لم يؤخذ بالحسبان ان تكلفتها مع مرور السنوات ارتفعت ولم تعد 800 مليون كما يقولون، الأمر الذي أدى الى ارتفاع العجز بالموازنة من 910 ملايين دولار في الستة أشهر الأولى من العام 2017 إلى 3 مليارات دولار في الستة أشهر الأولى من العام 2018".

وتابع: "القرار الآخر الذي اتخذ في العام 2017 هو زيادة الضرائب والرسوم على الدخل والإستهلاك والأرباح، ما أدى الى عملية إعادة توزيع ضخمة للدخل من القطاعات الإنتاجية والقطاع الخاص والأسر الى القطاع العام المترهل و غير المنتج والمتخم بالعمال والموظفين"، موضحاً أن "الأموال التي كانت لدى الناس والقطاع الخاص، وبدلاً من أن يتم إنفاقها على مشاريع قائمة وتوسيعها أو مشاريع جديدة وبدل من أن تشكّل قدرة شرائية لأصحابها، تم تحويلها الى القطاع العام، لذلك ليس من الغريب أن نرى تراجع بالمداخيل الضريبية للدولة، التي تشكل 75% من مداخيل الخزينة، بنسبة 3.2% في الستة أشهر الأولى من العام بدلاً من أن تزداد، كما وعدونا في العام 2017".

وتساءل غبريل "إلى أين سنتجه في العام 2019؟ تقديراتنا تشير الى ان العجز سيصل إلى 9.5% من ​الناتج المحلي​ مقارنة بـ7% من الناتج المحلي في العام 2017".

وعن تقرير "البنك الدولي" وتطرقه لمؤسسة "كهرباء لبنان" ، أكد غبريل أن "موضوع كهرباء لبنان هو عبء على المواطن اللبناني وعلى الإقتصاد وعلى القطاع الخاص في لبنان قبل ان يكون عبء على الخزينة العامة ويجب معالجته بطريقة كلية وليس بالطريقة التي نسمع عنها منذ عدّة سنوات...مشكلة ​الكهرباء​ ليست بالإنتاج فقط بل هناك موضوع الشبكة التي تحتاج للتأهيل بالإضافة الى التوزيع الذي يجب أن يكون بيد القطاع الخاص للتوفير على الدولة وعلى ​مؤسسة كهرباء لبنان​، ورابعاً وهو الأهم: موضوع الجباية. لا أحد يتكلم عن الجباية، 40% من المنازل في لبنان لا يدفعون كهرباء بشكل كامل"، مضيفاً: "51% من إنتاج مؤسسة كهرباء لبنان يتم دفع ثمنه من قبل المواطنين والشركات و49% منه خسائر، قسم من هذه الخسائر تقني ويتعلّق بالشبكة و18% من هذه الخسائر هي دوائر ومؤسسات وشخصيات رسمية لا تسدد ما يتوجب عليها من فواتير للكهرباء والنسبة الباقية تعود للمواطنين الذين يسرقون الكهرباء من الشبكة".