اشار رئيس ​الإتحاد العمالي​ العام في ​لبنان​ ​​بشارة الأسمر​​في كلمة القاها في ندوة ​الحزب التقدمي الاشتراكي​ حول "​الخصخصة​ والشراكة" الى ان "عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص موجودة في لبنان قبل إقرار القانون، وأغلب النماذج المعمول بها أثبتت عدم نجاحها وهدرها الأموال العامة دون أن تحقق أي منفعة، مثل العقود مع ​سوكلين​ وشركات الخلوي ومقدمي الخدمات في ​الكهرباء​ وصيانة الكهرباء واستثمار المواقع الطبيعية (​مغارة جعيتا​) و​السوق الحرة​ في ​مطار بيروت​ وغيرها، حيث تعد تكلفتها الأعلى في العالم مقابل خدمات لا توصف بالأفضل إذا لم نقل أكثر من ذلك".

وأشار الى أن "الخصخصة والشراكة كوجه آخر وكمقدمة لها لا ننصح بها على الأقل في الوقت الراهن، حيث البلد يسوده الفساد والفوضى، وقد تتحول حكما إلى محسوبيات وصفقات لا تنتهي وحيث ينتهي الأمر بأن أملاك الدولة طارت دون مقابل مناسب، والأفضل حاليا البدء بالإصلاح السياسي، ثم الإداري قبل القيام بهذه المغامرة ربما المحسوبة".

وشدد على أن "الالية المقترحة للشراكة مع ​القطاع الخاص​ لن تتم عبر دفتر شروط ترسل إلى إدارة المناقصات، فما سيحصل أن كل مؤسسة عامة أو بلدية أو وزارة تريد تنفيذ أعمال ومشاريع ما، ستطرحها من خلال الوزير المختص أو عبر المجلس الأعلى للخصخصة والشراكة وتقدم الشركات عروضا مختلفة، يختار المجلس الأعلى العرض الأفضل من بينها ويوافق عليه ​مجلس الوزراء​ وهذا ما يطرح عدة نقاط استفهام من جهة المحسوبيات ونوعية العمل الذي ستقدمه الشركات الخاصة"، معتبرا أن "المصارف سوف تكون من ابرز المستفيدين من تطبيق هذا القانون، فمن خلاله تستطيع تسييل جزء من الودائع المتراكمة لديها عبر تمويل القطاع الخاص لقاء فوائد أعلى من سندات الخزينة بينما يعد العامل والمواطن من ذوي الدخل المحدود المتضرر الأكبر نتيجة انعكاس هذه العقود على أسعار الخدمات التي ستقدم، كون الفوائد على ​القروض​ الممنوحة هي أعلى، ولأن هامش ربحية القطاع الخاص أكبر من هامش ربحية الدولة"، مؤكدا أن "القانون لا يذكر أي شيء يتعلق باليد العاملة اللبنانية، ففي قانون ​النفط​ مثلا يحدد نسبة 80% من العمال اللبنانيين، فأين هي النسب في قانون الخصخصة والشراكة؟".

وطالب الاسمر باسم الاتحاد العمالي بـ "إعادة النظر في هذا القانون وفقا للتحفظات المذكورة إذ تحت عناوين أن الدولة مواردها المالية قليلة، وأن الحاجة الوطنية لتحديث ​البنى التحتية​ والإقتصادية باتت ملحة، بالإضافة الى دعم المؤسسات الدولية، أصدر المشرع اللبناني قانوني الخصخصة والشراكة، حيث يسمح لسيطرة القطاع الخاص على المؤسسات والمشاريع ذات المنفعة العامة، ومما يحول ​القطاع العام​ تدريجيا الى أداة بيد القطاع الخاص، وكل ذلك بدون القيام بالإصلاحات اللازمة أو أقلها التي طلبتها مؤتمرات ​باريس​ الثلاثة، ونحن على ابواب الرابع، ذلك أن السلطة السياسية تعترف بالفساد المستشري في المؤسسات من دون التحرك للجمه، مما يولد مناخات فاسدة لصالح مشاريع مشتركة بتكلفة باهظة، وهذا أمر ما زال صندوق النقد الدولي ينبه له مرارا وتكرارا".

ورأى الاسمر أن "هذه الشراكة تهدف إلى إخفاء الزيادة التي ستطرأ على الدين العام، وتمنح امتيازات وتلزيمات وعقودا للقطاع الخاص، خلافا لأحكام الدستور والقوانين المرعية، ويقضي بتخلي الدولة عن كامل الأشغال والمشاريع التي تقوم بها، ويجير صلاحيات واسعة تعود إلى مجلس النواب إلى الحكومة، كما ينقل صلاحيات من مجلس الوزراء "مجتمعا" إلى المجلس الأعلى للخصخصة والشراكة، ويعزز صلاحيات رئيس مجلس الوزراء على حساب صلاحيات الوزير المعني، ويلغي الدور الممنوح قانونا لإدارة المناقصات في عقد الصفقات العمومية، ودور الهيئات المنظمة للقطاعات المختلفة. وتأتي هذه المشاريع لإطلاق عجلة النمو وللتخفيف من مشكلة البطالة، وللتذكير أن نسبة البطالة تخطت ال35% في لبنان بالإضافة لمشكلة الفقر فبات مليون ونصف لبناني يعيشون تحت خط الفقر، ومن هنا ضرورة التشديد على توظيف اللبنانيين للاستفادة ماديا بغية المساهمة في تنشيط الحركة الإقتصادية وللحد من مشكلة البطالة"، مضيفا: "بدلا من تشجيع القطاع الخاص للقيام بمشاريع استثمارية تساهم في مراكمة المزيد من رأس المال وخلق فرص عمل وزيادة المداخيل وتحرك الدورة الاقتصادية يتعمد القانون التركيز على نقل السيطرة على رأس المال الموجود أو المتاح من الدولة إلى القطاع الخاص، وذلك بهدف مساعدة المصارف على توظيف سيولتها المتراكمة بعدما باتت الموجودات المصرفية تتجاوز نسبة 400% من مجمل الناتج المحلي".