فاجأ الانخفاض الكبير في أسعار ​النفط​ الكثير من المتعاملين في السوق، حيث انه وقبل أسابيع فقط، كانت بعض الشركات التجارية تتحدث عن أن النفط سيصل إلى عتبة المئة دولار للبرميل ، فهبط خام برنت من أعلى مستوى في أربع سنوات عند 86 دولارا للبرميل في مطلع تشرين الأول إلى 66 دولارا يوم الخميس الفائت مسجلا انخفاضا بأكثر من 20 % عن آخر ارتفاع له لينبئ بان مرحلة الارتفاع الجامح والذي دامت لاكثر من عشر سنوات للنفط الخام وصلت إلى النهاية حيث تواجه أسواق النفط ضغوطا من جانبين زيادة المعروض وزيادة المخاوف من حدوث تباطؤ اقتصادي.

هذا التراجع دفع بـ"​اوبك​" مجددا الى الحديث عن خفض في الإنتاج بعد أشهر فقط من زيادته، تخوفا من التراجع في الاسعار بسبب الإنتاج القياسي في ​السعودية​ و​روسيا​ و​الولايات المتحدة​ ، ولمعرفة اسباب تراجع ​اسعار النفط​ وتوجهات "اوبك" في المرحلة القادمة والاستثناءات التي منحها ​الرئيس الاميركي​ دونالد ترامب على العقوبات ال​ايران​ية وتأثير هذه التراجعات على ​الاسواق العالمية​ والخليجية كان لموقع "الاقتصاد" مقابلة خاصة مع مدير ابحاث السوق والتدريب في شركة امانة كابيتال في ​دبي​ الاستاذ وليد الحلو بالاضافة الى معرفة توقعاته عن اسعار النفط في المرحلة القادمة.

الحلو: الزيادة المفرطة في المعروض النفطي هوت بالاسعار ونظرة سلبية للمرحلة القادمة

بداية اشار الاستاذ وليد الحلو الى ان ​العقوبات الايرانية​ كانت السبب الاساسي وراء موجة هبوط اسعار النفط التي شهدتها الاسواق او بالاحرى طريقة تعامل الرئيس الاميركي دونالد ترامب مع هذه العقوبات، حيث انه وقبل بداية المرحلة الثانية من هذه العقوبات والمقررة في الثاني من تشرين الثاني والهادفة الى وصول مستويات ​انتاج النفط الايراني​ الى الصفر ومنع الاستيراد المباشر حيث طلب الرئيس الاميركي من "اوبك" وكبار المنتجين زيادة الانتاج لتغطية العجز الايراني، ولكن وقبل ايام من موعد تطبيق ​العقوبات الاميركية​ منحت الولايات المتحدة ل8 دول منهم روسيا ​الصين​ و​تركيا​ و​الهند​ استثناءات للتعامل مع ​طهران​ وهم يمثلون 75% من الجهة المستوردة للنفط الايراني مما ادى الى حالة من الصدمة في الاسواق حيث كانت ​المملكة العربية السعودية​ زادت معدلات انتاجها حوالي 1.5 الى 2 مليون برميل يوميا مما ادى الى فائض في الانتاج والذي ادى الى هذه الموجة من الهبوط .

واضاف الحلو ان العامل الثاني الذي ادى الى هذه التراجعات في اسعار النفط قرارات "اوبك " الاقتصادية في العام 2018 لم تكن صائبة في ما يتعلق بالطلب العالمي حيث كان هناك تراجعات في الارقام الاقتصادية في الصين بصورة واضحة كان اخرها ارقام اجمالي الناتج المحلي والنمو الربع السنوي التي سجلت ادنى مستوياتها منذ ​الازمة المالية​ اي 2008 وهذا ما انعكس على المؤشرات الرئيسية وعلى ​اليوان​ وايضا على مؤشر " سي أس آي 300" الذي يعبر عن اداء ​الاسهم​ الصينية والتي كانت عند ادنى مستوياتها ، وعلى اعتبار ان الصين تعبّر عن الطلب العالمي لانها تمثل المصنّع والمصدر الاكبر في العالم وثاني اكبر اقتصاد عالمي ، كما ان توقعات منظمة "اوبك " في العام 2018 و2019 لم تكن واضحة وان اول تقرير يشير الى التراجع العالمي وخفض التوقعات بالنسبة للعام المقبل صدر خلال الشهر الحالي والذي كان له تأثير كبير على تصارع ​الاحداث​.

واشار الحلو الى انه وبعد هذه الحقيقة التي اصطدمت بها الاسواق اعلنت الرياض عن تخفيض انتاجها نص مليون برميل في كانون الاول القادم وهذه نقطة جيدة ولكن روسيا اعلنت ان الاحداث الجارية لن تؤثر على الطلب العالمي وبالتالي عبرت عن عدم تعاونها في هذا المجال، وتاريخيا في حال تم التعاون بين السعودية وروسيا والاتفاق على اجندة مشتركة تحدث التغيرات الكبيرة على سبيل المثال مثل خفض الانتاج ووصول الاسعار الى المستويات المرتفعة ونحن شهدنا على تصريحات خالد الفالح التي كانت ايجابية في ما يتعلف بخفض الانتاج من ناحية اخرى رفض نوفاك خفض الانتاج بالاضافة الى عوامل عودة النفط الفنزويلي وايضا ​النفط الليبي​ والذي من المتوقع ان يسجل في الشهر المقبل معدلات اكبر بالاضافة الى عودة ما بين 200 الى 400 الف برميل من النفط العراقي الى الاسواق مع اتفاق الحكومة كردستان في ما يتعلق بالنفط الخاص بمنطقة ​كركوك​ هذه الامور مجتمعة وضعت الاسواق في حالة من الزيادة المفرطة في المعروض النفطي .

اما في ما يتعلق باسعار النفط في المرحلة القادمة اعتبر الحلو انه ومن المعلوم بان عنصر العرض والطلب هو الذي يتحكم في اسعار النفط ولكن الاسواق اليوم تشهد العكس تماما حيث انه وفي مقابل الانخفاضات الكبيرة الذي يشهدها ​البترول​ هناك ارتفاعات قياسية في ​الغاز الطبيعي​ بسبب اضطراب المعروض وخاصة من الجانب المكسيكي حيث سجل انتاجه عند ادنى مستوياته واقتراب موسم الشتاء، ورأى الحلو ان النظرة لغاية اليوم لا تزال سلبية وخسارة خام غرب ​تكساس​ للارضية القوية التي كانت بين 60 الى 70 دولار وانه في افضل الحالات ستستقر الاسعار عند حدود ال50 الى 60 دولار مع استمرار النظرة السلبية خصوصا لو لم يتم التعاون من قبل اوبك" واليوم رأينا انتقادات واضحة من قبل منظمة ​الطاقة​ الاميركية لـ"اوبك" حيث اشارت الى ان الاخيرة تنتج اكثر بكثير من حاجة الاسواق مع العلم ان "اوبك" تمتلك فقط 30% من الحصة ​السوقية​ و​واشنطن​ تنتج بصورة كبيرة حيث هناك زيادات كبيرة بالانتاج الخاص بالمخزونات الاميركية .

وختم الحلو بالاشارة الى ان تاثير تقلبات اسعار النفط لا يكون على المدى القصير بالنسبة ل​دول الخليج​ بالتحديد على اعتبار ان هذه الدول تعمل بنظام الاحتياطات ، وفي عام 2018 كان متوسط السعر الاحتياطي اعلى بكثير من الاحتياطي وانا ارى وبصورة كبيرة ان النفط يشكل خطرا على اقتصاديات الخليجية عندما يكون بمستويات ادنى من 50 دولار ومعظم دول الخليج هذا العام اعتمدت في موازنتها على ان ​سعر النفط​ سيكون حوالي 45 دولار وهذا سعر منطقي حيث ان الاسعار الحالية تعتبر فوق هذه المستويات وبالتالي من الصعب الحديث عن تأثير هذه الاسعار بشكل سريع ووقتي على اقتصاديات الدول الخليجية، ولكن اسواق الاسهم هي التي تتأثر بشكل فعلي ويومي ولك التأثير الاقتصادي الملموس يكون بعد فترة طويلة من تراجع الاسعار ، ويرتبط مستقبل اسعار النفط على العقوبات الاميركية على ايران وهل ستتطور وتشمل جميع الدول وهل ستتعاون روسيا مع المملكة العربية السعودية او لا .