في الخامس من تشرين الثاني 2018، وقع ​الرئيس الاميركي​ ​دونالد ترامب​ قانونا أقره ​الكونغرس​ يفرض عقوبات إضافية على ​حزب الله​ لمنعه من الحصول على موارد لتمويل نشاطاته.

وتشير "وول ستريت جورنال" في تقرير لها، إلى ان وكيلة وزارة الخزانة لشؤون ​الإرهاب​ واستخبارات التمويل، ​سيغال​ ماندلكر كانت في ​أوروبا​ هذا الأسبوع، في سعي أميركي لضمان تنفيذ الحلفاء للعقوبات الجديدة، علمًا أنّ أوروبا تفرّق بين الجناحين السياسي والعسكري للحزب.

وتنقل الصحيفة في تقريرها عن منسق وزارة الخارجية الأميركية لمكافحة الإرهاب، ناثان سايل قوله "إن حزب الله لا يعمل ككيانين منفصلين ... إنه لا يحتفظ بجدران الحماية التنظيمية"، مضيفةً أن ​المصارف​ الأجنبيّة تواجه خطر فرض الغرامات، وصولاً إلى الإستبعاد من النظام المالي الأميركي بحال حوّلت أموالاً للحزب.

وتقول ماندلكر إن ​البنوك اللبنانية​ قد تواجه عقوبات بسبب التعامل مع حزب الله. وقالت: "إنهم بحاجة إلى استئصال حزب الله من نظامهم المالي...الرسالة توجّه اليهم بصوت عال وواضح."

السؤال هنا: ماذا يمكن للمصارف اللبنانية أن تفعل بعد وهي التي تهتم بأدق التفاصيل في القوانين وتحرص كل الحرص على الإتفاقات التي التزمت بها؟ لمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي، د. إيلي يشوعي:

- في ظل الرقابة الشديدة التي تتبعها ​المصارف اللبنانية​ مع عملائها، ما الذي يمكن أن يتغيّر بعد في سير عملها مع عقوبات أميركية جديدة أو تعديل لعقوبات قديمة؟

ليس مطلوباً من المصارف اللبنانية شيئاً، ​الإقتصاد اللبناني​ سيتأثر نعم لأن كل من له تعامل ذات طابع مالي مع حزب الله سيتعرّض للعقوبات، ما يعني ان المهندس سيخاف من بناء أي مبنى لشخص قد يكون مجرّد مناصر لحزب الله، وهكذا...

حزب الله مبدئياً لا يتعامل مع البنوك اللبنانية. الخوف يقتصر على ما قد تختلقه الولايات المتحدة من أكاذيب، ألم يقولوا أن صدام حسين لديه ​أسلحة​ دمار شامل؟ ألم يكذبوا في الملف النووي الإيراني؟

- نقلت تقارير صحفية خشية الإتحاد الأوروبي من أن يمنع وضع حزب الله ككلّ على اللائحة السوداء من تقديم المساعدة للحكومة اللبنانية ولمؤسسات أخرى، هل ترى أن الأمور قد تتجه في منحى كهذا؟

ليس بالضرورة أن ​تهدد​ ​العقوبات الأميركية​ المساعدات الدولية. وبرأيي الشخصي، أنا ضد أي دولار من الخارج للتوظيف في لبنان لأنه سيتبخّر تماماً كما تبخرت الدولارات السابقة. هل استفدنا من المؤتمرات الباريسية السابقة؟ شوارعنا تملأها ​النفايات​.

- بعد عامين على بداية عهد الرئيس ​ميشال عون​، كيف تقيّم هذه المرحلة على الصعيد الإقتصادي؟

باختصار، نسب نمو الإقتصاد اللبناني ليست كافية، والإستثمارات غير موجودة. في بداية العهد، كنا نأمل أن يحصل تغيير بالسياسيات الإقتصادية الرئيسية وعلى رأسها ​السياسة النقدية​ للبنك المركزي وسياسة ال​موازنة​ العامة (السياسة المالية) وأن نشهد إصلاح على صعيد ​الخدمات العامة​، بالترافق طبعاً مع تطبيق اللامركزية الإدارية والمالية وسياسة مالية تركز على الضرائب الشخصية المباشرة أكثر من غير المباشرة مع ضمان استقلال القضاء والإدارة عن التدخلات السياسية.

هذه الرزمة لم يتحقّق منها شي، مع الأسف. أحداً لم يجبر العهد على التجديد لمحافظ البنك المركزي ​رياض سلامه​. أما بخصوص ​الموازنة العامة​، كان يمكن الإستعانة برجل مال معروف على رأس وزارة المالية وإرضاء الرئيس ​نبيه بري​ بأمر آخر.

- وكيف يجب ان يكون مضمون موازنة 2019؟

لم يعد الحل ممكناً بموازنة، واردات الدولة تنخفض ونفقاتها ترتفع ما يؤدي لزيادة العجز وسحب المزيد من أموال ​القطاع الخاص​ والتسبب بارتفاع الفوائد وشلل أكبر داخل القطاع الإستثماري الخاص وأزمة ​بطالة​ أكثر شدةّ. التدهور بات حتمياً لأننا تأخرنا كثيراً. مع محبتنا للجميع ولكن ليست هذه الطريقة المثلى لإدارة بلد.

لم يحسنوا توظيف أموال الناس، فهي إما في البنك المركزي أو ديون على الخزينة.

- هل ترى في تولي رجال الأعمال ​حقائب​ وزارية "تعيين للشخص المناسب في المكان المناسب" أم العكس؟

رجل الأعمال ليس شخصية اقتصادية، هو شخص قد يفهم في الخشب أو الحديد أو الشوكولا، ولكن ما يهمه هو أعماله وإيراداته من المصانع المتخصصة في صناعة سلعة معيّنة، ولكن ما الذي يعرفه عن السياسة النقدية؟

وتجدر الإشارة إلى أن معظم هؤلاء قرارهم ليس بيدهم، بمجرد أن "يؤتى" بشخص لمنصب معيّن فإن هذا يعني أنه ليس مستقل. نحن بحاجة الى الكفاءة والحرية في توظيف هذه الكفاءة باتخاذ القرارات الصحيحة وعدم مراعاة حصص ومصالح الأفرقاء السياسيين.