دخل ​لبنان​ حقبة تنفيذ العقوبات الاميركية على ​ايران​ وحزب الله في خطوة اعتبرتها الادارة الاميركية وسيلة تضيّق الطوق على ما تسميه الذراع الايرانية في لبنان.

قانون العقوبات الذي بدأ في 2014 في الولايات المتحدة الاميركية أطلق عليه اسم "أتش أي أف بي إيه" الاميركي ، ويعني بالعربية مكافحة تمويل حزب الله على اعتباره منظمة إرهابية.

ويقول المشرعون الأميركيون إن الميليشيات الموالية لإيران متوّرطة في تهريب المخدرات وغسل الأموال، والأهم من ذلك نشر الإرهاب .

وكان الرئيس الاميركي قد وقع مشروع القانون في 25 تشرين الاول سبقه تصويت مجلس الشيوخ الأميركي في 12 تشرين الاول الجاري، و تصويت في مجلس النواب في ايلول.

اليوم العقوبات أقرت . ولكن النتائج برسم الانتظار .

هل المرحلة المقبلة ستكون مختلفة فعليا؟ ما هو مطلوب من لبنان ؟

مرقص

يعتبر رئيس مؤسسة جوستيسيا الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص الذي يمكث في واشنطن لمتابعة واستدراك طلائع تطبيقات قانون العقوبات الاميركية ان المرحلة الحالية في واشنطن هي مرحلة صياغة النصوص التطبيقية للقانون الجديد ، والذي من المفترض اصدارها خلال 180 يوماً اي 6 اشهر .

هذه النصوص من شأنها توضيح بعض العبارات المطاطة حسب القانون الصادر قبلاً مثل Knowingly اي معرفة المصارف مع من تعاملت ومن هي الجهات التي تتعامل معها . وحتى اذا كانت قد تعاملت عن معرفة مع الاشخاص المحظّر التعامل معهم لانه عندها ستطالها العقوبات .

هنا ، حسب تفسير القانون الاميركي القائم على المسؤولية الصارمة Strict Liability توجد قرينة العلم المفترض، وليس العلم .

وفي الواقع ، ان المصارف اللبنانية متداركة لهذا الأمر عبر سياسة متشددة تقوم على مبدأ : " اعرف عميلك على نحو كبير وموّسع".

ايضاً، هناك عبارات اخرى خاضعة للتفسير حسب النصوص التطبيقية التي هي قيد الاعداد مثلاً "تكرار العملية او حجم العملية "اذا حصلت اكثر من مرة مع اطراف محظور التعامل معها.

اما كيف سيأتي النظام التطبيقي الجديد ؟

كيف سيتم تفسير هذه العبارات ؟

يقول الدكتور مرقص " للاقتصاد " : من المنتظر ان يكون الالتزام بتطبيق القانون هذه المرة اكثر من قبل الادارة الاميركية الجديدة بغض النظر عن الموقف السياسي. هذا لأن ادارة اوباما السابقة لم تكن ممتثلة هي بنفسها للقانون القديم الصادر في 2015. وبدليل ذلك انه اليوم نشهد اكبر زخم، سواء في إقرار صيغة موّحدة من قبل مجلس الشيوخ الاميركي منذ اسابيع قليلة او سواء منذ ايام قليلة في توقيع الرئيس الاميركي بسرعة على القانون الجديد كي يصبح نافذاً . وبالتالي ، من المنتظر ان تكون التقارير الصادرة تطبيقا ً للقانون اكثر فعالية ، وهي ملقاة على عاتق الادارة الاميركية .

اما السؤال ماذا يمكن ان تفعله المصارف في لبنان ؟

يتابع مرقص : " في الحقيقة ، ان المصارف اللبنانية تلتزم بما هو مطلوب منها وتعمل اكثر مما تقوم به المصارف العربية المحيطة ، وذلك بتوجيهات كل من مصرف لبنان وجمعية المصارف في لبنان.

انما ننتظر طبعاً المزيد من الاجراءات كي نقول انها ممتثلة للقانون الجديد عوضاً عن القول انها لم تحرّك ساكناً واحداً.

ومن المنتظر ان تكون هناك امكانية في بناء مقاربة جديدة للمخاطر Risk Base Approach اي مقاربة تقوم على تصنيف العملاء بين متدن ، متوسط وعال المخاطر.

المقاربة التقليدية الكلاسيكية لم تعد تجدي نفعاً مع القانون الجديد ، وانما يفترض بالقطاع المصرفي اللبناني بناء برنامج معلوماتي جديد قائم على اسس جديدة في تصنيف العملاء ، كي يتم الامتثال بشكل دقيق للقانون الجديد.

ويقول مرقص : عندما نتحدث عن الفعالية والتزخيم ليس حباً بذلك ، انما استدراكا ً للعواقب المتأتية عن ذلك على لبنان ، وخصوصاً على الاقتصاد ، سيما واننا لم نلمس اي متابعة حكومية سياسية لهذا الموضوع ، علما ً انه كان من المفترض ان تسبق القانون المذكور. من هنا ، فإن فعالية اي مبادرة اليوم ستكون اقل طالما صدر القانون ودخلنا مرحلة صياغة الانظمة التطبيقية . وبالتالي، يجب عدم فصل هذا القانون عن رزمة القوانين والعقوبات السابقة واهمها العقوبات التي بدأت منذ اسبوع في مرحلتها الثانية على ايران ، وهي تتناول النفط والغاز والسجاد العجمي الى جانب المعاملات المالية مع البنك المركزي الايراني، والى ما هناك من تطبيق.

من هنا، اهمية متابعة واستدراك نتائج هذه العقوبات.

استدراك وتحرّك

من المعلوم ان القانون الاميركي الجديد للعقوبات هونسخة متطورة عن قانون العقوبات الصادر في ولا يحمل في طياته ادوات تنفيذية جديدة بمقدار ما يحمل رسالة متجددة بعزم الادارة الاميركية ككل على تنفيذ العقوبات عند الاقتضاء.

بصرف النظر عن اي موقف سواء كان مع او ضد العقوبات هناك شبه إجماع على وجوب استدراك عواقب هذا القانون على المصارف اللبنانية ، لجهة حماية تعاملاتها مع المصارف الدولية المراسلة Correspondents Banks ، كي لا تضطر هذه الاخيرة الى قطع تعاملها مع القطاع المصرفي المحلي او حتى التخفيف منه ، اي كي تبقى المصارف اللبنانية قادرة على تحويل الاموال الى الخارج ، حيث انه من المعروف ان عملية التحويل تمر عبر هذه المصارف حيث توجد حسابات المصارف اللبنانية . وتكون ايضاً عبر شبكة "السويفت" ، وغالباً بواسطة الدولار الاميركي .

ويبقى القول ان الايام المقبلة ستكون شاهدة على نتائج تنفيذ هذه العقوبات .