استضاف برنامج "​​الإقتصاد في أسبوع​​" من إعداد وتقديم ​كوثر حنبوري​ عبر أثير "إذاعة ​​​​​​​لبنان​​"​ في حلقة هذا الأسبوع، عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأنطونية البروفسور ​​جورج نعمة.

بدايةً، تحدّث نعمة عن مؤتمر "​دافوس​ ​الصحراء​" الذي عقد في ​السعودية​ وعن تأثير مقتل الصحافي جمال خاشقجي على نتائجه، فقال: "المقاطعة الجدية للمؤتمر من قبل الكثير من الجهات الحكومية والخاصة الأوروبية والأميركية، بالرغم من دفاع الرئيس ​دونالد ترامب​ لم تكن آثارها اقتصادية فقط بل سياسية واستراتيجية، وذلك لأن هدف السعودية الأساسي من المؤتمر كان استراتيجي وسياسي يتمثّل بإظهار نفسها على أنها أساس استقطاب الإستثمارات في ​منطقة الخليج​ و​العالم العربي​".

وأضاف: "في الأساس المؤتمر لا يهدف الى استقطاب ​استثمارات​ (كاستثمارات أجنبية مباشرة - FDIS) ، الأموال موجودة بالخليج وفي هذه الحالة مشاركة الشركات الأجنبية جاء لإيجاد موطئ قدم لكسب الأموال وليس لإنفاق الأموال، أي أن "دافوس السعودية" لا يشبه "دافوس" السويسري، هو فقط نسخة خليجية من حيث مشاركة الفعاليات من كل دول العالم ولكن طابعه استراتيجي سياسي أكثر".

وأوضح أنه "انطلاقاً من هدف المؤتمر الذي كان إحداث خضّة إيجابية، أعتقد أنه لم ينجح، لأنه أتى في توقيت حرج جداً، وتداعيات هذه المسألة تحتاج الى الكثير من الوقت. المملكة كانت أمام خيارين، إما إلغاء المؤتمر أو الإستمرار بتنظيمه على الرغم من المقاطعة وإرسال رسائل بأنه يمكننا الإستعاضة عن المقاطعين بروسيا و​الصين​".

ورداّ على سؤال حنبوري حول رؤية "المملكة 2030" وتأثرها بالموضوع، أوضح نعمة أنه "لا يمكننا أن نعرف اليوم ما إذا كانت الأطراف الحكومية أو الخاصة التي قاطعت المؤتمر ستقاطع ​المملكة العربية السعودية​، أم أنها اتخذت مجرد موقف لامتصاص الرأي العام العالمي الذي كان له ردّة فعل معينة على جريمة اغتيال خاشقجي. إذا كانت المقاطعة للسعودية ستستمر فإن الآثار ستكون كبيرة...أما إذا كان الموقف وليد لحظة فإن النتيجة ستكون مغايرة"، مضيفاً: "بشكل عام السعودية تمتلك الأموال اللازمة لاستقطاب شركات تستثمر في القطاعات التي تريدها، لا أعتقد أن ​الولايات المتحدة​ أو ​الإتحاد الأوروبي​ ستتخذان قراراً بمقاطعة السعودية...برأيي موضوع رؤية 2030 مرتبط بالمخزون والإحتياط السعودي من الأموال...كما يجب أن ننظر إلى إمكانية تحقيق أهداف هذه الخطة...".

وعن كلمة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التي أشاد فيها بإمكانيات ​الشرق الأوسط​، رأى نعمة أن "هذا الرأي صادر عن مسؤول سياسي سعودي، أدلى به في ظرف صعب وفي ظل ضغوطات سياسية يواجهها، فأراد أن يتلو خطاباً فيه الكثير من الوعود ليخفّف من الضغط السياسي. وما تناوله ولي العهد من أرقام وتوقعات حول الشرق الأوسط ، ليس علمياً ولا واقعياً إذا نظرنا الى المنحى الذي تسير به ​الدول العربية​. كيف ستكون هذه التنمية في ظل غياب الديمقراطية، المسهل الأساسي لتطبيق التنمية التي تحتاج الى توزيع مداخيل بعدل ووجود سياسات وشبكة أمان اجتماعية وتأمين للخدمات العامة. أين الديمقراطية في الدول العربية؟ التنمية تتطلب نهج سياسي مغاير تماماً للنهج القائم في كافة الدول العربية".

وعن ​أسعار النفط​، رأى نعمة أن "الولايات المتحدة لديها هدف أساسي هو إبقاء أسعار النفط منخفضة، كي لا ينعكس أي ارتفاع إيجاباً على دول منافسة سياسياً وعسكرياً، أبرزها الإتحاد الروسي"، مشيراً إلى أنه "إذا نظرنا اليوم الى المشهد العالمي فإن المعروض يتراجع بسبب المشاكل التي تواجهها كل من ​ليبيا​ و​العراق​ و​فنزويلا​، بالإضافة الى مشكلة إيران مع العقوبات...وهذا حتماً سيترجم زيادة في الأسعار".

وتابع: "السعودية تتجه لزيادة ​إنتاج النفط​ بتوجيه طبعاً من ​الولايات المتحدة الأميركية​...بهدف تحقيق زيادة مقبولة في أسعار النفط".

وفي موضوع الحرب التجارية، أوضح نعمة أنها "ليست بالحرب الجديدة، النزاعات وحلول النزاعات والشكاوى موجودة دائماً في ​منظمة التجارة العالمية​، أبرزها كان بين الصين والولايات المتحدة الأميركية وذلك لأن ​الصناعة الصينية​ والتصدير الصيني جعلا منها ثاني أكبر اقتصاد في العالم وهذا أمر ليس بالإيجابي بالنسبة للأميركيين"، مضيفاً: "إذا أخذنا بالإعتبار سياسة الحزب الجمهوري التجارية التي لطالما كانت كلاسيكية بهدف تحفيز الصادرات الأميركية...فإن ترامب يحاول الضغط على الصين عبر سياسة الجمهوريين التجارية المبنية على انخفاض سعر تداول الدولار لتحفيز الإستثمار والتصدير الى الخارج لخلق فرص عمل وخفض نسبة البطالة، إحدى أبرز الشعارات التي أطلقها في حملته الإنتخابية. ومن المرجح أن يستمر ذلك في عهد ترامب".

وأضاف أنه "بالنسبة لأوروبا، الوضع مختلف عن الصين. التفاهم بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي لطالما كان هناك حرص للمحافظة عليه، لكن مع ترامب فقد اتخذ الموضوع طابعاً مغايراً"، مشيراً إلى أن "ترامب يرى في الأوروبيين منافس مباشر له وأن مصلحته من مصلحة الشعب الأميركي".

وعن الكباش السياسي في لبنان حول الحكومة، أكد نعمة أن "التأخير بتشكيل الحكومة كان له آثار سلبية لأنه حصل في فترة دقيقة جداً. البلاد بحاجة الى حكومة تأخذ مجموعة من القرارات وتسير بالعديد من الإستثمارات التي ستموّل من الخارج من خلال مؤتمر سيدر ومشاريع أخرى من البنك الدولي...نحن في فترة نحتاج فيها الى طمأنة ​المستثمر​ واستقطاب عملات صعبة من الخارج لنعيد التوازن الى ميزان المدفوعات في لبنان ولإزالة المخاوف بشأن ​الوضع النقدي​ والقطاع المصرفي".