أعدّ "​فرنسَبنك​" تقريره الدوري عن أداء ​الاقتصاد اللبناني​ للأشهر التسعة الأولى من العام الحالي بالمقارنة مع ذات الفترة من العام الماضي. وقد أوضح التقرير أن ​النمو الاقتصادي​ في الفترة المنصرمة من 2018 إستمر بفعل النمو الحاصل في نشاط عدد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية ولا سيّما القطاع المصرفي (13%)، وقطاع التجارة الخارجية (4.7% للأشهر الثمانية الأولى)، وقطاع التصدير (4.3% للأشهر الثمانية الأولى)، وقطاع الطيران الجوي (7.1%)، وقطاع السياحة (3.9%). لكن أداء عدة قطاعات إقتصادية شهد تراجعاً مثل القطاع العقاري (16.8%)، والتجارة الداخلية (قيمة الشيكات المتقاصة تراجعت 1.2%، وزادت قيمة الشيكات المرتجعة 10.5%)، والقطاع الفندقي (إشغال الفنادق تراجع من 65.4% إلى 63.6%)، وحركة النقل البحري عبر مرفأ بيروت (كمية البضائع تراجعت 7.1%).

وأشار التقرير إلى أنه نظراً لتواصل العجز في المالية العامة للدولة، فقد حافظت المديونية العامة على إتجاهها التصاعدي، حيث إرتفع الدين العام الإجمالي بنسبة 5.2% وذلك من مستوى 79.6 مليار دولار في نهاية آب 2017 ليصل إلى نحو 83.7 مليار دولار في نهاية آب 2018، بحيث يشكّل حالياً نحو 150% من ​الناتج المحلي الإجمالي​. وقد إزداد الدين العام الصافي بنسبة مماثلة إلى 72.9 مليار دولار خلال الفترة ذاتها. وشكّل الدين الداخلي نحو 57.7%، فيما شكّل الدين الخارجي 42.3% من الدين العام الإجمالي.

وفي الجانب النقدي، بيّن التقرير أن موجودات مصرف لبنان من العملات الأجنبية تراجعت بشكل طفيف بنسبة 1.1% على أساس سنوي لتصل إلى نحو 43.5 مليار دولار في نهاية أيلول 2018، لكنها تظل مرتفعة وتعكس إمكانات عالية لمصرف لبنان في دعم الاستقرار النقدي. وارتفع معدل التضخم في لبنان إلى 6.3% للأشهر التسعة الأولى من 2018 مقابل معدل 4.3% للفترة ذاتها من العام الماضي بفعل النشاط الاقتصادي والتوسع النقدي ومفعول سلسلة الرتب والرواتب.

واستعرض التقرير مؤشرات القطاع المصرفي والمالي، حيث أشار إلى النمو المتواصل في القطاع المصرفي التجاري، حيث زادت موجوداته الإجمالية بنسبة 13% على أساس سنوي لتصل إلى نحو 241.1 مليار دولار في نهاية أيلول 2018، كما ارتفعت محفظة قروضه للقطاع الخاص بنسبة 1.7% إلى 59.4 مليار دولار، وللقطاع العام بنسبة 4% إلى 33.2 مليار دولار. وزادت ودائع ​القطاع الخاص​ بنسبة 2.9% إلى 173.9 مليار دولار، كما زادت الودائع لدى مصرف لبنان زادت بنسبة 24.9% إلى 123.9 مليار دولار خلال الفترة ذاتها. وسجّلت الأموال الخاصة للمصارف نمواً سنوياً نسبته 7.7% إلى 20.1 مليار دولار للفترة قيد البحث. وتراجع نشاط المؤسسات المالية، المعبّر عنه بإجمالي الموجودات، بنسبة 6.8% سنوياً بحيث بلغت 1.57 مليار دولار في نهاية أيلول 2018. وأظهر أداء بورصة بيروت نشاطاً متبايناً، حيث زاد حجم التداول بنسبة 4.4% فيما تراجعت قيمة التداول بنسبة 6.9% وأيضاً رسملة السوق بنسبة 14.7% خلال الفترة المذكورة أعلاه.

وفيما يخص القطاع الخارجي، أوضح التقرير أن ميزان المدفوعات سجّل عجزاً في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي حيث بلغ 1.3 مليار دولار بالمقارنة مع عجز قدره 190 مليوناً في الفترة ذاتها من العام الماضي. كما أنه سجّل عجزاً في الأشهر الثمانية الأولى من 2018 حيث بلغ 1.1 مليار دولار بالمقارنة مع عجز قدره 600 مليون دولار للفترة ذاتها. وقد جاء هذا العجز في ميزان المدفوعات، في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، بسبب زيادة ​العجز التجاري​ بنسبة 4.8% إلى 11.7 مليار دولار (نتيجة نمو المستوردات 4.8% إلى 13.7 مليار دولار ونمو الصادرات 4.3% إلى ملياري دولار)، وثبات التدفقات المالية الخارجية إلى لبنان عند مستوى 10.6 مليارات دولار.

وقال التقرير إن النمو الاقتصادي الحقيقي المتوقع في لبنان للعام 2018، إستناداً إلى المعطيات الراهنة عن نشاط القطاعات الاقتصادية وتقديرات المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، سيتراوح بين 1-1.7%، بعدما كانت التقديرات السابقة تضعه عند مستوى 1.5-2%. وإن هذا النمو الاقتصادي يبقى أقل من المسجّل على صعيد منطقة ​الشرق الأوسط​ وشمال إفريقيا (4.5%)، ودول المشرق (4.8%)، والدول الناشئة والمتقدمة (4.7%)، وحتى الاقتصاد العالمي (3.7%)، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.

وقال التقرير إن آفاق النمو الاقتصادي في لبنان ستكون أفضل في المرحلة القادمة، خصوصاً إذا تم تشكيل حكومة جديدة في القريب العاجل وبدأت بتطبيق إصلاحات مؤتمر ​سيدر​ القطاعية والمالية والاقتصادية.

وأوضح التقرير أنه لا يوجد خطر على الاستقرار النقدي في لبنان كما ترى بعض الجهات السياسية والاقتصادية، مستنداً في ذلك إلى تواصل النمو الاقتصادي والتدفقات المالية الخارجية، وكبر حجم إحتياطيات المصرف المركزي من العملات الأجنبية، واستمرار معدلات التضخم المعتدلة، ونمو القطاع المصرفي وكبر حجم موجوداته الإجمالية، وتواصل إقتراض الدولة من مصادر داخلية وخارجية، وحفاظ الإنفاق الاستهلاكي على مستوياته العالية، وإبقاء وكالات التصنيف الدولية (مثل S&P و Moody’s) على تصنيف لبنان المالي الإيجابي، ودولرة الاقتصاد العالية، وتوافر ​السيولة​ المحلية، كما أن العجز المالي تراجع من 14% إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2006 و2018، كما تراجع الدين العام من 183% إلى 150% خلال ذات الفترة.