استمر ​الإقتصاد اللبناني​ تحت الضغط في مطلع الشهر الحادي عشر من 2018 مع استمرار الازمة الحكومية التي تتراوح صعوداً وهبوطاً على خلفيات سياسية لا تأخذ في الحسبان الوضع الصعب الذي بلغ اليه الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي، اضافة الى المخاطر الحقيقية التي باتت تهدد الوضع النقدي.

وجاء تقرير البنك الدولي قبل ايام ليضيء على المستقبل القاتم للاقتصاد اللبناني بحسب تقرير البنك الذي رأى أن لبنان معرّض لمخاطر الحد من قدرته على تمويل العجوزات المالية والتجارية، كما ان سياسة التجديد النقدي التي وضعها مصرف لبنان، بدءاً من وقف القروض المدعومة ورفع الفائدة على الودائع ذات آجال الاستحقاق الأطول، وهذه السياسة اذا نجحت فهي لم تقدّم الا حلولاً مرحلية لا تخلو من مخاطر مالية اضافية.

والى تقرير البنك الدولي، يجمع الخبراء المحليّون على أن الاقتصاد يواجه مشاكل وتحديات هيكلية وان اي تأخير في ولوج باب الاصلاحات سيؤدي الى نتائج خطيرة.

في غضون ذلك، تبين المؤشرات الاقتصادية استمرار بطء قطاعات الاقتصاد الحقيقي، فالصادرات الصناعية تراجعت في مقابل العام 2017 كما يشهد قطاع البناء والعقار تراجعاً دراماتيكياً مع توقف القروض المدعومة. كما يشهد قطاع الاستثمارات تراجعاً مثيراً نتيجة عدم استقرار الوضع السياسي. الى ذلك، يستمر العديد من مؤسسات القطاع التجاري اما بالاقفال واما بصرف مئات المستخدمين تحت حجّة تردي الوضع الاقتصادي. وتشير بعض الاحصاءات غير النهائية المتوافرة لدى وزارة العمل والاتحاد العمالي العام الى ان اكثر من 25 الف لبناني خرجوا من سوق العمل خلال الفترة المنصرمة من العام 2018.

ويستمر العجز العام الاجمالي في المالية العامة وهو تجاوز 129 مليار ليرة، وتبين ارقام المالية العامة (موازنة + خزينة) عند مقارنتها في الاشهر الاربعة الاولى من العامين 2017 و2018 ان العجز العام قد ارتفع من 1273 مليار ليرة في الاشهر الاربعة الاولى من العام 2017 الى 2885 مليار ليرة في الفترة ذاتها من العام الحالي، وارتفعت نسبته من 18.7% من مجموع المدفوعات الى 33.4% في الفترتين المذكورتين على التوالي. وحقّق الرصيد الاولى عجزاً بمقدار 551 مليار ليرة في الاشهر الاربعة الاولى من العام الحالي مقابل فائض بقيمة 942 مليار ليرة في الفترة ذاتها من العام 2017.

وحده القطاع المصرفي استمر في تقديم آداء متوازن حيث ازدادت الودائع المصرفية وبلغت في نهاية تموز ما يوازي 177.2 مليار دولار. كما تظهر البيانات المالية لمصارف "ألفا" ان ارباح هذه المصارف ارتفعت في الاشهر التسعة الاولى من العام الحالي بنسبة لا تقل عن 6.5%، وهي نسبة مرتفعة بالقياس الى الوضع الاقتصادي السائد في العام 2018.

مراجع اقتصادية مسؤولة قالت لـ"الاقتصاد" ان العام 2018 هو الاسوأ اقتصادياً منذ اكثر من 7 سنوات، وبات من الضروري مواجهة الاختلالات البنيوية التي ضربت الاقتصاد الوطني بأسرع وقت ممكن لمنع تكرار المشهد الحالي السلبي في العام 2019، وهذا يعني ضروروة الاسراع في تشكيل الحكومة قبل نهاية السنة والذهاب فوراً الى اقرار الاصلاحات التي طلبها مؤتمر "سيدر 1" للاستفادة من القروض المخصصة للبنان لاعادة تمويل مشاريع البنى التحتية، ما يتيح فرصاً حقيقيةً للانقاذ الاقتصادي.