فرضت الحياة العصرية والسريعة التي نعشيها اليوم والبحث الدائم عن سبل لتوفير الوقت والمال والحصول على المستلزمات بطريقة سهلة وسريعة قيما جديدة اثرت على سلوك ​المستهلك​، فنمتالتجارة الالكترونية التي تعتمد على التقنيات المتطورة السهلة والاقل تكلفة على البائع والمشتري معابسرعة كبيرة واكثرمما كان متوقعا، ، فجنبت المستهلك مشقة التنقل في الشوارع المزدحمة والانتظار مطولا في مواقف السيارات،حيث اصبح بامكانهاستلام المشتريات في مقر اقامته وبسعر اقل، فشهدت الاسواق مزاحمة شركات البيع عبر ​الانترنت​ مثل "​علي بابا​" و"​امازون​" مخلفة وراءها مسلسل من تعثر واقفال المخازن الكبرى في العالم والذي لن يتوقف، ولعل اعلان "​دبنهامز​" اقفال 50 متجرا حول العالم والغاء حوالي 4000 وظيفة اجدد حلقات هذا المسلسل الذي اتى بعد انهيار سلسلة متاجر "باوند ورلد" التي افقدت حوالي 5100 عامل وظيفته، كما اعلنت مجموعة "مابلين" البريطانية الشهيرة افلاسها الى جانب اغلاق سلسلة متاجر "تويز أر اس" الامر الذي يعكس المرحلة الحرجة الذي يمر بها ​قطاع التجزئة​ ، فكيف اثرت التجارة الالكترونية على ​الشركات العالمية​ الكبرى؟ ومحليا هل يفضل المستهلك ال​لبنان​ي الشراء عبر الانترنت او الذهاب الى الاسواق ؟

"دبنهامز" تغلق 50 متجرا في ​بريطانيا​ وضربات موجعة لقطاع التجزئة حول العالم :

تلقى قطاع التجزئة ضربة شرسة جديدة بسبب منافسة المتاجر الكترونية التي تديرها شركات عملاقة مثل "​أمازون​" الاميريكية لتطال بسهامها هذه المرة مجموعة"دبنهامز"، ثاني أكبر سلسلة لمتاجر التجزئة في بريطانيا، والتي كشفت عن خطط لإغلاقثلث متاجرها، وهو أكثر مما سبق وأعلنته ،الامر الذي سيؤدي إلى خسارة نحو 4 آلاف وظيفة، حيث قالت "دبنهامز" في بيان إنها ستغلق ما يصل إلى 50 متجرا في غضون 3-5 سنوات بعد أن أعلنت في وقت سابق أنها ستغلق 10 متاجر فقط، ومن الواضح ان الشركة عانت سنة صعبة وفق ما اشار اليه مديرها التنفيذي سيرغيو بوتشر الذي اعلن ان الشركة تتخذ خطوات حاسمة في سوق متقلب ومليء بالتحديات ، وفي نفس الوقت، تتخذ قرارات صعبة بشأن متاجر من المرجح أن يسوء أداؤها المالي مع الوقت.

ومن الواضح ان قرار "دبنهامز" التي تعتبر من كبرى متاجر التجزئة في بريطانيا يعكس الواقع الاقتصادي القاسي الجديد في الشارع البريطاني الناتج من حالة عدم اليقين فيما يتعلق بـ"البريكست" بالاضافة الى المنافسة الشرسة عبر ​الإنترنت​ والضرائب المتزايدة وانكماش ميزانيات الأسر، حيث سجلتالشركة خسائر وصلت إلى 500 مليون جنيه (645 مليون دولار و566 مليون يورو) في عامها المالي حتى أيلول في تراجع استثنائي.

ولا تقتصر هذه المشكلة على ​المملكة المتحدة​ فحسب إذ أعلنت مجموعة متاجر" سيرز"العريقة خطة لإغلاق 150 متجراً وقدمت طلب إعلان الافلاس في وقت سابق من الشهر، والتي وضعت نفسها تحت الحماية القضائية تحت الفصل 11 من القانون الأميركي حول الإفلاس، بعد أن عانت طويلا من صعوبات في مواجهة نمو ​التجارة الإلكترونية​ خصوصا من "أمازون".

المستهلك اللبناني لا يثق بالتجارة الالكترونية ويفضل السلوك التقليلدي في التسوق 

وفي استطلاع للرأي اجراه موقع "الاقتصاد" مع بعض المستهلكين اللبنانيين حول سلوك الشراء، وكيف يفضلون الحصول على مستلزماتهم اشار العدد الاكبر منهم الى انهم يفضلون التوجه الى الاسواق مباشرة والتسوق بالطريقة التقليدية وانتقاء السلعة ومعرفة جودتها عن كثب، بالاضافة الى امكانية تجربتها لان البعض تعرض لعمليات غش من خلال طلب الاشياء عبر الانترنت كما دفع مبالغ اضافية على الشحن وخدمات التوصيل لم يكن الموقع الالكتروني قد ذكرها، كما اشار هؤلاء الى ان البضائع وفي اغلب الاحيان تأتي مغايرة للمواصفات التي تضمنها الاعلان وخاصة تلك الاعلانات التي تحملها ​مواقع التواصل الاجتماعي​، كما اظهر العديد من المستهلكين تخوفهم وعدم ثقتهم من المنتجات التي تسوق عبر الانترنت والتي تكون عادة باسعار رخيصة ولكن في المقابل تكون جودتها والخامات المستخدمة رديئة وسيئة.

ومن ناحية اخرى اظهر عدد من المستهلكينرغبتهم وتفضيلهم للشراء عبر الانترنت لان هذه العملية تتيح لهم مقارنة الاسعار من عدة موردين بالاضافة الى مقارنة المواصفات كما تتيح هذه الخدمة بعض الاصدارات الجديدة التي لم تتوفر في السوق اللبناني والتي تتطلب بعضا من الوقت لتصبح متوفرة ، ويلجأ اصحاب هذه العينة من الاستطلاع الى شراء عبر الانترنت تذاكر السفر والالكترونيات لتعدد الخيارات حيث تكون الاسعار واضحة للمستهلك الذي يتمكن من المقارنة واختيار الافضل والارخص ثمنا بالاضافة الى شراء الكتب والاصدارات الثقافية العالمية، ولعل موقع "امازون" هو الافضل والاكثر ثقة عند هذه الفئة من المستهلكين، كما يلجأ البعض الى موقع "علي اكسبرس" نظرا للبضائع المنخفضة الثمن ولكنها تتطلب وقتا طويلا للوصول الى لبنان .

وفي الختام وعلى ضوء هذا الاستطلاع نستخلص ان اغلبية المستهلكين اللبنانيين لا يزالون يفضلون الصورة النمطية للتسوق والتوجه الى الاسواق لعدم ثقتهم بالتجارة الالكترونية وخوفهم من الوقوع ضحية عمليات غش وبضائع سيئة الجودة التي عادة ما تكون مغايرة للصور التي تم الاعلان عنها ، وهنا تقع المسؤولية على المستهلك والمواقع التي يختارها ، وخاصة في ظل المزحمة التي نراها للتسويق الالكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات التي تفتح كل يوم بهدف الترويج للبضائع والمنتجات التي تحمل الحلول المثالية للمستهلك والتي دخلت مجالات بيع الادوية والمستحضرات الطبية وخاصة في ظل غياب الرقابة في لبنان ومراقبة المنتجات التي يتم الترويج لها والذي يدفع المستهلك ثمنها من جيبه واحيان كثيرة من صحته.