دأبت ​الهيئات الإقتصادية​ وقوى الإنتاج - ممثلة بالإتحاد العمالي العام وكافة النقابات العمالية - للإجتماع الدوري في الفترة الأخيرة، ومناقشة ما آلت إليه الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، نتيجة عناد السياسيين والسلطة الحاكمة والإستمرار بالمماطلة والتأخر والخلاف على الحقائب الوزارية والحصص، مما يؤخر تشكيل ​الحكومة​ المنتظرة، ويجمّد الملفات الإقتصادية والمالية والإجتماعية الملحة، ويدفع إقتصادنا الوطني نحو الهاوية.

وأبدى المجتمعون قلقهم الشديد حيال ما آلت اليه الاوضاع في البلاد، لا سيما التدهور السريع الذي تسجله مختلف النشاطات والاعمال واستنزاف ما تبقى من طاقات وامكانات، والذي ينذر بعواقب وخيمة لا قدرة للبلد على تحملها. وأمهلوا القوى السياسية حتى نهاية تشرين الاول الجاري لتشكيل الحكومة، والا فإنها متجهة لتنفيذ اضراب والإعتصام في تشرين الثاني المقبل .

وجدد رئيس ​الهيئات الاقتصادية محمد شقير ​تأكيده بان "بعد 31 الشهر الجاري سنتجه الى التسكير والاعتصامات إذا لم تشكل ​الحكومة​.

فكيف ستنفّذ الهيئات الإقتصادية وقوى الإنتاج تهديداتها ؟ وما هي الخطوات التي سيتم إتخاذها في حال عدم تشكيل الحكومة في اليومين المقبلين ؟ وما هي تداعيات وتأثيرات الإضرابات والإقفالات على الإقتصاد الوطني المترنّح ؟ ما هو مصير موسم الأعياد المقبل في حال إستمرار الخلاف السياسي القائم ؟

أسئلة كثيرة أجاب عنها نائب رئيس غرفة بيروت وجبل ​لبنان​ محمد لمع، في مقابلة خاصة مع "الإقتصاد".

بداية، هل تم تحديد نوع أو شكل التحركات التي ستتخذها الهيئات وقوى الإنتاج نهاية الشهر الجاري؟ وما هي تداعياتها على الإقتصاد ؟

الهيئات الإقتصادية وقوى الإنتاج جادة جداً في تحركاتها لان الوضع الإقتصادي القائم لم يعد يُحتَمل، والإستمرار بهذه الطريقة مستحيل. لذلك سيكون هناك تحركات وإعتصامات وإقفالات بعد نهاية الشهر الجاري في حال إستمرار المماطلة بتشكيل الحكومة، ولكن الشكل النهائي لهذه التحركات لم يتم تحديده بعد، حيث سيكون هناك إجتماع في 31 الشهر الجاري للهيئات الإقتصادية وقوى الإنتاج، وسيتم خلاله تحديد شكل التحرك ونوعه.

ولا شك ان أضرار هذه التحركات على الإقتصاد سلبية، ولكن كما يقال "آخر الدواء الكيّ"، فالوضع الإقتصادي وصل إلى مرحلة سيّئة جداً، وقد تكون من أصعب المراحل التي مرّت على الإقتصاد منذ تأسيس لبنان. فنحن اليوم بدون حكومة، ولا يوجد إدارة سليمة، والقطاعات معظمها في حالة شلل، ولا يوجد أي فرص عمل للشباب، والمؤسسات والمصانع والشركات تقفل أبوابها.

ولكن نتمنى على القوى السياسية القيام بواجباتها وتشكيل الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري، على الرغم من قناعتنا بان تشكيل الحكومة لن يغير الكثير من الامور، ولكنه سيكسر الحاجز النفسي، وسيخلق نوع من الصدمة الإيجابية. فبقاء الوضع على ما هو عليه سيدفع بمن تبقى من رجال الأعمال وأصحاب الشركات للإقفال او لنقل شركاتهم وإستثماراتهم إلى الخارج، مع العلم ان الإستثمارات الجديدة شبه معدومة.

مع إقتراب موسم الأعياد .. ما هي توقعاتك للحركة في حال إستمرار الخلاف السياسي والتأخر بتشكيل الحكومة ؟

هناك العديد من المؤسسات التجارية والسياحية التي تنتظر موسم الاعياد المقبل قبل إتخاذ قرارها بالإقفال او الإستمرار، لذلك نحن نسعى للضغط من اجل تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لإستغلال هذا الموسم في تعويض ولو جزء صغير من الخسائر التي تكبدتها المؤسسات. فتشكيل الحكومة كما ذكرت سابقا سيعطي نوع من الثقة، وسيدفع العديد من المغتربين والسياح للقدوم في موسم الاعياد، مما سيحرك الأسواق بعض الشيء.

ولكن إستمرار الوضع على ما هو عليه سيضرب موسم الاعياد بشكل كبير، وسيكون بمثابة ضربة قاضية للعديد من المؤسسات، مما سيؤدي غلى إستفحال الأزمة الإجتماعية القائمة أصلا، وإستمرار معدلات البطالة بين الشباب بالإرتفاع.

من خلال لقاءاتكم كهيئات إقتصادية مع الفرقاء السياسيين .. هل تلتمسون أي حلحلة او تفاؤل بقرب تشكيل الحكومة ؟

في الفترة القليلة الماضية إستبشرنا خيرا بقرب ولادة الحكومة، ولكن في اللحظة الأخير عادت الخلافات لتظهر من جديد. وفي المرحلة الحالية يوجد نوع من الضبابية إذا صح التعبير في هذا الموضوع، خاصة بعدما صرح الرئيس برّي امس بعد لقائه الرئيس المكلف ​سعد الحريري​، بالقول "ما تقول فول تيصير بالمكيول".

ولكن يبقى لدينا الامل بأن نشهد إتفاقاً بين الرئيس الحريري ةرئيس الجمهورية ميشال عون، وأن نشهد على ولادة الكحومة قبل الأربعاء. فلا يجوز ان نبقى بدون حكومة بعد إنقضاء اكثر من سنتين على العهد الجديد.

ألا تعتقد بضرورة التركيز على إختيار وزراء لديهم خلفية إقتصادية وخبرة في المجال الإقتصادي والمالي، خاصة في الوزارات التي ترتبط مباشرة بالإقتصاد ؟

هذه النقطة ضرورية جدا بدون ادنى شك، ولكن في ظل الخلاف السياسي القائم، وتقاسم الحصص الذي نراه، أستبعد ان نرى وجوه جديدة ذات خلفية إقتصادية في الوزارات. فالأحزاب والتيارات وكافة الأطراف السياسية تتصارع فيما بينها على مقعد وزاري وعلى حقيبة وزارية، وتسعى لتوزير أسماء سياسية معينة.

فعلى الرغم من أهمية هذا الطرح، إلا أن الخلاف القائم لن يسمح ربما بتواجد العديد من الأسماء الجديدة. لذلك همّنا الأساسي الان هو ولادة هذه الحكومة للعمل على إعادة إنتظام مؤسسات الدولة، والإلتفات إلى بعض الملفات الملحة والضرورية.