خاص ــ الاقتصاد

توفرت معلومات للنيابة العامة المالية حول اقدام بعض الأشخاص على تزوير مستندات رسمية، وإفادة عقارية عائدة لأحد العقارات في بيروت، من دون ​علم​ وموافقة المالك الحقيقي، وبناء عليه أجرى مكتب مكافحة الجرائم المالية و​تبييض الأموال​، تحقيقاته في هذا الموضوع وتمّ الاستماع الى المدعو "يوسف. خ"، الذي أفاد أنه يملك مكتباً عقارياً وخلال شهر نيسان 2018، اتصل به "محمد. ح" وهو سمسار عقاري، وأخبره أن لديه عقاراً للبيع في المزرعة (بيروت)، وأرسل له عبر تطبيق "واتساب" إفادة عقارية مقسمة الى نصفين، تظهر أن اسم مالك العقار هو "فرج. م"، وإفادة حصر إرث وقرار برفع إشارة قضائية بإزالة التعدي على الأملاك العامة، واتفاق تنفيذ عمل بين إحدى الشركات وبين "فرج. م"، وعندما ​ذهب​ "يوسف. خ" الى أمانة السجل العقاري للاستحصال على افادة عقارية لهذا العقار، تبين أنه باسم "سمية. م" وهي صديقة زوجته، فأعلمها بالأمر حيث سارعت الى وضع إشارة بعدم بيع العقار الّا بحضورها.

تم الاستماع الى افادة السمسار "محمد. ح" الذي أفاد بأن "رنا. م" ابنة "فرج. م" هي التي أرسلت له صور الأوراق المشكو منها، كونها كانت ترغب ببيع العقار مع سائر ورثة والدها، ليرسلها عبر "واتساب" الى "يوسف. خ"، ولدى الاستماع الى "رنا" أوضحت أنه خلال شهر آذار 2018، توفي والدها، ولدى تفقدها مع والدتها وأشقائها لأوراقه شاهدت على هاتفه بعض ​الصور​ لمعاملات عقارية مسجلة باسمه، ومرسلة اليه من السمسار "محمد. ح" فبادرت الى الاتصال بالأخير الذي أخبرها بأنه يقوم بمعاملة إدارية لوالدها "فرج. م" بما خص هذا العقار، ثم عادت وعثرت بين أوراق والدها على اتفاقية موقعة بينه وبين شركة للتجارة العامة ممثلة بشخص "محمد. ح" تتحدث عن افراز العقار وتنظيم شؤونه القانونية.

ولدى استفسار "رنا" من المدعى عليه "محمد. ح" عن الأمر، أخبرها أنه يملك أوراقاً ومستندات متعلقة بالعقار وأن والدها يملك حصة فيه، وأنه سوف يقوم بإحضار كامل الملف لها عندما يصبح جاهزاً، وبعد مدة عاد واتصل بها وأرسل اليها بعض الأوراق عبر هاتفه مستمهلاً إياها مجدداً، عندها قامت بالاتصال بالمدعو "بشير. ع" صديق والدها، للاستفسار منه عن طبيعة علاقة والدها بالمدعو "محمد. ح"، فأخبرها أن هذا الأخير هو الذي استلم المعاملات العائدة لإرث والدها، وأرسل لها عبر الهاتف نفس الصور المتعلّقة بعقار المزرعة.

بناء على هذه المعلومات، جرى الاستماع الى افادة "بشير. ع" أفاد أن المرحوم "فرج. م" أخبره أنه يوجد لديه حكم شرعي بالإرث، يثبت أنه وأشقاءه وأولاد عمه يرثون ابن عمهم المتوفي "عبد الغني. م" ــ زوج المدعوة "سمية. م"، وأنه شاهد صورة طبق الأصل عن الحكم معه، كما أخبره عن العقار موضوع التحقيق وأنه يمكن الحصول على مبلغ كبير عن حصته فيه، وطلب منه في العام 2017 مرافقته الى مكتب "محمد. ح" لعرض الإرث عليه، وقد أخبرهما الأخير أن حصر الإرث صحيح وأن إجراءات تنفيذ الحكم ونقل ملكية العقار تستدعي دفع مبلغ وقدره 85 مليون ليرة لقاء حفظ حقه في الحصول على شقة في البناء القائم على العقار موضوع هذه القضية، وقد تم تنظيم اتفاقية بهذا الخصوص باسم "ناهد. ع" زوجة المدعو "بشير. ع" كون الأخير لا يحمل الجنسية اللبنانية، وبقيت مع المدعى عليه "محمد. ح".

في شهر تموز 2017، سلم "بشير" الى المدعى عليه السمسار "محمد. ح" مبالغ مالية بحضور المرحوم "فرج. م"، وقد أخبره السمسار أنه حصل على الارسالية الخاصة بالعقار، بعدها راح بشير يتردد الى مكتب الأخير الذي عرض عليه قراراً صادراً عن النيابة العامة المالية، يقضي برفع الإشارة عن العقار موضوع التحقيق، كما عرض عليه صورة سند ملكية مسجل باسم زوجته "ناهد" بعد أن ألحّ عليه بالطلب بإعادة الأموال التي دفعها له، ولمّا راجع الدوائر العقارية للحصول على افادة عقارية، تبين أن العقار لا يزال مسجلاً باسم "سامية. م"، وقال ان الصور التي أرسلها الى "رنا. م" كان قدر أرسلها اليه "محمد. ح" عبر تطبيق "واتساب".

بناء على هذه الافادات جرى ​توقيف​ "محمد. ح" بأمر من النيابة العامة المالية، واعترف الأخير أمام مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال، أنه خلال شهر آب 2017، حضر الى مكتبه المرحوم "فرج. م"، ومعه "بشير. ع" وأخبره أنه يملك عقاراً ويريد فرزه، وسلمه إخراجات قيد فردية وعائلية وإفادة عقارية عائدة للعقار المذكور، مسجلة باسم "سمية. م" بالإضافة الى صورة تنازل من هذه الأخيرة الى المدعو "كمال. م" عن نفس العقار، وافادة نفي ملكية "كمال. م" لحصة في العقار المذكور، بالإضافة الى محاضر اثبات ملكية منظم من وزارة المالية، يثبت حصة كمال المذكور، وأنه قام بناء لذلك بإجراء اتفاقية مع "فرج. م" لفرز البناء القائم على العقار مقابل 85 مليون ليرة وهذا المبلغ يمثل بدل أتعاب والرسوم المالية، كما طلب من "فرج" تنظيم وكالة له لمتابعة الأمور العقارية لفرز العقار.

أضاف محمد. ح أنه بعد استلامه الأوراق كاملة قام بتنظيم عقدين الأول بين بشير. ع" و"فرج. م" والثاني بين "حامد. م" و"فرج. م"، يفيدان بصحة قيامهما بإعطاء مبلغ من المال الى "فرج" الذي سلمه بنفسه وأمامهما كدفعة على حساب عملية إتمام نقل الملكية، وأنه قبض مبلغ 22 مليون ليرة لبنانية من "بشير. ع" مقابل أن يسجل له نصف حصة شقة من العقار على اسم زوجته "ناهد. ع"، الا أن بشير بدأ يطالبه باستعادة أمواله أو تسجيل العقار والحّ عليه بالطلب، فأراد أن يثبت له أنه يقوم بالأمر حسب ​الأصول​، وأرسل له صورة عبر "واتساب" بإفادة عقارية مزورة عائدة لعقار المزرعة تثبت ملكية "فرج. م" لـ2400 سهم، في حين أنه لم يكن يملك شيئاً في هذا العقار، مؤكداً أنه قام بتزوير الافادة عبر حاسوبه الخاص، مستخدماً برنامج (point) وقام بتبديل اسم المالك، ووضع للإفادة العقارية تاريخاً جديداً، معترفاً بأن أصل الإفادة العقارية التي حصل عليها التحريف موجودة في مكتبه، وأنه قام بتزوير قرار اداري عبر تبديل الأسماء الموجودة عليه، ووضع اسم "فرج. م" وقام ب​طباعة​ ختم محكمة جنايات بيروت عليه، وتبديل التواريخ وطباعة ختم النيابة العام المالية وتوقيع المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم على مستند كان بحوزته، كما قام بتعديل بعض الأرقام والتواريخ والأسماء وأرسل صورة عن القرار الى "بشير. ع"، وكان يقوم بتعديل السندات والأوراق وطباعتها على الأبيض والأسود وسحبها من خلال (printer) موجودة في منزل أهله، وبعض الأحيان يظهرها في أي مكتبة.

واعترف السمسار العقاري أيضاً بأن الإفادة العقارية التي زورها باسم "فرج. م" وأرسلها الى ابنة الأخير والى "بشير. ع" كان استحصل عليها في أواخر العام 2017 من المدعى عليه "محمد. غ" الذي كان موقوفاً في سجن روميه مقابل 600 دولار أميركي، كما قام بالاستيلاء على مبلغ 12000 دولار من المدعي "عفيف. ر" الذي سلمه اليه لانجاز بعض المعاملات لصالحه، كما استولى على مبلغ سبعة ملايين ليرة من المدعي "رائد. س" بحجة انجاز معاملات عقارية خاصة به، وخلال التحقيق مع المدعى عليه "حسن. م" أمام مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال، أفاد الأخير أن المدعى عليه "محمد. ح" طلب منه تنظيم سند ملكية أصلي خاص بعقار المزرعة، وأنه اتصل بدوره بالمدعى عليه "محمد. ظ" الذي وافق على تأمين سند ملكية مزور مقابل مبلغ 600 دولار أميركي، ولدى استجواب الأخير أوضح أنه لم يكن ينوي التزوير بل الاحتيال على "حسن. م" وأخد الأموال منه.

قاضي التحقيق في بيروت، اعتبر أن أفعال المدعى عليهم "محمد. ح"، "حسن. م"، محمد. ظ" و"محمد. غ" لجهة تزوير إفادات عقارية واستعمال المزور، والاستيلاء على أموال الناس، وتزوير أختام قضاة واستعمالها تنطبق على الجناية المنصوص عنها في المادتين 459 و454 من قانون العقوبات التي تصل عقوبتها الى الأشغال الشاقة عشر سنوات، وأحالهم على محكمة جنايات بيروت لمحاكمتهم.