استضاف برنامج "​​الإقتصاد في أسبوع​​" من إعداد وتقديم ​كوثر حنبوري​ عبر أثير "إذاعة ​​​​​​لبنان​"​ في حلقة هذا الأسبوع تحت عنوان "ما المطلوب من الحكومة العتيدة على الصعيد الاقتصادي"، ​​الخبير الإقتصادي د. غازي وزني، الذي أشار إلى أن "هناك الكثير من التحديات أمام الحكومة العتيدة، وفي كافة المجالات. أهم هذه التحديات النمو الإقتصادي البطيء (أقل من 1%)، مشاكل القطاعات الإقتصادية كافةّ من التجارة الى ​السياحة​ ​الصناعة​ والزراعة، وضع ال​مالي​ة العامة الذي اعتبرته رويترز من الأسوأ في المنطقة حيث يصل العجز الى 6 مليار دولار، ​الدين العام​ الذي يتصاعد بشكل مخيف وتشير توقعات صندوق النقد إلى أن يصل لـ 180% من حجم الإقتصاد في العام 2023 حيث يحتل لبنان اليوم المرتبة الثالثة عالمياً، بالإضافة الى ​الفقر​ الذي ارتفع لتصل نسبة الفقراء الى 32% من الشعب اللبناني، ​البطالة​ التي وصلت الى 25% من الشعب اللبناني، أو حتى المشاكل اليومية والمعيشية حيث لا كهرباء ولا مياه ولا بنى تحتية...الملفات كلها تشكل تحدّيات، لذلك نحتاج الى حكومة فعّالة ومنتجة هدفها الأساسي معالجة هذه الملفات وإلا سيسوء الوضع الإقتصادي والإجتماعي الذي نعيشه".

وأضاف وزني أن "تأليف الحكومة أمرٌ إيجابي ولكن على المدى القصير فقط، لناحية الثقة بالنسبة للمؤسسات الدولية ومؤتمر "سيدر"، لكن إذا لم تواجه هذه الحكومة التحديات المطلوب مواجهتها وجعلت المواطنين يشعرون بإيجابيات تشكيلها في شهر على الأكثر فإن الإيجابية التي نتجت عن التأليف ستتبخّر"، مشيراً إلى أهمية ان تشمل الحكومة اختصاصيين بحيث لا يتم التعامل مع الملفات سياسياً.

واشار إلى أنه "من حيث الأولوية، فمن الأمور التي يجب البدء بها هو إعداد مشروع ​موازنة​ العام 2019، الذي كان من المفترض ان يكون قد تم إحالته الى مجلس الوزراء في أيلول ليتم في ما بعد تحويله لمجلس النواب وإقراره قبل نهاية العام الجاري"، مشدداً على أهمية أن تكون ​الموازنة​ الجديدة إصلاحية "وليست تلزيق ارقام، مترافقة مع عجز كبير"، وقال: "موازنة العام 2018 يجب أن تحفّز النمو الإقتصادي وتضبط العجز في المالية العامة، هذه الموازنة يجب ان تكون صورة تقدَّم للخارج تقول أن لبنان بدأ بالعملية الإصلاحية".

وأوضح أن خوفه من موضوع العجز في المالية العامة "نابع من مؤشرات وصلتنا من المسؤولين وتشير بأن موازنة العام 2019 تم تحضيرها أصلاً والعجز فيها يفوق الـ7 مليار دولار، وهذا الأمر إذا كان صحيحاً فإننا متجهين لانهيار مالي بكل ما للكلمة من معنى". وتابع: "الرهان على مؤتمر "سيدر" في محله ولكن لا يجب أن نحلم كثيراً بالموضوع. هذا المؤتمر سيقدّم لنا 11 مليار دولار ك​قروض​ ميسّرة ولكن الإفادة الأولى لن تكون قبل عام ونصف أو عامين...على الحكومة أوّلاً ان تحدد مشاريع ​البنية التحتية​ ذات الأولوية وبعد ذلك عليها دراستها ومن ثم تقديمها للمجتمع الدولي"، مشدداً على ان "الملف الأهم في لبنان هو ​الكهرباء​...وهو ملف سياسي كما يعلم الجميع. الحلول لهذا الملف موجودة والدراسات المتعلقة به تملأ الوزارات والمؤسسات المالية الدولية ولكن على القوى السياسية أن تبعده عن السياسة وتتعامل معه كملف اقتصادي اجتماعي يحتاج للمعالجة"، مشيراً إلى أن معالجة ملف الكهرباء يعتبر الإنطلاقة لمعالجة كافة المشاكل الأخرى، وقال: "معالجة الكهرباء تخفض العجز بالمالية العامة بملياري دولار، تحرّك الإقتصاد عبر تحسين القطاعات الإنتاجية وغير الإنتاجية، وتخفّض الفاتورة على المواطنين وجيوب المواطنين".

وردًّا على سؤال حنبوري عن تصريح رئيس مجلس النواب نبيه بري حول انهيار اقتصادي ​قريب​ وعمّا اذا كان للضغط في ملف تشكيل الحكومة، قال د. وزني: "أوّد في البداية أن أؤكد بأن صياغة الكلام لم تكن دقيقة في ما نقل عن الرئيس بري. الرئيس بري لديه مخاوف وقلق من الوضع الإقتصادي المتأزم...لكن لم يقل ان الإنهيار الإقتصادي سيحصل خلال أسابيع فهو على يقين ومعرفة تامة ودقيقة من المسؤولين وغير المسؤولين أننا نعيش وضع اقتصادي صعب ودقيق وأنه من المفترض على القوى السياسية الإسراع في تأليف الحكومة لمعالجة هذا التدهور، لكنه لم يقل أسابيع".

وعن خطة "​ماكنزي​" التي تم إعدادها، أوضح وزني أن "الحكومة في المرحلة المقبلة تستند الى ملفين: الأول مؤتمر سيدر الذي سيقدم قروض ميسّرة مع فترة سماح بقيمة 11.5 مليار دولار للإستثمار في البنية التحتية بعد القيام بإصلاحات...الملف الثاني: خطة "ماكنزي" التي تتألف من 1000 صفحة...هذه الخطة "قطاعية" تركّز على تحفيظ وتحريك وتطوير قطاعات إقتصادية معيّنة من أجل المستقبل...انطلاقاً من مبدأ الإنتقال من اقتصاد ريعي وخدماتي لا ينتج فرص عمل، رهينة للخارج، لا يحقق معدلات نمو مرتفعة، إلى اقتصاد منتج ديمومته تستند الى الداخل ولا يصدّر الطاقات الشبابية. من هنا نرى ان الخطة أساسية ومضمونها جيد جداً، لكنها في الوقت نفسه تتطرّق الى بعض الأمور بشكل هامشي كموضوع العجز بالمالية العامة أو ملف سيدر".