من المتوقع ان ينتقل مشروع قانون العقوبات الأميركية الجديدة على "​حزب الله​" في تشرين الثاني المقبل، إلى مرحلة متقدمة تطال الداعمين لمؤسسات إعلامية واقتصادية واجتماعية مرتبطة به، وذلك في محاولة عزل الداعمين للحزب الذي يزداد الحصار المالي عليه بعدما وقع ​الرئيس الاميركي​ ​دونالد ترامب​ امس الخميس قانونا أقره ​الكونغرس​ ويفرض عقوبات إضافية على حزب الله اللبناني.

ويفرض المشروع لأول مرة عقوبات على داعمي "بيت المال" وشركة "جهاد البناء" المعنية بتنفيذ أعمال بناء، فضلاً عن مؤسسات الحزب الإعلامية، مما يهدد المعلنين الذين يبثون إعلانات لهم في تلك القنوات، علماً بأن العقوبات باتت واسعة و تطال الشريحة الاجتماعية التي تتعاون معه، مما يساهم في تضييق الخناق عليه أكثر.

وفي حين يسعى مشروع القانون إلى زيادة الضغط على ​المصارف​ التي تتعامل معه، يطمئن حاكم ​مصرف لبنان​ رياض سلامة ان المصرف المركزي أصدرتعاميم مرت عليها فترة من الزمن، ولا تعاميم جديدة، وهذه التعاميم تجعل لبنان ممتثلا للقوانين في دول يتداول لبنان عملتها أو يتعامل مع مصارفها.

وأشار إلى أن هذه التعاميم هي نفسها كافية مهما كانت العقوبات الجديدة، لذا لا جديد في هذا الموضوع .

ومن المعلوم انه في تشرين الثاني 2015، عمم سلامة قرارا على المصارف والمؤسسات المالية والمؤسسات الخاضعة لرقابة مصرف لبنان، يتعلّق بأصول التعامل مع القانون الأمريكي وأنظمته التطبيقية، ويتناول منع ولوج "حزب الله" إلى المؤسسات المالية الأجنبية.

والجدير ذكره، إن العقوبات عادة ما تكون ضمن 3 فئات: العقوبة على الشخص نفسه، وتطال مصالحه أو ثروته، وفئة العقوبة التي تطال المؤسسة التي تقوم بنشاط لصالح الحزب، والفئة الثالثة تطال الممّول. ويبد و لافتاً إل أن مشروع القانون الحالي يطال الفئة الثالثة بشكل أساسي.

وزني

من جهته، الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزنيقال "للاقتصاد " ان العقوباتالمقبلة متشددة من ناحية الاسماء والاشخاص. وهناك اتساع في لائحة الاشخاص والمؤسسات ، وقد يكون بينها مؤسسات اجتماعية . ولجهة ​القطاع المصرفي​ فهو ملتزم في الأساس بتطبيق القوانين الدولية .

والرقابة متشددة من قبل مصرف لبنان ، المصارف والمصارف المراسلة. وحزب الله اعلن مراراً وتكراراً انه لا يتعامل مع القطاع المصرفي .

امتثال مثالي للمصارف اللبنانية

اما بعد ، يعتبر امتثال ​المصارف اللبنانية​ لتطبيق لائحة مكافحة ​تبييض الأموال​ وتمويل الإرهاب هو تطبيق للمعايير والقوانين الدولية المستحدثة، ومع الوقت اصبحت اكثر صرامة مع ارتفاع حدة التوتر بين مسؤولي "حزب الله" ووزرائه في الحكومة والمصارف اللبنانية على خلفية إصدار المصرف المركزي التعميم 137 في 3 آيار 2016، بما يتناسب مع مضمون القانون الأميركي رقم 2297، الأمر الذي اعتبره الحزب مصادرةً لسيادة لبنان النقدية.

يتعلق التعميم الوسيط لمصرف لبنان رقم137 بأصول تعامل المصارف اللبنانية والمؤسسات المالية وسائر المؤسسات الخاضعة لرقابة مصرف لبنان مع القانون الأميركي وأنظمته التطبيقيّة، وهو يتناول منع دخول "حزب الله" الى المؤسسات المالية الأجنبية وغيرها من المؤسسات.

ويستند إلى إبلاغ هيئة التحقيق المنشأة لدى مصرف لبنان لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بالحسابات التي أقفلها أو جمّد أرصدتها أو رفض التعامل مع أصحابها المدرجين في اللوائح الأميركية، الأمر الذي أعطى المصارف المحلية سنداً قانونياً لتطبيق النصوص الأميركية .

من هنا، يخشى المصرف اللبناني المحلي، في حال عدم تطبيقه القانون المذكور ونظامه، إدراجه في لائحة العقوبات SDN الصادرة عن مكتب مراقبة ​الأصول الأجنبية​ OFAC في وزارة الخزانة الأميركية، وتالياً اقفال المصارف الأميركية والأوروبية المراسلة حساباته لديها وقطع التعامل معه.

في السنوات الأخيرة، قيّدت مجموعة من التدابير الأمريكية عمليات حزب الله المالية، لكن الضغط ازداد بسبب "قانون مكافحة تمويل حزب الله دولياً.

سجل لبنان تقدما على صعيد تثبيت سمعته المالية الدولية، بإصدار القوانين المالية الأربعة التي أقرها مجلس النواب انسجاماً مع القواعد المصرفية العالمية والمعاهدات الدولية المعمول بها. كذلك أشاد بـ "أداء السلطة المالية والنقدية التي نجحت في بناء شبكة أمان حول ​القطاع المصرفي اللبناني​ لكونه الركيزة الأساسية للاقتصاد اللبناني، وآخر مستجداتها اعتبار GAFI أن لبنان أصبح مستوفياً كل الشروط الدولية".

تجدر الإشارة إلى أن المقررات الدولية الناظمة للعقوبات والأطر القانونية في هذا السياق واضحة، لاسيما ما بدأ به التشريع المالي الدولي انطلاقاً من القرار 1373 عام 2001، مروراً بالقرار 1390 عام 2002 وصولاً إلى مجموعة القرارات الدولية التي صدرت نهاية العلم 2015 لاسيما القرار 229.

واللافت اليوم ان المشروع يعطي الرئيس الأميركي صلاحية رفع حظر إعطاء تأشيرات الدخول شرط أن يبلّغ الكونغرس بقراره في فترة لا تتجاوز الستة أشهر، وعلى أن يقدّم أدلة للكونغرس تشير إلى أن قراره يصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة.

وبعد تصويت مجلس النواب الأمريكي يجب أن يحصل مشروع القانون على تأييد مجلس الشيوخ؛ حيث يسعى صقور الكونغرس لإقراره بالتزامن مع رزمة جديدة من العقوبات ضد إيران، في تشرين الثاني المقبل.

وبدأ القانون بنسخته القديمة عام 2014، ويعرف في ​الولايات المتحدة​ باسم "أتش.أي.أف.بي.إيه"، ويعني بالعربية مكافحة تمويل "حزب الله" على اعتباره "منظمة إرهابية.

بإختصار ، يبدو ان المرحلة مقبلة على المزيد من العواصف في لبنان وصلابة القطاع المصرفي الذي يشرف عليه الحاكم سلامة كفيلة بدرء المخاطر الاقتصادية التي لبنان بغنى عنها.