اختُتمت فعاليات المؤتمر الاستثماري الذي نظمته السلطات ​السعودية​ في الرابع والعشرين من الشهر الجاري. وانعقد المؤتمر رغم المقاطعة وانسحاب العشرات من كبار قادة الأعمال من جميع أنحاء العالم، مع تزايد التساؤلات حول دور ​الحكومة السعودية​ في موت خاشقجي، الذي اختفى بعد دخول القنصلية السعودية في ​إسطنبول​ بتاريخ 2 تشرين الأول الجاري.

وأكّد مسؤولون في ختام المؤتمر أن السعودية "راضية جدا" عن نتائج المنتدى الذي تعوّل عليه لجذب ​استثمارات​.

ومن جهته، أعرب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خلال مشاركته في جلسة لمؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض"، عن اعتقاده بأن "​أوروبا​ الجديدة هي ​الشرق الأوسط​".

وقال: "المملكة العربية السعودية وفي 5 سنوات قادمة ستكون مختلفة تماما، و​البحرين​ ستكون مختلفة تماما و​الكويت​، وحتى قطر، رغم خلافنا معها، لديها ​اقتصاد​ قوي وستكون مختلفة تماما بعد 5 سنوات، وكذلك ​الإمارات​ و​عمان​ و​لبنان​ و​الأردن​ و​العراق​ و​مصر​".

وتابع: "هذه حرب السعوديين وهذه حربي، بالنسبة إلي شخصيا ولا أريد أن أفارق الحياة قبل أن أرى الشرق الأوسط في مقدمة مصاف العالم".

هل نجح المؤتمر بالفعل كما يروّج؟ ماذا بعد المؤتمر؟ وما هي التغيرات التي ستطرأ على "رؤية المملكة 2030"؟ لمعرفة الإجابة عن هذه التساؤلات كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي د. إيلي ياشوعي :

هل ترى أن السعودية نجحت في مؤتمر الإستثمار الذي حصل في الوقت المحدد له بالرياض؟

لا أرى أن المقاطعة كانت واسعة بقدر المتوقع. السعودية سعت الى ​تعويض​ غياب المقاطعين عبر دعوة شخصيات سياسية عربية وآسيوية وأفريقية. المصالح حتّمت على المدعوين الحضور وعدم الاتجاه للمقاطعة.

رداً على سؤاله عن اعتماد المنطقة على أموال من مصادر غربية مثل صناديق الاستثمار المباشر، قال رئيس مجلس إدارة ​إعمار العقارية​"، محمد العبار، خلال المؤتمر: "لا نحتاج إلى أموالهم! المال في الشرق الأوسط"، الى اي مدى يمكن الإعتماد على ذلك لتنفيذ المخططات السعودية الضخمة لرؤية 2030؟

الأموال في المنطقة تتخطى ما تحتاجه "رؤية 2030" نعم، لكن توزيعها غير سليم. الدول النفطية من المفترض ان تساعد الدول غير النفطية، خاصّةً إذا كانت عربية. دائماً ما نرى ان البترودولار يتم تحويله للولايات المتحدة ولأوروبا وليس لدول المنطقة.

الأموال مهمة جداً في المنطقة: السعودية دولة نفطية، قطر دولة غاز وإذا شملنا ​إيران​ فهي أيضاً دولة نفطية.

وبخصوص "رؤية 2030" فمن الأفضل أن تكون الإستثمارات متنوعة بين عربية وأميركية وأوروبية وآسيوية لأن البرنامج طموح جداً ويحتاج الى الثقة المشتقة من استثمارات دولية لما يمنحه ذلك من غنى وضمان.

مع اقتراب تاريخ الرابع من تشرين الثاني تتوجه الأنظار الى ​أسعار النفط​، حيث نترقب بدء تنفيذ ​العقوبات الأميركية​ على ​القطاع النفطي​ الإيراني، ما هي توقعاتك لأسعار النفط مع العلم أن وزير ​النفط السعودي​ خالد ​الفالح​ أشار اليوم إلى أن الحاجة قد تدعو إلى التدخل لتقليص ​مخزونات​ النفط بعد زيادتها في الأشهر الأخيرة ؟

في هذا الموضوع نلحظ موقفين، الأول يقول أنه سيتم تعويض ​إنتاج النفط​ الإيراني (بين 3 و 4 مليون برميل)، مع العلم أن إيران لن تتوقف عن بيع نفطها 100% فالهند و​الصين​ أكدوا أنهم لن يتوقفوا عن شراء النفط. والرأي الثاني يشير الى أن ​اسعار النفط​ ستقفز متأثرةً بنقص المعروض.

برأيي، السعودية و​روسيا​ قادرتان على تعويض الإنتاج الإيراني وسعر برميل النفط سيتراوح بين 70 و80 دولار لفترة ​زمن​ية طويلة، وأستبعد ان نرى سعر المئة دولار.

الإقتصاد العالمي​ لازال يتعافى من نتائج ​الأزمة المالية​ الأخيرة ولن يتمكن من تحمّل صدمات أخرى.

ما هي توقعاتك لإقتصادات المنطقة العربية في ظل هذا التراجع للاقتصادات الناشئة؟

ان اتفقت ​الدول العربية​ على تشكيل وحدة اقتصادية، سنرى نتائج عظيمة. ما سمعناه من ولي العهد السعودي في مؤتمر الرياض عن تحويل المنطقة الى أوروبا ثانية أمر مثير ومطلوب منذ زمن بعيد. وتجدر الإشارة الى ان السوق العربية المشتركة تم التأسيس لها قبل السوق الأوروبية المشتركة والعملة العربية الموحدة أيضاً، تم التأسيس لها قبل ​اليورو​ إلا أن الدول العربية لم تنجح في التنفيذ بسبب الخلافات السياسية فيما بينها وتدخل القوى العظمى في شؤوننا الداخلية.

السوق العربية المشتركة أمر ضروري، إلا أنه يحتاج إلى حد أدنى من الوفاق والإتفاق. لا نريد نزاعات كذلك الذي بين السعودية وقطر أو حرب ​اليمن​. جميل ما سمعناه من كلام طموح ومطلوب لكنه يفترض أولاً وقف النزاعات وثانياً توحيد التشريعات.