مهما كثرت الاعتراضات على وجود مولدات ​الكهرباء​ الخاصة ، ومهما تصاعدت المواقف المعارضة لتشريع انتشار هؤلاء والسماح لاصحابها باستخدام شبكة الدولة واملاكها ، ومهما أطلق عليهم من عبارات لا تعترف بدورهم الايجابي في تأمين الكهرباء بغياب الدولة ، لا بد من القول انهم اصبحوا الامر الواقع ، ولا قدرة ولا قوة للدولة على إزالتهم او حتى الاستغناء عنهم الى حد ان احد الوزراء أقرّ بضعف السلطة في المواجهة .

وفي هذا السياق ، لابد من التوقف عند التوضيح الذي اعلنه وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال رائد خوري في معرض تبريره لإلزام اصحاب المولدات تركيب العدادات لتنظيم عملها اذ قال : " في غياب الدولة التي كان يجب أن تقوم بواجبها وتقديم الكهرباء 24 ساعة للمواطنين، مع الاشارة الى أن هذا الموضوع عليه نزاع في السياسة وبحاجة لقرار مجلس الوزراء مع أننا قدمنا خطة في ما خص هذا الموضوع وهذا يتطلب و​فاقا​ سياسيا وليس بيد وزير، ما حتم علينا أن نتعاطى مع الأمر الواقع وتنظيمه لأن الذي يحدث وخاصة في الفترة الاخيرة هناك نوع من الجشع الكبير جدا من قبل أصحاب المولدات وهم بدأوا يتصرفون بطريقة عشوائية ويستغلون المواطن بحجة أن الدولة لا تعطيهم كهرباء وهم الموجودون على الأرض ولا يقبلوا بدخول منافس آخر في المنطقة ما أدى الى تقديم فواتير غير معروفة التفاصيل وغير معروف على أي أساس تجبى. وبعدما تبلغنا شكاوى عديدة ورأينا في المناطق ماذا يفعلون، وهنا نتكلم عن أرباح بمئات ملايين الدولارات من خلال اثقال كاهل المواطن. من هنا جاء التفكير بالطريقة التي نضبط فيها ومن خلالها هذا الموضوع فوصلنا الى قرار العدادات" .

الا ان موضوع فرض تركيب العدادات حمل اكثر من مفهوم من قبل تيارات مختلفة سياسية ونقابية وغيرها ...فالبعض رأى في التدبير خطوة ايجابية تنظم ​استهلاك الكهرباء​ بواسطة المولدات الخاصة ، فلا تعود فواتير الاشتراك عشوائية ، فيما ان البعض الآخر اعتبرها تكريساً واعترافاً بقانونية وجود ودور اصحاب هذه المولدات ، وهو ​مخالفة​ للمادة /89/ من الدستور التي تنص انه لا يجوز منح أي إلتزام أو إمتياز لإستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة او أي إحتكار إلا بموجب قانون محدود .

الاتحاد العمالي يراجع شورى الدولة

وفي خطوة متقدمة ولافتة ، في 10 تشرين الاول الجاري ، تقدم الاتحاد العمالي العام مع المحامي علي عباس بمراجعة إبطال امام ​مجلس الشورى​ لتجاوز حد السلطة مـــع طلـب وقـف تنفيذ ضد الدولة - وزارة الاقتصاد والتجارة في ما خص:- التعميم الرقم 3/1/أت الصادر عن وزير الإقتصاد والتجارة بتاريخ 8/10/2018 المتعلق بالتدابير اللازمة لضبط تعريفات ​المولدات الكهربائية​ الخاصة.

- القرارين الصادرين عن وزير الإقتصاد والتجارة برقم 135/1/أت تاريخ 28/7/2017 والقرار المعدل له رقم 100/1/أت تاريخ 6/6/2018 المتعلقين ب​آلية​ تصريح أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة لدى وزارة الإقتصاد والبلاغ الرقم 4/1/أت تاريخ 12/7/2018 المتضمن تحديد المحل وتحديد نوعية العدادات المفروضة.

ومن المفترض ان تقدم وزارة الاقتصاد خلال 15 يوما اي في الساعات المقبلة دفوعها على ان ​يصد​ ر في ما بعد مجلس شورى الدولة قراره.

واهم ما جاء في المراجعة المرفوعة من الاتحاد العمالي التي حصلت عليها "الاقتصاد":

"إن الظروف التي مرت بها البلاد وما تخللها من تقاعس الإدارة في القيام بواجباتها تجاه الشعب ال​لبنان​ي وتأمين أبسط حقوقه ومنها الكهرباء إستتبعت ظهور حالة شاذة غير مسندة إلى أي سند قانوني وهي ما يعرف بالمولدات التي إنتشرت في مختلف المناطق اللبنانية وقامت ببيع الكهرباء إلى المواطنين بشكل فوضوي وغير مضبوط ، مما إستتبع تدخل مصلحة حماية ​المستهلك​ في وزارة الإقتصاد لمنع الغش والذي لحق بالعديد من المواطنين ولتوحيد التسعيرة إنسجاما مع مبدأ المساواة بين الجميع ومنع وجود أي غبن قد يلحق بأي مواطن لبناني وهو أمر ينسجم مع أحكام قانون حماية المستهلك رقم 659 تاريخ 4/2/2005 وتعديلاته، وبالتالي أصدر معالي وزير الإقتصاد عددا من القرارات والتعاميم والبلاغات ومنها القرارين المطلوب إبطالهما رقم 135 ورقم 100 والبلاغ رقم 4/1/أت إضافة إلى التعميم الأخير رقم 3/1/أت تاريخ 8/10/2018.

- إن القرارات والتعاميم والبلاغات التي أصدرها معالي وزير الإقتصاد والتجارة بما فيها القرارين والبلاغ والتعميم المطلوب إبطالها إستندت في حيثياتها على قانون حماية المستهلك، وبالتالي على قاعدة واجبات مصلحة حماية المستهلك تجاه المواطنين لحمايتهم من الغش والخداع والسرقة، إلا أنها تجاوزات في حيثياتها ومضمونها هذه الصلاحية لتصل لحد مخالفة الدستور والقوانين المرعية الإجراء لا سيما تلك التي تنظم قطاع الكهرباء وفرض الرسوم و​التأمين​ وصولا إلى منح إمتياز مرفق عام بشكل مقنع وتشريع حالة شاذة غير قانونية وغير حائزة على التراخيص من الجهات المختصة وإعطائها صلاحيات غير منطقية وغير مبررة تعود عادة لأشخاص القانون العام إضافة إلى منحها صلاحية إستيفاء حقها بالذات وغيرها من المخالفات التي تعتبر بمثابة التجاوز الكبير في إستعمال السلطة وإنحرافها لغايات ضيقة بعيدة كل البعد عن الصالح العام.

- إن القرارات المطلوب إبطالها هي متجاوزة لحد السلطة ومستوجبة إعلان إنعدامها وإلا إبطالها وذلك للأسباب التي سيلي بيانها...."

اما اسباب الابطال فتتضمن:

في ثبوت مخالفة التعميم المطلوب إبطاله والقرارين والبلاغ المطلوب إعلان إنعدامهما للدستور ومخالفتها للقانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره:

بتاريخ 28/7/2017 أصدر معالي وزير الإقتصاد والتجارة القرار الرقم 135/1/أت المطلوب إبطاله المتعلق بتركيب عدادات للمولدات الكهربائية الخاصة ثم عاد وأصدر بتاريخ 6/6/2018 القرار المطلوب إبطاله الرقم 100/أت الذي عدل بموجبه القرار الرقم 135 ومدد المهل وقد ألحقها بالبلاغ رقم 4/1/أت تاريخ 26/7/2018 المتضمن تمديد للمهل وإلزام أصحاب المولدات بتركيب عدادات إلكتروميكانيكية مطابقة للمواصفات المعتمدة من قبل ​شركة كهرباء لبنان​ لغاية 1/10/2018 وللتصريح عنها لدى وزارة الإقتصاد والتجارة على ان يكلف صاحب المولد بكلفة العدادات.

وقد تضمنت هذه القرارات آلية تصريح أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة لدى وزارة الإقتصاد والتجارة،إلا ان معالي وزير الإقتصاد والتجارة قام مؤخرا بإصدار التعميم الرقم 3/1/أت تاريخ 8/10/2018 الذي يتعلق بالتدابير والإجراءات اللازمة لضبط تعريفات المولدات الكهربائية الخاصة كما شمل تعديلات أخرى أهمها الآلية المتعلقة بالتصاريح وتعرض كل مخالفة لهذا القرار صاحبها للعقوبات المنصوص عنها في قانون حماية المستهلك وقانون العقوبات.

إلا أن أخطر ما ورد في التعميم رقم 3 المطلوب إبطاله يتعلق بالتدابير اللازمة لضبط تعريفات المولدات الكهربائية الخاصة حيث ورد فيه ما حرفيته:

"أولا، يمنع على صاحب المّولد، إعتبارا من 1/10/2018، تقاضي تعرفة مسبقة "من المشترك لأن التعرفة الشهرية يجب أن تكون مرتبطة بكمية الكيلواط التي تم "صرفها وفقا لتسعيرة وزارة ​الطاقة​ الشهرية، وفي حال كان صاحب المولد قد "قبض تعرفة هذا الشهر يجب حسمها من قيمة الفاتورة في آخر الشهر على ألا "يأخذ مجددا تعرفة مسبقة خلال الأشهر القادمة.

"ثانيا، يحق لصاحب المولد أن يأخذ تأمين من المشترك لمرة واحدة فقط قدره "/100.000/ ل.ل. عن 5 أمبير و/175.000/ ل.ل. عن 10 أمبير ويضاف "/75.000/ ل.ل. عن كل 5 ​امبير​ في حال رغب المشترك في زيادة إشتراكه، "على أن يصار إلى إعطاء المشترك إيصال واضح بالمبلغ الذي تم إيداعه لكي "يعاد هذا التأمين كاملا إلى المشترك عند إيقاف الإشتراك وبعد تغطية كل النفقات "المتوجبة عليه. أما في حال عجز المشترك في نهاية الشهر عن دفع الفاتورة فيحق "لصاحب المّولد حسم قيمتها من التأمين وإعادة ما تبقى للمشترك بعد إيقاف "إشتراكه.

"ثالثا، يتحمل صاحب المّولد كلفة العداد وتركيبه ولكن تقع على عاتق المشترك "كلفة التمديدات العائدة له بعد إبراز كافة الفواتير اللازمة التي يجب أن تكون من "المصدر وليس من صاحب المّولد وعلى ألا تتعدى كلفة التمديدات في مطلق "الأحوال /50.000/ ل.ل.

إن القرارين والبلاغ والتعميم المطلوب إعلان إنعدامها وإلا إبطالها قد تضمنت مخالفات عديدة منها ما طال الدستور اللبناني ومنها ما طال القوانين المرعية الإجراء بحيث أن المخالفات التي إعترتها كانت جسيمة ونافرة بشكل غير مسبوق في العمل الإداري بما يظهر الامبالاة وعدم الإكتراث بحقوق الشعب اللبناني وبحسن سير المرافق العامة بشكل سليم وبناء ومثمر أو مراعاة لمبادئ العدالة والإنفصاف والشفافية والنزاهة، ومن المخالفات التي تضمنها التعميم رقم 3والتي تلحق حكما القرارين والبلاغ المطلوب إبطالها ما يلي:

1- مخالفة الدستور اللبناني لا سيما أحكام المادتين /81/ و/82/ لجهة عدم جواز فرض الضرائب العمومية والرسوم ولا يجوز إحداث ضريبة ما وجبايتها في الجمهورية اللبنانية إلا بموجب قانون شامل تطبق احكامه على جميع الأراضي اللبنانية دون إستثناء في حين من الواضح أن تعميم معالي الوزير يفرض ضريبة من نوع ما على المواطنين بشكل غير مسبوق في العمل الإداري.

2- مخالفة المادة /89/ من الدستور التي تنص انه لا يجوز منح أي إلتزام أو إمتياز لإستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة او أي إحتكار إلا بموجب قانون محدود.

3- مخالفة القانون الرقم 462 تاريخ 2/9/2002 المتعلق بتنظيم قطاع الكهرباء في لبنان لا سيما المادة الرابعة منه المتعلقة بهيئة تنظيم قطاع الكهرباء والآلية المحددة للترخيص و​تأسيس شركات​ متخصصة إضافة إلى المادة الخامسة التي تحدد أصول الخصخصة.

4- مخالفة مرسوم إنشاء ​مؤسسة كهرباء لبنان​ رقم 16878 تاريخ 10/7/1964 الذي عهد إليها حصريا إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية في جميع الأراضي اللبنانية بإعتبارها مؤسسة عامة وطنية ذات طابع صناعي وتجاري وذلك حسب ​الأصول​ المحددة في المادتين /2/ و/3/ منه، كما خالف المادة الرابعة التي تنص على عدم جواز إعطاء أي كان إمتياز أو رخصة أو إذن لإنتاج أو نقل أو توزيع الطاقة الكهربائية.

5- مخالفة أحكام المادة الثانية من المرسوم رقم 4515/72 التي نصت على إستقلالية مؤسسة كهرباء لبنان بإعتبارها من المؤسسات التي تولى مرفقا عاما وتتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي الإداري.

6- مخالفة أحكام قانون حماية المستهلك رقم 654 تاريخ 4/2/2005 المعدل بموجب القانون الرقم 265 تاريخ 15/4/2014 سواء لجهة إستعمال نصوصه في غير محلها الصحيح أو الإستناد إليها لإقرار واقع مخالف للدستور وللقانون.

7- الإجازة لصاحب المولد بإستملاك التأمين مما يشكل مخالفة لأحكام قانون العقوبات المتعلقة بعدم جواز إستيفاء الحق بالذات.

8- خلو التعميم رقم 3 المطلوب إبطاله من إستشارة مجلس شورى الدولة رغم التعديلات الكبيرة التي تضمنها في حين سبق لمعالي الوزير أن طلب إستشارة مجلس شورى الدولة في قراريه المطلوب إبطالهما.

9- الإجازة لأصحاب المولدات وبشكل غير مباشر حق إستعمال وإستغلال الطرقات العامة والأملاك الخاصة لحين الأرباح على حساب أصحاب هذه الحقوق بمن فيهم أصحاب الحقوق المختلفة والمشتركة دون إذن من أصحابها بما يشكل تعديا على الملكية الخاصة والعامة وشبه إستملاك مقنع.

10- مخالفة القوانين والأحكام التي ترعى السلامة العامة في الطرقات والأبنية بسبب الأسلاك المنتشرة إضافة إلى عدم تحديد للتعويض عن الأضرار في حال حصولها ومن يتحملها.

11- الإجازة لأصحاب المولدات وعمالهم بدخول الاملاك الخاصة بما يمس بالملكية الخاصة ويخالف القوانين والأحكام المتعلقة بهذا الخصوص إضافة إلى إعطاء أصحاب المولدات الحق بإنشاء و​إستثمار​ خطوط للنقل الكهربائي الهوائي وإقامة الدعائم وتثبيت ركائز الأسلاك على الأملاك الخاصة والعامة دون مراعاة أية معايير.

12- تسليم أصحاب المولدات دون توفر أية صفة شرعية لهم إدارة مقنعة لمرفق عام بما يخالف القوانين والأحكام المرعية الإجراء بهذا الصدد.

13- التعدي على صلاحيات البلديات والحلول محلها في قرارات من إختصاصها وضمن الأملاك البلدية.

14- إستناده إلى قرار مجلس وزارة وهو أمر لا يعطي أي سند قانوني كونه قرار توجيهي لا علاقة له بالأصول القانوني الواجبة للأعمال المقررة بموجب التعميم والقرارات المطلوب إبطالها والتي تتعدى قرارات مجلس الوزارة إلى المراسيم والقوانين وفقا للأصول.

كما نشير ومن جهة أخرى، إلى ما تضمنته القرارات المطلوب إبطالها والبلاغات والتعميم الأخير من أحكام متضارية تطال المواطنين في اموالهم وحقوقهم فبعد أن نصت القرارت السابقة على أن الكلفة مجانية وليست على حساب المواطن عاد وأصدر التعميم رقم 3 بما تضمنه عبء كبير على المواطن سواء بالتامين المريب أو كلفة التوصيل التي تصل إلى الخمسين ألف ليرة لبنانية ولم يحدد آلية إعادة لتأمين إلى المشترك وكيفية الرقابة البناءة وكيفية ضبط الوضع على مختلف الأراضي اللبنانية، علما ان القرارات المطلوب إبطالها تتضمن أيضا العديد من المخالفات الأخرى والتي لن نعددها تبعالكون ما أوردناه من مخالفات تكفي لوحدها لإعتبارها قرارات منعدمة الوجود (inexistant) نظرا لجسامة لمخالفات التي تعتريها وخروجها بالكامل عن العمل الإداري الصحيح والمنسجم مع الدستور والقوانين المرعية الإجراء.

15- بنــاءً عليــه،

وحيث من الثابت ان القرارات المطلوب ابطالها قد خالفت أحكام الدستور والقوانين والمراسيم المرعية الاجراء المشار اليها اعلاه وغيرها من القوانين والأحكام التي تعنى بهذا الموضوع بحيث ان خروجها عن المبادىء التي أقرها الدستور وأقرتها القوانين والمراسيم المذكورة والتي تعتبر قاعدة قانونية اعلى وعدم تقيدها بمضمون القواعد القانونية المرعية الاجراء والواجبة التطبيق تعتبر مخالفة قانونية توصف انها ايجابية وتعرض القرار للإبطال :

"ذلك ان من الواجب على الادارة ان يرد تصرفها والقرارات التي تصدر عنها منطبقة كلياً على مضمون القاعدة القانونية عملاً بمبدأ الشرعية ، سواء قضت هذه "القاعدة بالزام الادارة بالعمل على نحو معين او بانهائها عن هذا العمل".

اما بعد ماذا سيكون رد وزارة الاقتصاد ؟ وبالتالي، ما هو قرار مجلس شورى الدولة ؟