تفيد مصادر مطلعة بأن عملية تشكيل الحكومة تسير في اليومين الأخيرين بسلاسة أكبر، و​علم​ "الاقتصاد" ان التوافق المفاجئ والمستجد على تشكيل الحكومة والمنتظر له ان يترجم عملياً خلال هذا الاسبوع او بداية ​الاسبوع المقبل​ كحد اقصى اراح ​الوضع الاقتصادي​ بشكل عام خصوصاً وانه اقترن بحديث او بمعلومات شبه مؤكدة من ان اولويات عمل الحكومة الجديدة سيكون "تسييل" مقررات "سيدر 1"، اي المباشرة بالاستفادة من ال​قروض​ والهبات التي اقرتها الدول المانحة ل​​لبنان​​ ما سيؤدي حتما الى اراحة الوضع الاقتصادي والمالي والخروج من الازمة الراهنة.

كما أكدت مصادر مطلعة لـ"الإقتصاد" ان رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ سيطلب فور تشكيل الحكومة الجديدة تشكيل لجنة دائمة من ​مجلس الوزراء​ لمتابعة قروض وهبات "سيدر 1" مع المسؤول الفرنسي عن تنظيم مؤتمر المستثمرين من اجل لبنان "سيدر 1"، السفير المفوض ما بين الوزارات لشؤون ​الشرق الاوسط​ بيار دوكين. ولكن ما الذي سيختلف في هذه الحكومة ان كانت المكوّنات هي نفسها في الحكومات السابقة؟ ما هي الأولويات التي يجب التركيز عليها؟ وماذا عن ​الموازنة​؟ لمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذه المواضيع، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي د.غازي وزني:

مع تسارع الإتصالات واللقاءات في ملف تشكيل الحكومة، هل ترى أن التشكيل كافٍ وخاصّة أنه قام على المبادئ نفسها لتشكيل الحكومات السابقة بدءاً من المحاصصة الى التهافت على الوزارات الخدماتية؟

نظراً للوضع الإقتصادي في لبنان، وجود الحكومة بالتأكيد أفضل من عدم وجودها. تشكيل الحكومة سيكسب لبنان ثقة ​المجتمع الدولي​ والمؤسسات المالية الدولية، بالإضافة الى الثقة الداخلية بأنه يوجد حكومة قادرة على الإنتاجوالتحرك قانونياً ودستورياً بعكس حكومة تصريف الأعمال غير القادرة على أخذ القرارات.

وفي الوقت نفسه، الحكومة الجديدة من المفترض أن تظهر قدراتها على تحقيق الإنجازات المطلوبة من المجتمع الدولي. النفس الإيجابي لتأليف الحكومة سيكون لفترة محدودة، أي أنه إذا لم نرى إنجازات في مدة شهرين فإن هذه الإيجابية ستضمحل وتتبدّد وتتحوّل إلى عبء على الإقتصاد و​الوضع المالي​.

هل ستنجح برأيك الحكومة الجديدة (بالأسماء التي يتم تداولها) في تحقيق الإصلاحات المطلوبة لـ"سيدر" بظل الثقة الضعيفة بإدارة الدولة؟

أولاً، عمل الحكومة يجب أن يكون منتجاً. يمكن تشكيل الحكومة من سياسيين ولكن يجب ضم اختصاصيين أيضاً. متطلبات المجتمع الدولي المفروضة على لبنان اقتصادياً ومالياً وقانونياً وتشريعياً يجب أن يتم تنفيذها، التجارب السابقة أظهرت فشل ذريع في الإنتاجية وأدت الى نتائج سلبية على كافّة الأصعدة. النمو الإقتصادي اليوم أقل من 1%، العجز بالمالية العامة تجاوز الخطوط الحمراء بشكل كبير جدّاً، الدين العام في تنامي بشكل سريع جدّاً، بالإضافة الى نسبة البطالة ومستوى الفقر.

الحكومة يجب أن تقدم خلال شهرين مؤشرات على انها ستعالج هذه المشاكل الموجودة، وإذا لم تقم بذلك فسنتمنى لو بقيت حكومة تصريف الأعمال.

إذا أظهرت الحكومة جديّتها وفعاليتها وأنقذت الإقتصاد سنرى نتائج ايجابية نظراً لمقررات مؤتمر "سيدر" وملف التنقيب عن ​النفط​ و​الغاز​.

ما هي الأولويات التي يجب على الحكومة الجديدة العمل عليها وخاصةّ أن هناك بعض العقبات التي قد تذلّلت كفتح معبر نصيب مثلاً؟

بالتأكيد، معبر نصيب شريان حيوي للإقتصاد الوطني وحدث مهم اقتصادياً ومالياً، إن كان لناحية الصادرات الزراعية والصناعية للمنطقة العربية أو القدرة التنافسية للمنتجات اللبنانية للخارج، أو لناحية تحريك ​قطاع النقل​ و​السياحة​ أيضاً.

بالنسبة لي شخصياُ، أولوية الأولويات هي معالجة أزمة ​الكهرباء​. تبعات ملف الكهرباء ضخمة جدّاً على الخزينة العامة وخاصة مع ارتفاع أسعار النفط اليوم ما أدى الى وصول العجز لملياري دولار، بالإضافة لتبعاتها على حياة المواطنين وعلى القطاعات الإقتصادية الأخرى.

الأولوية التالية هي ضبط العجز المرتفع والمتفاقم في المالية العامة، ما جعل وضع المالية العامة في لبنان وفقاً لـ"رويترز" هو الأسوأ في المنطقة العربية.

أما ثالثاً، تأتي الإجراءات التي تؤدي الى تحقيق النمو وزيادة حجم الإقتصاد، خاصّة عبر القطاع الخاص. إذا اتخذت الحكومة هذه الخطوات سنكون وضعنا على المسار السليم اقتصادياً ومالياً واجتماعياً في المحلة المقبلة.

كيف يجب أن تكون موازنة العام 2019 للتلاؤم مع الإصلاحات و"سيدر"؟

كان من الأفضل لو بقينا على قاعدة الإنفاق الإثني عشرية بعد ما سجّلته موازنة العام 2018 من عجز قارب الـ11% من حجم الإقتصاد. إذا كان الإنتظام المالي لا يؤدي الى ضبط العجز فلنبقى على قاعدة الإثني عشرية، أقل ضرراً على الإقتصاد الوطني.