استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "التهرب الضريبي ومكافحته، مالية الدولة والعجز المستمر، تنامي المديونية والضغوطات النقدية والتوظيفات العشوائية، أي إصلاحات؟"، مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني. وشارك في الحوار عضو كتلة الجمهورية القوية النائب زياد حواط.

بداية قال مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني أن "تشكيل الحكومة هو امر إيجابي بدون شك، فالناس لا تنتظر الحكومة فقط من اجل إنجاز هذا الإستحقاق، بل تنتظرها لأن تشكيل الحكومة يعيد المؤسسات للعمل من جديد، فإنتظام عمل المؤسسات هو امر أساسي في أي نظام وأي مجتمع. وعجز دولتنا عن إنجاز ما هو مطلوب منها عند الإستحقاقات الأساسية، لا يطمئن الأسواق ولا المستثمرين ولا المستهلكين. لذلك فإن تشكيل الحكومة سيكون صدمة إيجابية على كل المستويات، ولكن هذه الصدمة ستكون على مدى قصير جدا، في حين أن الصدمة الإيجابية على المدى الطويل ترتبط ببرنامج هذه الحكومة وقدرتها، وعلى الطاقات الموجودة فيها من أجل القيام بالعمل اللازم الذي سيعيدنا إلى السكة الصحيحة".

وبالعودة إلى موضوع الندوة المتعلق بالتهرب الضريبي، قال بيفاني "لا يوجد أي مجتمع في العالم خالي من التهرب الضريبي، فالناس دائماً تحاول التملص من بعض الضرائب او دفع مبالغ أقل من المتوجبة عليها. وهذا أمر سيء بدون شك ولكنه امر شائع. هذه القضية تتعلق بالنظام القائم في كل مجتمع، فهل هذا النظام القائم قادر على ضبط هذه العملية ام غير قادر؟ .. والتهرب الضريبي ينقسم إلى شقين: الشق الأول هو التهرب عبر التحايل على القوانين القائمة، والشق الأخر هو التهرب عبر الغش والعمل غير الشرعي. القوانين اللبنانية واضحة جدا من الناحية الضريبية، وهي قوانين تفرض على الأفراض وعلى المؤسسات بعض الإلتزامات التي يجب ان يقوموا بها، كما تفرض غرامات إضافية في حال عدم الإلتزام بهذه القوانين. وكل من يقول ان الغرامات في القانون اللبناني هي غير واضحة، هو مخطىء. فالغرامات واضحة جدا، كما يوجد قانون خاص بالإجراءات الضريبية، ومهمته شرح كافة الامور المتعلقة بالضرائب والغرامات للمواطنين".

ولفت بيفاني إلى أن "التهرب الضريبي له أسباب عديدة، ومعظم الأحيان المسؤولين الذي يطالبون بمكافحة التهرب الضريبي، هم في الواقع من يقومون بالتشجيع عليه، فهناك تهرب ضريبي بسبب القوانين الموجودة وعدم إضافة تعديلات عليها. فنحن في وزارة المالية نطلب كل سنة عدد كبير من التعديلات على بعض القوانين لنتمكن من ضبط التهرب. ولكن للأسف كل عام يتم رفض معظم الإجراءات المطلوبة. لذلك هناك عائق قانوني لضبط التهرب الضريبي. والسبب الثاني هو ان أجهزة الدولة كلها مسؤولة عن المشاركة في مكافحة التهرب الضريبي، وليس فقط مراقب الضرائب. فعلى سبيل المثال يجب ان نتمكن كإدارة ضريبية من الحصول على كافة المعلومات اللازمة من أجهزة الدولة دون إستثناء، وللأسف في الكثير من الأحيان نتعرض لعرقلة من العديد من الاجهزة. لذلك فإن المسألة برمتها ليست بهذه البساطة، ولا يمكن تحميل الامر فقط للإدارة الضريبية".

وفي سؤال للزميلة خداج عن الجهة المسؤولة عن قرار التسوية الضريبية، وعن دور وزارة المالية في هذه النقطة، قال بيفاني "التسوية الضريبية هو قانون بحاجة لتعديل. فمن خلال التسوية الضريبية، نعطي للأشخاص غير الملتزمين بدفع الضرائب حق لم نعطيه للملتزم بدفع ضرائبه بشكل كامل. فنحن بهذا الإجراء نسمح للمتهرب من الضرائب بالإمعان والتوسع في تهربه، ونظلم الأشخاص والمؤسسات الملتزمة. ففي الدول التي تسعى فعليا لضبط التهرب الضريبي لم يعد من الوارد طرح اي فكرة تساهم تسوية من اي نوع مع المخالفين".

وقال بيفاني "الأمر يتعلق بالنية والقرار الجدّي من الدولة لوقف ومكافحة التهرب الضريبي. هل نحن كدولة لدينا القرار الفعلي والحاسم للتخلص فعلياً من هذه المشكلة ؟ إذا كان الجواب نعم، فهناك إجراءات وقوانين يجب ان يتم إتخاذها وإقرارها. أضف إلى ذلك ان هناك إجراءات وقوانين يتم العمل بها اليوم، يجب إيقافها، كموضوع التسوية الضريبية الذي تحدثنا عنه سابقاً وتخفيض الغرامات ... وهناك مسؤولية أيضا ملقاة على المواطن، حيث يجب ان يصبح لديه القناعة بان المتهرب من الضرائب يساهم في زيادة العبء عليه، وبالتالي يجب ان يساعد الجهات الرسمية لكشف المتهربين وتخفيض نسبة النهرب الضريبي".