تلعب شركات التأمين دورا بارزا في أسواق ​الخدمات المالية​، منطلقة من طبيعة الأهداف الإقتصادية والمالية لكافة الأطراف المعنية بوجودها (الدولة – حملة الأسهم وأصحاب رأس المال – المنتفعين والمتعاملين – الإدارات الفنية).

وزادت أهمية التأمينات في الآونة الأخيرة بعد تحرير ​التبادل التجاري​ الدولي في ​قطاع الخدمات​، وإستكمال الضلع الثالث للعولمة الإقتصادية (المالية، النقدية، التجارية)، من خلال ما عرف بالإتفاقية العامة لتجارة الخدمات GATS المنبثقة عن قرارات المنظمة العالمية للتجارة الملزمة والهادفة إلى إنهاء إحتكار ​القطاع العام​، وإلغاء كل أشكال الدعم والحماية.

ووسط المنافع والمزايا الجسيمة التي تنجرعن الإكتتاب التأميني، قطعت الدول المتقدمة الرائدة على غرار ​الولايات المتحدة​ الإمريكية و​اليابان​ و​بريطانيا​ و​ألمانيا​ و​فرنسا​ أشواطا كبيرة في مجال صناعة التأمين.

هذا في الخارج ، ام في لبنان فقد أظهرت دراسة أعدها البنك الدولي عن ​قطاع التأمين​ أخطاراً ترتبط مباشرة بكثرة عدد الشركات العاملة فيه، واحتدام المنافسة في ما بينها ما يؤدي إلى حرب أسعار وتدني أرباح هذه الشركات، الأمر الذي يهدّد استقرارها المالي على المدى الطويل.

ما هو بالتحديد واقع الشركات في لبنان اليوم ؟ ما هو عددها الحالي ؟

زكار

يقول رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان ماكس زكار " للاقتصاد" إن شركات الضمان ، و الذي يصل عددها الى 50 شركة لبنانية منضوية كلها الى جمعية شركات الضمان في لبنان بالإضافة الى 4 شركات إعادة تأمين عالمية ، و هي تعاني كما كافة القطاعات الإقتصادية من الاوضاع الحالية الضاغطة على كامل الوضع اللبناني. و رغم ذلك فيمكن اعتبارها انها لا تزال في أوضاع جيدة حيث يسجل القطاع التأميني نموا سنويا لا يقل عن 4% .

و تقوم الجمعية بكل التحركات الممكنة في ظل هذه الظروف، و بالتعاون مع السلطات المختصة من اجل المحافظة على هذا القطاع ، وفقاً لحجمه الفعلي في الاقتصاد الوطني حيث انه :

- الى جانب ​القطاع المصرفي​، فإن قطاع التأمين هو أحد العامودين للقطاع المالي في ​الإقتصاد اللبناني

- واحد من اقوى محركات ​الاقتصاد اللبناني

- من اكبر الزبائن لدى القطاع المصرفي

- من اكبر اسواق العمل المتاحة للموظفين

- و من اكبر دافعي الضرائب لخزينة الدولة

الدمج والحوكمة

اتجهت شركات التأمين وإعادة التأمين الكبرى في العالم إلى تعزيز مكانتها في السوق، سواء كان ذلك بالرفع من رأسمالها أو عن طريق عمليات الإندماج والشراكة والتحالف في إطار إنتشار ثقافة التكتلات السائدة في الوقت الراهن.

وقد أوصى البنك بضرورة تقليص عدد الشركات في لبنان ، مشدداً على الحاجة الكبيرة لتعديل القوانين المرتبطة بقطاع التأمين وتطويرها.

هل القطاع على طريق الاندماج ؟

وفق زكار أن الجمعية تشجع على الاندماج . و تدرك أنه اصبح ضرورة ملحة لتحسين القطاع التأميني و مساعدة الشركات كي تتخطى الصعوبات الناتجة عن كثرة العدد، و المنافسة غير المدروسة . وان اندماج الشركات سوف يؤمن لها رأس المال الكافي كي تصبح قادرة على التوّسع والانتشار في الأسواق الداخلية والخارجية، علما انه في القانون الحالي توجد حوافز تشجع على عمليات الإندماج .

وعن مصير مشروع القانون الذي اعده وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال الحالية رائد خوري لدعم عملية دمج شركات التأمين يقول زكار:

تتابع الجمعية هذه القرارات و هي تعمل على اعتماد مبادئ الحوكمة في شركات الضمان اللبنانية، الامر الذي يدعم لجنة مراقبة هيئات الضمان في دورها الكبير بتمثيل هذا القطاع عند المصرف المركزي للحصول على حوافز و​تسهيلات​ مالية لتشجيع عمليات الدمج كما حصل مع المصارف في الماضي.

و مع عدم وجود حكومة حاليا فلا نستطيع إحراز تقدم في هذا القانون.

وبالتزامن مع هذه الخطوات ،تقوم الجمعية بدورها للتخفيف من وطأة الاوضاع الاقتصادية الصعبة على القطاع . و كي يكون مستقبل قطاع التامين شاملا لكل اوجه المجتمع تعمل الجمعية بالتعاون الوثيق مع لجنة مراقبة هيئات الضمان على التواصل الدائم مع السلطات المختصة و الادارات الرسمية لدعم مستقبل هذا القطاع ضمن القوانين الحالية او من حيث الحاجة لقوانين جديدة .

لاشك ان المنطقة لا تزال تمر و منذ عدة سنوات في اوضاع امنية و اقتصادية صعبة ، و هذا يشمل القطاع التاميني ، و يؤثر سلبا عليه ، و تسعى شركات التامين في ظل هذه الاوضاع من اجل المحافظة على اوضاعها و مكانتها و خلق مجالات جديدة لدعم تطورها و امكانياتها .

ومن بين التحديات التي يواجهها هذا القطاع يذكر زكار :

- متابعة الزامية وضع صناديق التعاضد تحت ​رقابة​ وزارة الإقتصاد

- موضوع الحوكمة و اندماج الشركات

- و ان يكون هذا القطاع حاضرا لإعادة ​اعمار​ ​الدول العربية​ عندما يحين الوقت المناسب لذلك

- كما يواجه القطاع التأميني أيضا تحد الإنتشار في الخارج

وفي غضون ذلك ، ما هو حجم الاستثمار في قطاع التأمين ؟ هل من شركات جديدة ؟

يلفت زكار الى إن اقساط التامين المُحَصلة في لبنان لسنة 2017 ، بلغت ما يُقارب ال 1.5 مليار دولار و قد اعيد دفع ما يقارب ال 1.4 مليار دولار ، أي 93% منها على شكل تعويضات للعملاء المستفيدين.

إن هذا القطاع الذي يستثمر 4 مليارات دولار في الاقتصاد اللبناني حيث تمثل قيمة الرساميل و الإحتياطي 1.1 مليار دولار هو الاكثر ملائة في العالم ، و لديه الإمكانية لتغطية 8 أضعاف الرأسمال.

و تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد شركات جديدة، إنما هناك تغيرات في الأعضاء المساهمين في بعض الشركات الحالية .

الحصة في مشوار ​النفط

ويبقى السؤال هل حجز قطاع التأمين اللبناني حصته في مشوار التنقيب عن النفط و​الغاز​ في لبنان ؟

يرى زكار أن مشروع التنقيب عن النفط والغاز يؤمن فرصة جديدة لقطاع التأمين للإستثمار . ومن اجل لذلك ، قامت الجمعية بتحركات و إتصالات لتأسيس تجمع بإدارتها يشتمل على كل شركات الضمان أو إعادة الضمان التي هي أعضاء في ACAL من أجل الإكتتاب جماعياً بمخاطر النفط والغاز والبتروكيماويات و​الطاقة​ للمحافظة على أعلى نسبة من أعمال ضمان ​قطاع النفط​ و الغاز ضمن الاقتصاد المحلي ، مع الاستفادة من إمكانيات الجمعية للحصول على أفضل شروط إعادة ألتأمين من شركات التأمين العالمية في هذا المجال، وذلك لحماية كل ما يتعلق بهذا القطاع من بيئة و التجهيزات المستعملة و خصوصاً إن التجمع يهدف مستقبلا إلى قبول الإكتتاب من الاسواق الخارجية .

تجدر الإشارة إلى أن بقاء هذا القطاع ضمن ​الشركات اللبنانية​ سوف يؤمن فرص عمل جديدة تساهم في تعزيز الاقتصاد اللبناني و الحد من ​هجرة​ القدرات اللبنانية الى الخارج .

في الواقع ، فرغم كل المطبات المتواجدة ، تعتبر السوق اللبنانية واعدة في قطاع التأمين، مما يعد ذلك فرصة وسوقا ناشئاً لجذب مزيد من الإستثمارات في هذا المجال، فهذا السوق شهد في لبنان خلال السنوات العشر الماضية تطوراً ملحوظا، تأكد من خلال زيادة ​معدلات النمو​ والتوسع في قطاعاته، وحقق قفزات عديدة خلال الفترة 2000-2010 سمحت له أن يصبح من أكبر أسواق المنطقة من ناحية النشاط التأميني. ومع بداية اعمال التنقيب عن النفط والغاز هناك مرحلة جديدة بالانتظار ستثبت مكانة صناعة التأمين في لبنان.