منذ لحظة الاعلان عن اختفاء جمال خاشقجي الصحفي المعارض للقيادة ​السعودية​ والكاتب في صحيفة "​واشنطن​ بوست" و​سيل​ الاخبار والتطورات حول القضية لا يتوقف، وعلى الرغم من مرور عدد من الايام الا ان الغموض لا يزال يلف هذه القضية، حيث تسارعت الدول الى الاعلان عن استياءها الشديد من اختفاء خاشقجي والتقارير الواردة عن مقتله في القنصلية السعودية وتوجيه اصابع الاتهام للملكة التي نفت بدورها كل هذه الادعاءات من دون تقديم اي دليل على خروج خاشقجي من مقر سفارتها في ​تركيا​، وارخت قضية الاختفاء هذه بظلالها على ​الاقتصاد السعودي​ فخسرت البورصة في تعاملات بداية الاسبوع حوالي 7% من قيمتها وفي خطوة غير مسبوقة اعلن مسؤولين ورجال اعمال الانسحاب من مشاريع كبيرة في ​الرياض​ ومنها المشاريع التي تتعلق بـ"مدينة نيوم"، وطالت نيران هذه القضية المؤتمر الاستثماري المعروف باسم "​دافوس​ في ​الصحراء​" المقرر عقده في 23 من الشهر الحالي لبحث مستقبل الاستثمار في الرياض حيث اعلنت العديد من ​الشركات العالمية​ تعليق مشاركتها به بالاضافة الى مقاطعة عدد من المؤسسات الاعلامية الكبرى لهذا الحدث المنتظر، ومن ناحيته هدد الرئيس الأمريكي، ​دونالد ترامب​، بمعاقبة السعودية إذا ثبت أنها مسؤولة عن مقتل الصحفي، في حين اعلنت مصارد سعودية ان الرياض إذا تلقت أي إجراء فسوف ترد عليه بإجراء أكبر.

وفي اطار الفعل ورد الفعل والارتباك والتوتر الكبيرالذي طال المملكة العربية السعودية في الايام القليلة الماضية ، والترقب الدولي بفرض عقوبات قاسية على الرياض في حال ثبت ادانتها بقضية اختفاء الصحفي جمال خاشقجي وتأثر البورصة والاسواق كان لموقع "الاقتصاد" حوارا خاصا مع ​الخبير الاقتصادي​ مازن ارشيد .

ارشيد:​العقوبات​ الدولية على الرياض بقضية خاشقجي ستكون شكلية وسمعة المملكة تضررت كثيرا

- بداية وفي اطار القضية التي اثيرت مؤخرا حول اختفاء الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي وتوجيه اصابع الاتهام الى الرياض، كيف تاثر الاقتصاد السعودي من هذه ​الاحداث​ ؟وكيف تصف التصعيد الدولي لهذه القضية ؟

ان الاحداث لا تزال جارية ومن المعلوم ان هذه الانعكاسات الذي شهدها الاقتصاد السعودي من الممكن ان تتغير في اي وقت بالاعتماد على مسار تطور الاحداث في المستقبل، وفي الفترة الحالية انعكست الاحداث الاخيرة المتعلقة بقضية الصحفي جمال خاشقجي على اقتصاد المملكة حيث تراجعت البورصة في الايام الاخيرة تراجعا كبيرا وحادا وكان هناك قلق وتخوف من قبل السعوديين و​المستثمر​ين الاجانب من تطبيق ​عقوبات اقتصادية​ دولية على الرياض من شأنها ان تؤدي الى عدم استقرار سياسي في علاقة المملكة مع ​المجتمع الدولي​ بالاضافة الى التصعيد من قبل واشنطن على اعتبار ان المستثمر الاجنبي يتطلع الى عنصر الامن و​الامان​ الذي تتمتع به اي دولة يريد الاستثمار فيها وضخ الاموال .

ومن الواضح ان المملكة لا تنعم في الفترة الحالية بحالة من الاستقرار السياسي مما ينعكس على الاقتصاد وهذا ما شهدناه مع انسحاب العديد من المدعوين الى المؤتمر "دافوس" المقرر عقده في الرياض كما انسحبت بعض الوسائل الاعلام العالمية ومن الواضح ان هذه نتائج اولية قابلة للتغير بحسب سيرالتطورات في قضية خاشقجي، واعتبر انه من الصعب على المملكة ان تتخطى المرحلة الحالية بسهولة نظرا الى ان كل الدلائل الاولية تشير الى تورطها في عملية اغتيال الصحفي المعارض .

- برايك هل سيتم فرض عقوبات دولية على السعودية في حال ثبت تورطها في هذه القضية ؟وكيف ستتأثر ​الاستثمارات الخارجية​ ؟و​اسعار النفط​؟

حتى الان لا ارى عقوبات واجراءات محددة تم الحديث عنها ، كما ان ​الرئيس الاميركي​ دونالد ترامب في تصريحاته الاخيرة لم يكن واضحا بل تحدّث بشكل عام عن الاجراءات العقابية القاسية في حال ثبت تورط السعودية في عملية اختفاء الصحفي ولكن من الواضح ان هذه العقوبات لن تشمل الاسلحة واتوقع ان تتأثر الاستثمارات الاميريكة في السعودية كما ان هذه العقوبات ستكون شكلية نظرا الى ان اليد العليا التي تمتلك قرار بيع الاسلحة للسعودية هو ​مجلس الشيوخ​ الذي يمتلك صلاحيات اكبر من الرئيس الاميركي نفسه وهو من يقرر وقف بيع الاسلحة او لا للمملكة .

وارى ان ​فرنسا​ اعلنت عن تصريحات قوية في اطار هذه القضية كما الحال في بريطانيا ولكن لا اتوقع ان تكون هذه العقوبات كبيرة وقاسية على الممكلة نظرا للمصالح بين الدول الاوروبية وواشنطن والرياض كما ان هذه الدول ستتمثل بواشنطن والتي لن تتخذ براي عقوبات صارمة ضد المملكة نظرا الى ان مصالح هذه الدول ستطغى في نهاية المطاف على حدة هذه العقوبات بالاستناد الى سوابق كثيرة على الساحة الدولية.

- هل ستلجأ السعودية الى اتخاذ قرارات لمواجهة هذا التصعيد الدولي ؟

من السابق لاوانه الحديث عن الاجراءات التي من الممكن ان تتخذها السعودية للرد على العقوبات الدولية نظرا الى ان التصريحات الاخيرة من جانب الرياض بان اي اجراء سيعامل بالمثل ولكنها تبقى تصريحات، نظرا الى ان نوعية العقوبات التي ستفرض على المملكة هي التي ستحدد ما اذا كنت الاخيرة قادرة على المعاملة بالمثل او لا .

وبالطبع لن تتأثر الصادرات النفطية لان في حال تأثرها سترتفع اسعار ​البترول​ وهذا الامر غير وارد واؤكد بان هذه العقوبات ستكون شكلية ولن تؤثر على السعودية، ولكن هذا لا يعني ان الرياض بمأمن من العقوبات وهناك تخوف من سياسة ولي العهد محمد بن سلمان ونهجه في تقويض الحريات والقيام بعمليات اغتيال في حال ثبت هذا الفعل على المملكة وجملة الاعتقالات والاحتجازات وغيرها من افعال لا تصب بمصلح السعودية وارى ان السياسة بحاجة الى تعديل حتى يشعر المستثمر بالاستقرار للاقدام على الاستثمار.

- كيف اثرت هذه القضية على مؤتمر "دافوس الصحراء " المقرر عقده في 23 من الشهر الجاري ؟

اثرت قضية اختفاء الصحفي جمال خاشقجي بشكل كبير على مؤتمر "دافوس" المقرر انعقاده في الرياض ورأينا انسحبات كبيرة ولكن بعض الاطراف لم تنسحب كما اعلن صندوق النقد الدولي على لسان كريستين لاغارد عن عزمها بالمشاركة، وبناء على التطورات التي ستحدث حتى موعد انعقاد المؤتمر ستؤثر بالطبع على مجريات المؤتمر والجهات المشاركة ، ولكن من الواضح ان عمليات الانسحاب التي اعلنت لا تحضّر بشكل ايجابي للمؤتمر وللوضع الاقتصادي في المملكة ويبقى العنصر الاهم هو تأثر سمعة المملكة الكبير على الساحة الدولية من الناحية السياسية والاقتصادية وهذا عامل مهم جدا سواء تم تطبيق عقوبات صارمة فالرياض تضررت بشكل كبيرعلى المدى القريب والمتوسط .

- برأيك هل سيشهد ​السوق السعودي​ خسائرا في الايام المقبلة ؟

في ما يتعلق بالسوق السعودي لا اتوقع استمرار تراجعه فبالامس كان هناك تراجعا كبيرا لكن اليوم شهدت البورصة نوعا من الاستقرار وحدة التراجعات لن تكون مثل الايام الماضية بل سيكون هناك نوعا من الاستقرار، لكن كل هذه المعطيات مرتبطة بتطورات القضية واللجنة التركية السعودية المشتركة وما ستؤول اليه التحقيقات حول الجهة المسؤولة عن اختفاء او اغتيال خاشقجي ولا اتوقع ان تكون المملكة بريئة من هذه العملية ، و​الاسواق المالية​ حساسة من ناحية الامور السياسية واي تطور في هذه القضية سينعكس على البورصة بشكل كبير .