دخل الاردن في الاونة الاخيرة على خط الاحداث المشتعلة ، بعد ان شهدت البلاد موجة من الاحتجاجات على إجراءات التقشف التي يدعمها صندوق النقد الدولي والتي قضت الى فرض قانون رفع ضريبة الدخل، وزيادة اسعار الوقود والكهرباء، احتجاجت كانت كفيلة باسقاط حكومة رئيس الوزراء الاردني هاني الملقي وتكليف عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة والذي اعلن عن سحب القرارات التي تسببت في غضب اللاردنين لكن الامور لم تهدأ وهو الامر الذي جعل دول الخليج تتدخل في مسعى لمساعدة الحكومة الاردنية على تجاوز الازمة التي تمر بها وخوفا منها من زعزعة امن واستقرار المملكة الذي من الممكن ان تطال تداعياته امن واستقرار دول الخليج .

حيث أعلنت السعودية والكويت والإمارات، يوم الخميس الفائت وتنفيذا لما عرف باجتماع مكة المكرمة، الذي عقد في حزيران الماضي عن حزمة مساعدات اقتصادية للمملكة بقيمة 2.05 مليار دولار، اتت على شكل وديعة بقيمة 1 مليار دولار في البنك المركزي ​الأردن​ي من شأنها ان تساهم في حماية الاحتياطيات الأجنبية للبلاد ، كما تعهدت الدول الخليجية الثلاث بتقديم دعم للميزانية الاردنية قيمته 250 مليون دولار على مدى خمس سنوات، بينما تعهدت الكويت بتقديم تمويل مشاريع قدره 500 مليون دولار على مدى خمسة أعوام.

وتأتي هذه المساعدات في سياق اجماع دولي على صعوبة الاوضاع الاقتصادية في الاردن وتضرر النمو الاقتصادي في البلاد خلال السنوات القليلة الماضية من جراء ارتفاع معدلات البطالة والصراع الإقليمي الذي يؤثر سلبا على معنويات المستثمرين بالاضافة الى العبء الكبير للنازحين السوريين ، الامر الذي من شأنه ان يطرح العديد من التساؤلات حول جدوى هذه المساعدات في حل الازمة الاردنية، وهل سيسهم تدخل دول الخليج في تهدئة احتجاجات الشعب الاردني ؟

مخامرة: المساعدات الخليجية اتت دون التوقعات ولكنها تؤكد على وقوف دول الخليج الى جانب الاردن

اعتبر الخبير الاقتصادي من الاردن الاستاذ وجدي مخامرة في مقابلة مع موقع "الاقتصاد" ان المساعدات الخليجية التي اقرتها قمة مكة اتت بعد الحراك الاحتجاجي الذي نفذه الشعب الاردني على قانون الضريبة في عهد هاني الملقي السابقة ، حيث شعر المواطنون بان هذا القانون جائر وغير مناسب في ظل الاوضاع الاقتصادية الراهنة وهو يظهر بان الحكومة تلجأ الى الاستسهال واقتطاع الضرائب من جيب المواطن بدلا من ايجاد موارد مالية اخرى، وهذه الاحتجاجات اسفرت عن ازاحة حكومة الملكي وتشكيل حكومة جديدة بقيادة الرزاز، وجاءت مساعدات السعودية والامارات والكويت لتخفيف من صعوبة الاوضاع الاقتصادية في المملكة وتهدئة الوضع على اعتبار ان من شأن اي حراك في الاردن ان ينعكس على المنطقة، وبالتالي فان هذه المساعدة هي سياسية اقتصادية .

واشار مخامرة الى ان هذه المساعدات الخليجية هي بمثابة تطمين للشعب الاردني بان دول الخليج ما زالت تقف الى جانب الاردن وان هذه المساعدات من شأنها ان تؤمن حلا مؤقتاللاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد نظرا الى ارتفاع المديونية والعجز والتراجع الكبير في المؤشرات الاقتصادية.

وفي ما يتعلق بانفاق هذه المساعدات اشار مخامرة الى انه تم ايداع حوالي مليار دولار في البنك المكزي الاردني لدعم الاحتياطات ومن الممكن ان تقوم الدول الخليجية الثلاث بطلبها في اي وقت ممكن وبالتالي ستكون وديعة مجمدة،كما ان حوالي 400 الى 600 مليون دولار تم توزيعها على 4 سنوات سيتم انفاقها على دعم الموازنة ومن الممكن ان تكون من خلال المشاريع الاستثمارية التي من الممكن ان يلعب الاردن دورا فيها او الدول الخليج المانحة لدعم بعض المشاريع في الاردن كالبنى التحتية ، وبالتالي فان اثر هذه المساعدات سيكون على المدى الطويل وكان من المتوقع ان تتلقى عمان مساعدات اكبر ولكن دول الخليج وللاسف تعطي مساعدات بسيطة جدا لظروف سياسية قائمة .

واكد مخامرة على ان الاحتجاجات في الاردن قائمة على امور جوهرية نظرا الى ان الحكومة ارتكبت اخطاء كثيرة ساهمت في تراجع الاقتصاد وزيادة المديونية وعجز الموازنة وزيادة انفاق الحكومة بشكل غير مدروس فكانت اسباب لانطلاق الاحتجاجات في الشارع الاردني مطالبة بتغير النهج السياسي والاقتصادي والتوجه الى مشاركة المواطنين في اي قرارات تصدر ، وتوقع بان تشهد البلاد المزيد من المواقف الاحتجاجية في حال تم اعتماد قانون الضريبة، الذي اعتبر انه متوجها نحو التطبيق لان صندوق النقد الدولي يوصي البلاد بتطبيقه لان عمان وفي حال عدم تطبيقه من شأنها ان تواجه مشاكل في الاقتراض وستلجأ الى الاستدانة بفوائد عالية .

اما في ما يتعلق ببند تأثر العلاقات الاردنية نتيجة مساعدة الدول الخليجية الثلاث بالدوحة اعتبر مخامرة ان علاقة الاردن مع قطر مختلفة عن علاقته مع باقي دول الخليج وانه لا يتوقع بان تؤثر المساعدات الاخيرة التي حصلت عليها عمان من الدول الخليجية على طبيعة هذه العلاقة بين البلدين، مشيرا الى ان الدوحة قدمت للاردن حوالي 10 الاف فرصة عمل تم اعتماد حوالي 1500 وظيفة، كما ان عمان تعتمد مبدأ الحياد في علاقتها مع جميع الدول .