لم يكن موظف في أحد ​المصارف​ على قدر الأمانة التي أوكلت إليه، لقد استغلّ ثقة المؤسسة التي يعمل فيها، وثقة المدراء التي أعطيت له، وعمد الى تزوير تواقيع بعض الزبائن والاستيلاء على أموالهم بالتزوير والطرق الملتوية، وبدل أن يتطوّر في وظيفته، قادته غرائزه الى السجن.

الوظيفة التي كان يشغلها "زين. د" يطمح لتوليها كلّ شاب ​لبنان​ي، فهو بدأ موظفاً لدى أحد المصارف في بيروت، استناداً الى شهادته الجامعية التي تخوّله هذا الموقع، وبدل أن يتقن عمله بإخلاص، وضع خطة تهدف الى الاستيلاء على أموال عدد من المودعين مستغلاً وظيفته، وراح يتقدّم بطلبات للحصول على بطاقات ائتمان لبعض زبائن المصرف، ويوقّع تزويراً على هذه الطلبات وعلى استلام البطاقات عند صدورها، ومن ثم يعمد الى سحب الأموال من حسابات الزبائن عبر استخدام تلك البطاقات في الصرّاف الآلي العائد للبنك المدعي.

بعد وقت انتبهت إدارة المصرف لهذا الأمر، فتقدّمت بواسطة الوكيل القانوني بشكوى جزائية أمام النيابة العامة في بيروت، وضمنّت هذه الشكوى صوراً تظهر الموظّف وهو يقوم بسحب الأموال من الصرّافات الآلية العائدة للبنك في عدد من المناطق، فأحيلت الدعوى الى مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال، الذي باشر باستجواب المدعى عليه الذي اعترف بما نسب اليه، وبإقدامه على تزوير طلبات الاستحصال على بطاقات الائتمان عن الزبائن، والتوقيع عليها وتقدّم بها من البنك المدعي، وتمكن من الاستحصال على عدّة بطاقات ائتمانية بأسماء الزبائن المتضررين، وبعد التوقيع عنهم باستلام البطاقات، راح يستعمل هذه البطاقات بسحب الأموال بواسطتها، ويتنقّل من صرّاف آلي الى آخر، ويسحب حوالي 10.000 دولار أميركي يومياً.

الإعترافات التي أدلى بها المتهم أمام مكتب مكافحة الجرائم المالية، كررها أمام قاضي التحقيق وأمام محكمة الجنايات في بيروت، وأفاد أن مجموع المبالغ التي سحبها من الصرافات الآلية تقدّر بحوالي 140 أو 150 ألف دولار أميركي تقريباً، الّا أن المحكمة عيّنت خبير محاسبة لتحديد قيمة الأموال المختلسة، وقد أنجز الخبير تقريره، وورد فيه أن مجموع المبالغ التي جرى اختلاسها عبر الصرافات الآلية هي بالتحديد 349505 دولاراً أميركياً.

محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي سامي صدقي، اعتبرت في حيثيات الحكم الذي أصدرته أنه بات ثابتاً من خلال الاعترافات الصريحة التي أدلى بها المتهم في التحقيقين الأولي والاستنطاقي، وأمام هيئة المحكمة أنه أقدم على تزوير طلبات الاستحصال على بطاقات الائتمان والتوقيع تزويراً عن الزبائن واستعمال هذه الطلبات عن طريق تقديمها الى المصرف المدعي، ومن ثمّ استلام البطاقات والتوقيع زوراً عن الزبائن، بهدف ابتزاز أموالهم بالطرق الاحتيالية، ما أدى الى سرقة حسابات بعض الزبائن، حتى بلغت قيمة الأموال المختلسة 349505 دولاراً أميركياً كما ورد في تقرير خبير المحاسبة، ما يثبت بالدليل القاطع إقدام المتهم على اختلاس الأموال، ما يقتضي تجريمه بمقتضى جناية المادة 638 من قانون العقوبات، وادانته بجنح المواد 471و471/454 و655 من قانون العقوبات.

وقضت المحكمة وانزال عقوبة الأشغال الشاقة به مدّة ثلاث سنوات، والزامه بأن يدفع لجهة المدعية مبلغ 400.000 دولار أميركي أو ما يعادله بالعملة اللبنانية عند الدفع، وهذا المبلغ يشمل قيمة الأموال المختلسة يضاف اليها بدل التعويض عن العطل والضرر الذي لحق بالمصرف المدعي، وتدريكه الرسوم القانونية.

خاص - الإقتصاد