لا تزال أزمة ​الإسكان​ في ​لبنان​ تطبق مقولة "مكانك رواح"، فرغم أن ​​مجلس النواب​​ أقرّ في جلسته التشريعية خلال شهر أيلول الماضي، فتح اعتماد إضافي بقيمة 100 مليار ليرة لدعم قروض الإسكان لسنة واحدة، على أن تضع ​​الحكومة​​ ​المقبلة سياسة​ إسكانية خلال ستة أشهر، إلا أن تاريخ البدء بعودة القروض لا زال مجهولا وغير محدد الى حد اليوم.

فالركود في ​القطاع العقاري​ اللبناني والمجالات الأخرى المرتبطة به (مثل مجال البناء بكل أطرافه، والمفروشات، وغيرها)، الناتج عن الأزمة الاسكانية، يخيم على الأجواء العامة، رغم الحديث عن الحل المؤقت والجزئي.

فكيف هو حال العقار اليوم؟ وما هي السياسة الإسكانية المطلوبة من أجل حلّ مشاكل القطاع؟ والى متى هو قادر على احتمال التأجيل؟

هذه الأسئلة وغيرها أجاب عليها نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان ​وليد موسى​ في مقابلة خاصة مع "​الاقتصاد​".

كيف تقيم حالة القطاع العقاري منذ توقف قروض الإسكان في بداية العام والى حد اليوم؟

القطاع العقاري اللبناني في حالة ضعيفة جدا، وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية القائمة، ووقف قروض المؤسسة العامة للإسكان، والقروض المدعومة من المصارف التجارية. وبالتالي فإن الوضع متأزم في الوقت الحاضر، وهو أسوأ حتما من السنوات الماضية.

هل شهدتم على أي مبادرات فردية من المطورين العقاريين من أجل دعم القطاع في ظل توقف قروض الإسكان؟

المبادرات قليلة جدا، مع العلم أن البعض يمارس بعض السياسات التحفيزية من أجل تشجيع المواطنين على شراء العقارات. لكن لم نشهد الى حد اليوم، على مبادرات جدية من المطوّرين من أجل تنشيط القطاع، ومن الممكن أن يكون ذلك بسبب غياب القدرة.

ولا زلنا الى حد اليوم ننصح كل المطورين بالعمل على ما يسمى بـ"الإيجار التّملّكي"؛ على سبيل المثال، يستأجر الشخص شقة ما لمدة ثلاث سنوات، ويحق له بعد انقضاء تلك الفترة، وبعد انتهاء العقد، أن يخصم من سعر المبيع ما دفعه مقابل الإيجار، وبالتالي يدفع الفرق فقط لكي يشتري الشقة. ولكن يجب أن يكون قد اتفق المشتري في وقت سابق مع البائع على سعر الشقة النهائي.

هل من معارض أو معرقل لهذه الفكرة؟

لا توجد أي عرقلة حول هذا الموضوع، في حين هناك مشروع قانون مقدم في مجلس النواب من أجل تنظيم "الإيجار التّملّكي".

ولكن حتى لو لم يكن هذا المشروع موجود، بإمكان الطرفين، أي البائع والمستأجر، الاتفاق على هذا النوع من العقود بينهما.

تجدر الاشارة الى أنه من الأفضل حتما أن يكون هذا الاتفاق منظما بقانون معين، ولكنه قابل للتحقيق حتى في ظل غياب التنظيم القانوني. وعلى الرغم من ذلك، نلاحظ أن المطورين العقاريين لا يحبذون هذه الفكرة الى حد كبير، كا لا يسعون الى تطبيقها.

ما هو برأيك الحل الأمثل اليوم لمشكلة السكن في لبنان؟

نحن بحاجة الى إعادة الدعم الى الإسكان، وإيجاد الآلية المناسبة لتأمينه بشكل مستدام ومتواصل.

ففي ظل غياب الآلية لتقديم الدعم سنويا للمصارف، لن نتقدم ولن يتم تحقيق أي تغيير ملحوظ.

أما بالنسبة الى القروض المصرفية المدعومة، فالمصارف قادرة على إيداع رصيدها في مصرف لبنان والحصول على فوائد 17%، ومن هنا لماذا سترغب في تأمين قروض للقطاع العقاري والحصول على 8% أو 9% من الفوائد؟ وبالتالي لن تتشجع على تمويل القطاع وإعطاء القروض، بل ستفضل حتما إبقاء أموالها في مصرف لبنان والاستفادة من الفوائد المرتفعة.

وفي ما يتعلق بالسياسة الإسكانية، فمن الممكن أن يكون "الإيجار التملكي" بمثابة حل مرحلي ومفيد، حتى تتضح الصورة حول الاتجاه الذي سوف يسير فيه البلد. وذلك لكي يستمر الناس باستئجار العقارات، كما هو الحال في الوقت الحاضر، ولكن مع خيار إضافي، وهو أن يتمكنوا في السنوات المقبلة من شراء العقار المستأجر، دون أن تكون أموالهم قد ضاعت سدى.

هل أن الاعتماد الذي أقره مجلس النواب بقيمة 100 مليار ليرة لدعم قروض الإسكان سينعش هذا القطاع الى حد ما؟

مبلغ الـ100 مليار ليرة له علاقة فقط بالمؤسسة العامة للإسكان، وليس بالقروض المصرفية الأخرى. وبالتالي نتكلم هنا عن حوالي 5000 عملية شراء، لا تتجاوز كل واحدة منها حدود الـ220 ألف دولار. ما يعني أن هذا الدعم موجه فقط الى جزء محدد من القطاع العقاري.

ومن هنا لا بد من السؤال: "ماذا سنفعل بالعقارات التي يتجاوز سعرها الـ220 ألف دولار؟ هل نقف نتفرج عليها فقط؟".

اذ لا يمكن إفادة القطاع العقاري بشكل ملحوظ، إلا من خلال إيجاد آلية للدعم السنوي. فإن مبلغ 100 مليار ليرة، مخصص لسنة واحدة فقط، اذا ماذا سيحصل خلال السنوات المقبلة؟ وكيف سنؤمن المبالغ المطلوبة؟

فالمصارف لن توافق على الدعم بقيمة 100 مليار ليرة، اذا لم يتم إيجاد آلية واضحة.

الى متى سيتمكن القطاع العقاري اللبناني من الصمود وتحمل التأجيل بالحلول المستدامة؟

القطاع العقاري يشبه مختلف القطاعات الأخرى في لبنان، فنحن صامدون على "صوص ونقطة". وفي أي وقت، من الممكن أن تتحول الأمور من سيء الى أسوأ. فالحالة تتأزم أكثر فأكثر مع مرور الأيام.

هل هذا يعني أن التفاؤل من المرحلة المقبلة مفقود؟

اذا لم يتم تشكيل الحكومة، والعمل على تأمين سياسات استثمارية، وتنفيذ خطط مؤتمر "​سيدر​" والإصلاحات المرجوة، فلن نشهد على أي نتائج إيجابية.

فاليوم نحن متأخرون جدا، ويتوجب على الدولة اللبنانية في جميع أحزابها ومسؤوليها ورؤسائها أن يبدأوا بهذه الإصلاحات والتدابير، لأن الحالة لم تعد تحتمل التأجيل والمماطلة.