استضافت ​ندوة​ "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة ​لبنان​ الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ​ريما خداج​، بعنوان "زيادة الضرائب، هل هي السياسة الوحيدة لإنقاذ ​الوضع المالي​ المأزوم؟"، رئيس التجمع الوطني للإصلاح الإقتصادي د. ​إيلي يشوعي​، وعميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الانطونية البروفسور ​جورج نعمة​.

بداية قال رئيس التجمع الوطني للإصلاح الإقتصادي د. إيلي يشوعي أن "من يزرع الهواء لا بد من ان يحصد ​العاصفة​. فهناك إقرار رسمي في لبنان اليوم بأن الوضع الإقتصادي والنقدي والمالي صعب، ولكن هذا الوضع ليس خطيرا لدرجة انه يهدد الخزينة بالإفلاس، أو ​الليرة اللبنانية​ بالتدهور والإنهيار. وهذا امر جيّد، ولكن سؤالي لمن يظهرون يوميا لطمأنتنا بأن الليرة بخير واننا لا نتجه للإفلاس، ماذا تفعلون أنتم اليوم على أرض الواقع ؟ وما هي الخطوات الحقيقية الفعلية التي يتم إتخاذها لكي نطمئن فعلا لما يقولون، ونصدّق تطميناتهم المتكررة؟ فالتطمين المجاني بالكلام سهل جداً، ولكن التطمين الحقيقي هو الذي يترافق مع إجراءات إنقاذية وتصحيحية وتصويبية لكافة القرارات المميتة التي إقترفها أصحاب القرار النقدي والمالي والإقتصادي وحتى الإجتماعي في لبنان منذ 25 عاماً وحتى اليوم. لذلك أكرر وأقول: من يزرع الهواء سيحصد العاصفة".

وأضاف "الأرقام التي قدمها حاكم المصرف المركزي أمام رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، تقول أن ​الودائع​ إرتفعت من 178 مليار إلى 183 مليار دولار، ولكن هذه الزيادة ما هو سببها؟ هل سببها الإستثمارات الخارجية المباشرة ؟ وهل سببها رصيد ​التحويلات​ المهم بين الداخل والخارج ؟ وكيف يمكن الحديث عن زيادة في الودائع، في ظل عجز كبير في ميزان المدفوعات ؟ .. أنا اعتقد ان هذا وَرَم نقدي، وليس زيادة حقيقية في الودائع. فهذه الزيادة سجلت بسبب إحتساب الفوائد على الودائع المصرفية لا أكثر ولا أقل. ونحن ما يهمنا في هذا الموضوع هي الرساميل الجديدة التي تدخل إلى لبنان، إن من خلال إرتفاع الصادرات، أو الإستثمارات المباشرة، أو من خلال تحسن رصيد التحويلات، أو بفعل تسجيل فائض في ميزان المدفوعات. فهذه هي الودائع الحقيقية، وليس تلك القادمة بفعل إحتساب الفوائد".

بدوره قال عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الانطونية البروفسور جورج نعمة أن "لبنان اليوم يمر بمرحلة فيها الكثير من التطورات على الصعيدين المالي والنقدي، ولكن هذه المرحلة التي تتخللها مخاطر عالية جداً، لم تبدا اليوم وهي ليست وليدة اللحظة. فجرس الإنذار بدأ منذ العام 2012، فمنذ ذلك العام بدانا نسجل عجزا في ميزان المدفوعات، و​الوضع النقدي​ على الرغم من كل التطمينات، هناك أرقام ومؤشرات يجب التوقف عندها بهدف تحليلها وليس بهدف تخويف احد. فهناك مؤشرات معينة يجب أن نلفت النظر إليها، فدين ​الدولة اللبنانية​ بدأ يتحول تدريجيا من الليرة إلى ​الدولار​، فبعدما كان 70% من ديننا العام بالليرة و30% بالدولار، اليوم أصبحنا 50% بالليرة تقريبا و50% بالدولار. الفوائد على السندات إلى إرتفاع. القروض التي تقدمها ​المصارف​ اليوم معظمها بالدولار الأميركي، والدولرة ايضا إلى إرتفاع على الرغم من سعي المصارف إلى رفع الفائدة على الودائع بالليرة. لذلك وبعد كل هذه النقاط، يجب علينا أن نعيد النظر بالمشهد بشكل كامل".

وفي سؤال للزميلة خداج عن سبب هذه التطمينات التي نسمعها يومياً من قبل المسؤولين في السلطة وإغفال كل تلك المؤشرات التي تحدثت عنها، قال البروفسور نعمة "من يعطي هذه التطمينات اليوم بدون ان يأخذ يعين الإعتبار المؤشرات التي ذكرتها، يجب ان يُسأل عن الأساس الذي يستند عليه عندما يطلق هذه التطمينات. فهذه المؤشرات أساسية ويجب الإلتفات إليها للحكم على الوضع القائم. لا أريد القول باننا ذاهبون إلى مشكلة نقدية، ولكن من المؤكد انه لا يمكن الإستمرار بهذا الوضع النقدي القائم، وعلينا تحليل الوضع بناءً على مؤشرات ومعطيات علمية لكي نصل إلى الحل الأنسب".

وأضاف "لا يمكن التطرق للسياسة النقدية، دون ان نأخذ بعين الإعتبار ما يحصل في ​السياسة المالية​. فالسياسة الإقتصادية تتألف من شقّين: الشق النقدي والشق المالي. ولا يمكن إتباع سياسة نقدية معينة بغض النظر عما يحصل في الوضع المالي، والوضع المالي في لبنان وضع مأزوم جداً، والإصلاح هو فقط في الشعارات، وحبر على ورق".