قد يكون تأسيس مشروع في ​لبنان​ أمر صعب نظراً للظروف الإقتصادية غير المستقرة، ولكن قد يكون السبب أبعد من ذلك، فقد يكون مثلاً في نظرتنا للسوق وأساليبنا وأخلاقياتنا المهنية في إنجاز مهامنا .. قد لا تكون الظروف المادية العائق الوحيد.. إنما العقلية المهنية غير المطلعة لسوق العمل الخارجي. نظراً لأهمية هذه المعضلة نطرح اليوم شخصية شعرت أن ما ينقصها لم يكن الخبرة أم فرصة العمل، بل كانت تبحث عن مكان بإمكانها أن تطلق فيه أفكارها بطلاقة في ظل جو عمل يطغى عليه أسمى درجات المهنية والمصداقية.

ولأنه من واجبنا نقل هذه الصورة والحالة إلى وطننا الأم، وجب علينا أن نتعرف إلى مسيرة هذه الشخصية لنستفيد من خبراتها عند دخولنا إلى عالم الأعمال. لذا كان لـ" الإقتصاد" مقابلة خاصة مع المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "Eddys Group" التقنية، بفروعها في لبنان وحول العالم.. اللبناني إدي غانم الذي شاركنا أبرز محطات حياته المهنية وقدّم نصائحه للشباب في لبنان.

كيف تختصر مسيرتك الأكاديمية وصولاً إلى تأسيس شركتك الخاصة؟

في البداية تخصصت في ​الجامعة اللبنانية​ في مجال البرمجة المعلوماتية ومن بعدها إنتقلت إلى ​الولايات المتحدة الأميركية​ وهنالك حصلت على شهادتين في الهندسة.

على الصعيد الشخصي، أنا أؤمن أن المسيرة الأكاديمية مرتبطة بشكل وثيق بالحياة المهنية، وهذا ما جعلني أتابع دراستي لدمة 32 عاماً، لأن قناعتي تقتضي بأن على الشخص أن يعمل في مجال دراسته ويبحث يومياً ليكتشف مزايا جديدة في قطاع عمله، ما أعتبره عنصراً أساسياً للتطور وإكتساب ​المعرفة​ والخبرات بشكل لا يتوقف.

بإختصار، ما هو نشاط عمل شركتك "Eddys Group"؟

تُعني شركتنا بالبرمجة المعلوماتية "Software Development" وقد أسست فرعاً في لبنان وآخر في الولايات المتحدة الأميركية كما أننا نتعامل مع أكثر من 18 وكيل حول العالم. ونسعى إلى تأسيس فروع آخرى حول العالم.

لماذا قررت تؤسس شركتك الخاصة بعد أن كنت موظفاً مضمون يتقاضي راتباً ثابتاً؟ ما الذي دفعك للمجازفة؟

لا شك أن الموظف ينعم براحة البال ويعيش حالة من الإستقرار المريح، إلا أن الساعين وراء طموحاتهم لا يمكنهم أن يكتفوا بهذا القدر فقط، وهنا "المجازفة" تكون رفيقة الدرب لا محالة، وهذا يتطلب تضحية وصبر. وقد قررت أن أسلك الطريق الأصعب والأطول لأنني مؤمن بقدراتي وبأن هذا الجهد المضاعف سيتحوّل إلى نجاح في المستقبل.

عندما كنت موظفاً في لبنان شعرت أنني لم أحظى على الفرص والتقدير التي تُساوي جهدي، لذا قررت أن أتحمل هذا العبء وأتجه للخارج لأؤسس مشروعي الخاص. ولكنني لم أكن سأقوم بخطوة كهذه لو لم أكن متفوقاً في مجال عملي وعلى ثقة تامة بطاقاتي.

ما هي أبرز الصعوبات المهنية التي واجهتها وكيف تخطيتها؟

أكبر العراقيل التي واجهت مسيرتي المهنية كانت في المراحل التأسيسية الأولى لشركتي في لبنان. فلم أحظى بالموظف المثالي الذي أطمح أن أتعاون معه، فأنا أعتبر أن على الموظف أن يتحلى بموصفات رئيسية معينة أبرزها أن يكون أميناً، مالك للخبرة، وقادر على العطاء بشكل مستمر وشغوف. ولكن كما نعلم أن اللبناني بشكل عام لا يحب النظام والإنضباط للأسف. مع العلم أن الإنضباط في العمل هو من أهم عناصر الإنتاجية، وهذا ما نشهده في الخارج سواء في إلتزامهم في مواعيد التسليم أوبالجودة المطلوبة.

كيف ترتب العناصير التالية بحسب الأولوية لتأسيس مسيرة مهنية ناجحة: الشهادة الجامعية، رأس المال والخبرة؟

تشكل كل من الخبرة، رأس المال والشهادة الجامعية حلقة متكاملة لتحقيق أي هدف مهني بنجاح، فبدون رأس المال لا يمكن تأسيس أي مشروع وإن وُجدت الخبرة، والعكس صحيح. كما أن التخصص الأكاديمي يكمّل هذه المعادلة المتساوية.

ما هي المقومات التي يحتاجها الشاب اللبناني ليؤسس مشروعه الخاص في وطنه الأم؟

على الشاب اللبناني أن يتسلّح بالعديد من المقومات لتأسيس شركته الخاصة في لبنان، وهذا أمر محلي فقط لا نشهده في الدول الأجنبية. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال يتمكن الشاب بسهولة من الحصول على الدعم المادي الكافي لتحويل فكرته إلى مشروع فعلي، أما الشاب اللبناني فيُطالب من المصارف برهن أحد ممتلكاته ليحصل على 30% من قيمة الرهنية فقط.

لا شك أن "كفالات" تدعم مشاريع الشباب في لبنان ولكن هذا ليس كاف، ففي الدول الأجنبية قد يحصل الشاب على دعم مادي يصل إلى مليون دولار أميركي مثلاً، وهذا نظراً لإيمانهم بقدرات الشباب وضرورة منحهم الفرص لتحقيق أفكارهم العصرية.

أن أعتبر أن الإختلاف في سوق البرمجة والتقنية بين المحلي والأميركي يبرز في آلية الإنتاج والعقلية المهنية التي يتبعها الأفراد والشركات في الخارج. لذا أنصح كل لبناني قبل التوجه إلى الدول الأجنبية أن يتعرّف على نمط العمل والتفكير المهني الأجنبي.

من خلال خبرتك المهنية الخاصة، ما هي الرسالة التي تود إيصالها للشباب في لبنان؟

أدعو الشاب اللبناني أن يستثمر في تطوير نفسه أكثر، وأن يلتزم بالأساليب المهنية العالمية من حيث الجودة والمصداقية وغيرها وإن كان السوق اللبناني لا يعير هذه العناصر أي أهمية، فأنا أدعوه ليتفوق على نفسه وعلى أساليب العمل غير المهنية المتبعة في مجتمعه.

إن الشهادة الجامعية وحدها لا تكفي فعليه أن يُطالع أكثر ويدخل إلى السوق العمل باكراً ليكتسب أكبر قدر ممكن من الخبرات.