يرزح ​قطاع غزة​ ومنذ 10 سنوات تحت وطأة الحصار، اعوام كانت كفيلة بشل اقتصاد القطاع وتفاقم المحن والمشاكل الانسانية والفقر واشتداد ​البطالة​ وتدهور ​الخدمات العامة​ وشح في السيولة، واقع مرير عبر عنه تقرير ​البنك الدولي​ الذي اشارإلى أن القطاع سجل نموا بالسالب بنسبة 6% في الربع الأول من العام الجاري 2018، والمؤشرات تنبئ بمزيد من التدهور حيث يعاني شخص من كل اثنين من الفقر، ووصل معدل البطالة بين السكان واغلبهم من الفئة العمرية الشابة الى 70% حيث أقدمت عشرات الشركات والمؤسسات الخاصة في القطاع، على تسريح عمالها وتقليص أعدادهم إلى أقل من النصف مع إدخال حسومات على الرواتب الممنوحة لهم..

وتضافرت عوامل الحرب والعزلة والصراعات الداخلية وساهمت في تدهور الحالة الاقتصادية لقطاع غزة لكنها تدهورت بشدة في الاشهر الاخيرة بفعل مجموعة من العوامل التي زادت من معاناة القطاع ومنها قرار الاجراءات العقابية التي فرضها الرئيس ​محمود عباس​ ضد غزة،والرامية الى خفض المدفوعات الشهرية الى القطاع بمقدار 30 مليون دولار، وتقليص برنامج معونات ​الحكومة الاميركية​ وتخفيضات لبرامج وكالة ​الامم المتحدة​ "الاونروا" مما اثار الكثير من المخاوف من الفشل في سد عجز ميزانيتهاوالذي سيؤدي الى كارثة انسانية ستطال ال​فلسطين​ين وستضرب منطقة الشرق الاوسط بشكل عام .

البنك الدولي : اقتصاد غزة في انهيار شديد وتدفقات المعونة لم تعد كافية لتحفيز النمو

اشار تقرير للبنك الدولي الى أن تردى الأوضاع الاقتصادية فى فلسطين بات مثيرا للقلق، مع دخول قطاع غزة مرحلة الانهيار الاقتصادى، فيما تتعرض الخدمات الأساسية المقدمة للسكان إلى الخطر فى ظل شح السيولة، وقال البنك الدولى "إن الوضع الاقتصادى فى قطاع غزة آخذ فى الانهيار تحت وطأة حصار مستمر منذ 10 سنوات، وشح السيولة فى الفترة الأخيرة، وذلك على نحو لم تعد معه تدفقات المعونة كافية لحفز النمو" حيث بلغ معدل النمو سالب 6% فى الربع الأول لعام 2018، والمؤشرات تنبئ بمزيد من التدهور منذ ذلك الحين"، واضاف: "كل هذا اسفر عن وضع مثير للقلق، حيث يعانى شخص من كل اثنين من الفقر، ويصل معدل البطالة بين سكان قطاع غزة الذين يغلب عليهم الشباب إلى أكثر من 70%."

واضاف التقريرمع أن الحصار الذى مضى عليه عشرة أعوام هو المشكلة الرئيسية، ثمة مجموعة من العوامل أثَّرت فى الآونة الأخيرة على الوضع فى غزة، منها التقليص التدريجى لبرنامج معونات ​الحكومة الأميركية​ الذى يتراوح بين 50 مليون و60 مليون دولار سنويا، وتخفيضات لبرامج وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

ويرى البنك الدولى فى تقريره انه "لم يعد ممكنا الآن التعويض عن التدهور الاقتصادى فى غزة والضفة الغربية بالمعونات الأجنبية التى هبطت هبوطاً مطرداً، ولا بنشاط ​القطاع الخاص​ الذى لا يزال يواجه عراقيل بسبب القيود على الحركة، والحصول على المواد الأساسية، والتجارة، علاوةً على ذلك، فإن تدهور أوضاع المالية العامة لا يدع للسلطة الفلسطينية مجالاً يذكر لمد يد العون، ومع انخفاض التمويل الذى يُقدِّمه المانحون، وعجز عام كامل فى الموازنة قدره 1.24 مليار دولار من المتوقع أن تبلغ الفجوة التمويلية 600 مليون دولار، وفى ظل هذه الظروف، ثمة احتمال للتعرض لخسارة كبيرة من جراء التشريع ال​إسرائيل​ى الذى صدر فى الآونة الأخيرة ويقضى بحجب إيرادات المقاصة (الضرائب وضريبة القيمة المضافة التى تحصلها إسرائيل لحساب السلطة الفلسطينية) التى تقدر بنحو 350 مليون دولار سنوياً".

وقف ترامب لمساعدات "الاونروا" ورقة ضغط على الفلسطينين لتمرير "صفقة القرن"

اثار القرار الاميركي الهادف الى التوقف نهائيا عن تسديد حصتها - البالغة حوالي 30% من مجموع ميزانية تمويل عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "​الأونروا​ العديد من بيانات التنديد والاستنكار العربية والدولية، والقرار الاميركي الذي يعود الى مطلع العام الجاري عندما حجب الرئيس ​دونالد ترامب​ 300 مليون من أصل 360 مليون دولار من حصة المساهمة الأمريكية في تمويل وكالة "الأونروا" للضغط على الوكالة بهدف إدخال "إصلاحات" على عملياتها في مساعدة الفلسطينيين من جهة، وإجبار القيادة الفلسطينية على العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل.

وحذرت الأمم المتحدة من قرار واشنطن الرامي الى قطع المساعدات عن اللاجئين الفلسطينيين الذي من شأنه ان يخلق المزيد من البؤس، واضافت المنظمة ان ​الاقتصاد الفلسطيني​ الذي يخنقه الاحتلال الإسرائيلي، يتعرض لضرر بالغ بسبب النقص الحاد في الدعم الدولي للفلسطينيين حتى قبل قرار ​الولايات المتحدة​ وقف الدعم،وأظهر التقرير أنه خلال العام الماضي انخفض الدعم التنموي الدولي للفلسطينيين بنسبة تزيد عن 10% مقارنة مع العام الذي سبق والذي كان يصل إلى نحو 350 مليون دولار سنويا.

واشارت نائبة رئيس منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"إيزابيل دورانت الى إن "الوضع في غزة أصبح غير صالح للعيش فيه بشكل متزايد

كما أوقفت واشنطن مبلغ 200 مليون دولار كانت تدفعها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "يواس أيد" للفلسطينيين، وذكرت أنها ستخفض مبلغ 25 مليون دولار إضافي من المساعدات المباشرة إلى ستة مستشفيات تخدم بشكل أساسي الفلسطينيين في ​القدس​.

وتذرعت الإدارة الأميركية في قرارها الأخير بأنه لا توجد مصلحة قومية أميركية في صرف ذلك المبلغ في الضفة والقطاع، خصوصًا في ضوء ما تزعمه من حالة "عداء" فلسطيني نحو الولايات المتحد كما ان استمرار الوكالة يسهم في استدامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، واتهامها "بالمبالغة" في تحديد أعداد اللاجئين الفلسطينيين، كما ترى إدارة ترامب أن نموذج عمل الأونروا وممارساتها المالية "تعاني عطبًا لا يمكن إصلاحه".

ومن الواضح ان الرئيس الاميريكي دونالد ترامب يعمد الى محاصرة الفلسطينين وزيادة الاعباء الاقتصادية عليهم وقطع شريان الحياة الذي تمثله "الاونروا" للاجئين لاجبارهم على القبول بما ما بات يعرف "بالصفقة الكبرى" بالاضافة الى سعي ترامب للتخفيف من الاعباء المالية التي تتحملها واشنطن والقاء المسؤولية على دول اخرى لا سيما العربية والخليجية وارضاخ الفلسطينين للشروط الاميركية والاسرائيلية .