بالاستناد إلى دراسة تحليلية صادرة عن مركز البحوث والدراسات لاتحاد ​المصارف العربية​، أكد رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد د. جوزيف طربيه، ان ​القطاع المصرفي​ اللبناني يحتل المرتبة الخامسة بين القطاعات المصرفية العربية من حيث حجم الأصول، والمرتبة الثانية بين القطاعات المصرفية للدول العربية غير النفطية، حيث يستحوذ على نحو 7% من إجمالي موجودات القطاع المصرفي العربي، و8% من ودائعه.

وبلغ حجم الموجودات المجمعة للقطاع المصرفي اللبناني حوالي 234.6 مليار دولار بنهاية الفصل الثاني من العام 2018، مسجلاً نسبة نمو 6.7% عن نهاية العام 2017. كما بلغت ودائع القطاعين العام والخاص (المقيم وغير المقيم) حوالي 176.1 مليار دولار، بزيادة 2% خلال الفترة نفسها. وبالنسبة للقروض المقدمة للقطاع العام و​القطاع الخاص​ المقيم، فقد بلغت حوالي 85.6 مليار دولار مسجلة نسبة نمو 0.5% فقط عن نهاية العام 2017.

وبالنسبة لمصدر الودائع، فقد شكلت ودائع القطاع الخاص حوالي 97.7% من مجمل الودائع بنهاية الفصل الثاني 2018. كما خُصصت نسبة 61.4% من القروض للقطاع الخاص المقيم. أما رؤوس أموال ​المصارف اللبنانية​ فشهدت زيادة كبيرة خلال الفترة الماضية، الأمر الذي ساهم في تعزيز القواعد الرأسمالية وملاءة المصارف اللبنانية وزيادة قدرتها على مواجهة المخاطر، حيث بلغت حقوق الملكية حوالي 20.4 مليار دولار بنهاية الفصل الثاني من العام 2018، بزيادة 6.5% عن نهاية العام 2017.

على صعيد الربحيّة، سجلت الأرباح الصافية المجمّعة لمصارف "ألفا" نمواً طفيفاً بنسبة 1.8%، في حين نمت الأرباح الصافية المحلية بنسبة 8.5% على أساس سنوي في الفصل الأول من العام 2018، على الرغم من الظروف التشغيلية الصعبة.

وإحتل لبنان المرتبة الرابعة عربياً بالنسبة لعدد المصارف التي دخلت لائحة أكبر 1000 مصرف في العالم لعام 2017، بحسب البيانات الصادرة عن مجلة The Banker خلال شهر تموز 2018، وذلك بدخول 9 مصارف لبنانية هي وبحسب الترتيب: "​بنك عودة​"، "بنك لبنان والمهجر"، "بنك سوسيتيه جنرال في لبنان"، "​بنك بيبلوس​"، "​فرنسبنك​"، "​بنك بيروت​"، "​البنك اللبناني الفرنسي​"، "الإعتماد اللبناني"، و"بنك بيروت والبلاد العربية". وبلغ مجموع الشريحة الأولى لرأس المال (أو رأس المال الأساسي) في هذه المصارف التسعة حوالي 15.1 مليار دولار.

ويُعتبر ​القطاع المصرفي اللبناني​ واحداً من أكبر القطاعات المصرفية العربية والدولية مقارنة بحجم الإقتصاد الوطني، حيث تبلغ الأصول المجمّعة للقطاع أربعة أضعاف ​الناتج المحلي​ الإجمالي الإسمي للبنان. وفي ضوء التحديات السياسية والإقتصادية التي يواجهها، نما ​الإقتصاد اللبناني​ بنسبة 1.5% خلال عام 2017 وفقاً لصندوق ​النقد الدولي​، مقارنة بنمو في أصول القطاع المصرفي اللبناني بنسبة 7.6%، ما يدل على قوة القطاع ومرونته وقدرته على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. ويتبع القطاع المصرفي اللبناني نموذج أعمال محافظ، ويتم رصده بشكل جيد من حيث الإلتزام بالتشريعات الدولية. كما تتمتع ​البنوك اللبنانية​ بنوعية جيدة من الأصول ونسب عالية من السيولة بالعملات المحلية والأجنبية، حيث مثّلت السيولة الأولية بالعملات الأجنبية لدى المصارف حوالي 50% من الودائع بالعملات الأجنبية بنهاية النصف الأول 2018.

وتدفع المصارف اللبنانية حالياً أعلى معدلات فائدة على الودائع (بالليرة والدولار) منذ نحو تسع سنوات بهدف جذب الودائع في إجراء تحوّطي لأي تطور سلبي، نتيجة الاوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة في المنطقة وفي لبنان.

من جهة أخرى، يؤكد ​مصرف لبنان​ على متانة ​القطاع المصرفي​ اللبناني الذي يتمتّع برسملة مرتفعة وسيولة مرتفعة وتطبيق للمعايير الدولية المحاسبية والإمتثال للقوانين والتشريعات الدولية. كما يُطمأن كبار الإقتصاديون والمصرفيون إلى سلامة الوضع النقدي والمصرفي ومتانتهما على الرغم من التحديات الإقتصادية القائمة، حيث يحافظ مصرف لبنان علىإحتياطات بالذهب وبالعملات الأجنبية تقارب 54 مليار دولار، الأمر الذي يمكنه من حماية التوازن في السوق.

ويبقى التحدي الرئيسي أمام المصارف اللبنانية في تركّز جزء كبير من إستثماراتها في الديون السيادية،حيث تستحوذ أدوات الدين السيادي على أكثر من 60% من مجمل الموجودات في ميزانية المصارف، ما يدل على إنكشاف المصارف على المخاطر السيادية (Sovereign Exposure). وبحسب رئيس لجنة الرقابة على المصارف في لبنان،"تبرز ضرورة توسيع قاعدة الإقتصاد وتنويعها، بحيث تكون ​السياسة النقدية​ جزءاً من سياسة اقتصادية ومالية عامة، فالحكومة مطالبة باتخاذ خطوات نحو توسيع حجم الإقتصاد وإضفاء الطابع الإنتاجي عليه، إذ لا يمكن الإستمرار في سياسة الإقتصاد الإئتماني".

وعلى الصعيد العربي، نًشير إلى أن الموجودات المجمعة للقطاع المصرفي العربي بلغت حوالي 3.39 ترليون دولار في نهاية النصف الأول من العام 2018، بزيادة حوالي 1.6% عن نهاية العام 2017، وأصبحت بالتالي تشكل حوالي 140% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العربي. وبلغت الودائع المجمعة للقطاع المصرفي العربي حوالي 2.14 ترليون دولار (ما يعادل 87% من حجم الإقتصاد العربي)، محققة نسبة نمو حوالي 1.5%، وبلغت حقوق الملكية حوالي 392.5 مليار دولار مسجلة تراجعاً بحوالي 1.8% عن نهاية العام 2017. كما تشير التقديرات إلى أن حجم الإئتمان الذي ضخه القطاع المصرفي في الإقتصاد العربي حتى نهاية الفصل الثاني 2018 قد بلغ حوالي 1.86 ترليون دولار، وهو ما يشكل نحو 75% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العربي، محققاً نسبة نمو حوالي 2% عن نهاية العام 2017. وتدل هذه الأرقام على المساهمة الكبيرة التي يقوم بها القطاع المصرفي العربي في تمويل الإقتصادات العربية على الرغم من إستمرار الإضطرابات الإقتصادية والإجتماعية في عدد من ​الدول العربية​.