حاولت سيّدة أعمال إماراتية، استثمار بعض أموالها في مشاريع عقارية في ​لبنان​، وسلّمت نصف مليون دولار كدفعة لشريكها الذي نال ثقتها، الّا أنها لم تصل الى مبتغاها، معتبرة أنها وقعت ضحية عملية احتيالية ومشروع وهمي أوقعها به صديقها اللبناني، الذي عزا الخلاف الى علاقة غرامية وزواج عرفي فاشل، أطاح بالمشروع العقاري برمته، فيما اعتبر القضاء أن النزاع يرتدي الطابع المدني وليس الجزائي.

تقدّمت المدعية "منى. ع. م" بشكوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في ​بيروت​، إتخذت فيها صفة الادعاء الشخصي ضدّ "حسن. ص"، عرضت فيها أنها سيدة أعمال إماراتية، وقد تعرّفت على المدعى عليه، وتوطدت العلاقة بينهما حتى كسب ثقتها، ثم عرض عليها مشروعاً وهمياً بمشاركتها في شراء عقار في مدينة بيروت، لأجل إنشاء بناء عليه، وبناء على هذا الاتفاق قامت بتحويل مبلغ 500.000 ألف دولار أميركي من حسابها الشخصي في "بنك الهلال" في أبو ظبي، الى حساب المدعى عليه في مصرف "فرنسبنك" في بيروت.

مع مرور الوقت اكتشفت ​سيدة الأعمال​ أنها وقعت فريسة عملية احتيالية منظمة، لأنها كانت تطالب "حسن" بالتوقيع على عقد بيع العقار المزعوم بحصتها، فكان يتنصّل منها بحجج واهية، منها محاولته اقناعها بشراء شقة في بناء عائد له مع شريكه "محمد. ه"، بعد أن حاولت استرداد المبلغ المدفوع منها، والذي سلبها إياه المدعى عليه (بحسب ما ورد في نصّ الدعوى)، الا أنه لم يعد يتواصل معها وانقطع الاتصال بينهما ما دفعها الى التقدم بالشكوى الراهنة.

خلال استجوابه أمام قاضي التحقيق في بيروت جورج رزق، أوضح المدعى عليه "حسن. ص" أن المدعية حضرت الى مكتبه لأجل شراء شقة سكنية في أحد مشاريع البناء التي يقوم بإنشائها، وأنها زارت البناء المعدّ للبيع في منطقة عين المريسة، واختارت شراء شقتين في الطابقين الخامس والسادس، بقيمة مليونين و200.000 دولار أميركي، وكانت ترغب بتحويلهما الى "دوبلكس"، على أن يتم دفع نصف ثمن الشقتين، وأن المدعية سافرت في اليوم ذاته.

ولا تقتصر العلاقة تقتصر على الأعمال التجارية، وفق ما جاء في إفادة المدعى عليه، بل انتهت بزواج عرفي، نتيجة حالة الاستلطاف التي حصلت بينهما، وأنه عندما علمت سيدة الأعمال أنه (حسن) قرر العودة الى عائلته، انتكست العلاقة بينهما، وتوقفت المدعية عن تسديد باقي ثمن الشقتين، ثم أعلمته بنيتها شراء شقة واحدة، وأنه وافقها على ذلك، لكنها لم تدفع كامل ثمنها ولا يوجد أي عقد على هذه الشقة في البناء الذي ما زال قيد الانشاء، وأن شريكه "محمد. ه" كان عالماً بكل هذه الأمور.

ولدى الاستماع الى إفادة سيدة الأعمال الإماراتية، أوضحت أنها كانت ترغب باستثمار ثلاثة ملايين دولار أميركي في لبنان، فأرسلت الدفعة الأولى بقيمة 500.000 دولار أميركي، بموجب تحويل مصرفي قبل تاريخ عقد البيع الذي أرسله لها المدعى عليه بواسطة الانترنت، وتعهدت بإبراز تاريخ إرسال المبلغ المصرفي من دولة الامارات.

وعلى خلفية التناقض بين أقوال المدعية والمدعى عليه، جرى الاستماع الى الشاهد "محمد. ه" شريك المدعى عليه، فقال في افادته التي أدلى بها أمام قاضي التحقيق، إن "حسن. ص" أعلمه بوجود عقد بيع لصالح السيدة "منى. م"، فإما أن تأخذ الشقة وتدفع 600.000 دولار أميركي، إكمالاً للثمن أو يعاد اليها الـ 500.000 دولار، محسوماً منها 20%، وتبين من التحقيقات الاستنطاقية الجارية وجود مراسلات ورسائل نصية متبادلة بين فريقي النزاع، حول الشقة أو الشقتين المباعة الى المدعية، وما يتعلّق بانتهاء أعمال الباطون والتقطيع الداخلي والإسكان والافراز، وحول قيمة المبلغ الإجمالي المطلوب من المدعية، وتوزيع الثمن على دفعات أولى وثانية وثالثة ورابعة وخامسة، أو دفعة واحدة ووجود اتفاقية مشاركة بين المدعي عليه "حسن. ص" والشاهد "محمد. ه" الى مستندات أخرى مرتبطة بعلاقة الفريقين المتنازعين، وليس بينهما ما يشير الى علاقة شراكة أو مشاركة.

واعتبر القاضي جورج رزق في حيثيات القرار الظني الذي أصدره في هذه الدعوى، أنه لم يثبت من التحقيقات الاستنطاقية المجراة والمستندات المبرزة، أن النزاع بين الفريقين لم يكن حول المشاركة في مشروع بناء، وإنما في شراء شقة أو شقتين في البناء من قبل المدعية، وحول تنفيذ موجبات العقود، وهذا النزاع يغلب عليه الطابع المدني، فيما لم يثبت إقدام المدعى عليه "حسن. ص" ارتكاب جرم الاحتيال بحق المدعية، وخلص الى منع المحاكمة عنه لعدم توافر العناصر الجرمية.