الكل يعرف أن وضع الإقتصاد ال​لبنان​ي سيّء ومتردّي، وهناك من يقول أن المسار الإنحداري بات خطيراً، والكل يجيد توصيف الوضع الذي وصلنا إليه. ولكن ما هي الحلول؟ وكيف نحسّن وضع إقتصادنا ونحصّنه ؟

"الإقتصاد" إنطلاقاً من الحس الوطني، والحسّ بالمسؤولية، تعرض سلسلة أفكار أو إجراءات إتُخذت أو يمكن إتخاذها من قبل مسؤول او وزير، أو من قبل الحكومة مجتمعة، من شأنها أن تحسّن الوضع الإقتصادي تدريجياً، أو على الأقل تساهم في وقف المنحى الإنحداري الذي يسلكه ​الإقتصاد اللبناني​.

- موازنات الدول يجب أن تتضمن رؤية وتوجه إقتصادي معيّن.

على الرغم من عودة إعتماد الموازنات وإقرارها منذ العام 2017، إلا ان شك هذه الموازنات يبقى أقل بكثير من طموحاتنا، فهي غير منبثقة عن توجه إقتصادي واضح، وهي كناية عن عملية حسابية لتحديد النفقات والإيرادات لأ أكثر ولا أقل.

فعلى الرغم من من محاولة تخفيض العجز في موازنة العام الماضي من 15% إلى 10% وتقديم وعود في مؤتمر "سيدر" بتخفيض العجز إلى 5%، إلا ان هذا الهدف لا يمكن تحقيقه بدون توجه إقتصادي واضح وتخطيط واضح، والبدء بتطبيق الخطط الموضوعة على أرض الواقع.

لذلك فإن الخطة الإقتصادية التي تم وضعها بالتعاون مع شركة "ماكينزي" قد تساعد في إقرار موازنات ذات رؤية واضحة تصب في إتجاه تحقيق الأهداف التي حددتها هذه الخطة.

- تطوير وتأهيل البنى التحتية مهم .. لكنه يجب ان يترافق مع دعم وتحفيز القطاعات المنتجة.

لا شك ان البنى التحتية تحتاج إلى إعادة تأهيل، وما تم إقراره في مؤتمر "سيدر" سيساعد على تحسين البنى التحتية المهترئة والتي لم تشهد على أي إستثمارات منذ نهاية التسعينات.

ولكن سياسة الإستثمار بالبنى التحتية دون الإلتفات إلى القطاعات المنتجة هي سياسة خاطئة والعكس صحيح. ففي تسعينات القرن الماضي تم إتباع سياسة تركّز على الإستثمار في البنى التحتية، فقمنا ببناء ​بنى تحتية​ ساهمت في خلق فرص عمل، ولكن لم نستطع ان نحقق الإستدامة لأننا لم نلتفت إلى القطاعات المنتجة.

لذلك خطة "ماكينزي" تحاول الربط بين مشاريع تأهيل وتطوير البنى التحتية، وبين دعم وتحفيز القطاعات المنتجة من أجل الوصول إلى إقتصاد جيد قادر على النمو ويتمتع بالإستدامة.

وإن لم يتم تنفيذ الخطة بهذه الطريقة والعمل على الوصول إلى هذا الهدف، فإن لبنان لن يستطيع سداد الديون الإضافية المترتبة عليه من مؤتمر "سيدر"، كما انه لن يتمكن من تخفيض ​الدين العام​ الإجمالي.

وفي هذه المرحلة يلعب ​القطاع الخاص​ والمستثمرين دورا كبيرا، حيث أن دور الدولة يجب ان يتركّز على خلق البيئة المناسبة والمحفزات والحماية المطلوبة، في حين ان الإستثمار والتطوير سيكون من دور القطاع الخاص والإستثمارات الأجنبية المباشرة التي ستساهم في تطوير القطاعات الإقتصادية كافة وخاصة القطاعات المنتجة.

ونحن لا نقول بان هذه المهمة سهلة، ولكنها ليست مستحيلة إذا ما وجدت الإرادة الحقيقية والقرار السياسي الصادق، للبدء فعليا بتنفيذ الخطة الإقتصادية الموضوعة على الأرض.

- تحسين هيكلية الإدارات العامة وتطويرها لمواكبة العصر:

المستثمر يحتاج دائما إلى تسهيلات تشجعه على الإستثمار في السوق، فإلى جانب خلق البيئة المناسبة والمحفزات والحماية المطلوبة، بجي علينا تطوير آلية عمل الإدارات والوزارات لتسريع إنجاز كافة المعاملات والرخص المطلوبة.

فإنجاز الأوراق والمستندات المطلوبة للإستثمار في لبنان مازلت تعتمد على آلية وهيكلية قديمة، حيث أن المستثمر يحتاج إلى وقت طويل للحصول على الموافقات والأوراق والمستندات المطلوبة، لهذا علينا العمل على تطوير آلية عمل الإدارات والوزارات، من أجل تسريع هذه المعاملات وتسهيل الأمور على المستثمرين.

قطاعات صغيرة يمكن تطوير أدائها ومراقبتها بالشكل الصحيح.

* قطاع التامين

على سبيل المثال، يعد قطاع التامين من القطاعات المهمة في الإقتصاد الوطني، حيث يمتلك مقومات كثيرة للنمو والتطور.

وبما ان لجنة الرقابة على قطاع التامين التابعة لوزارة الإقتصاد يمكنها القيام بمهام عديدة، ومن اهمها مراقبة القطاع ووضع الضوابط ومحاولة تطويره، عملت الوزارة في العهد الجديد على تفعيل عمل هذه الهيئة، حيث تم إتخاذ عدّة إجراءات بهذا الإتجاه لضبط وتطوير هذا القطاع، وحماية المواطن وحقوقه في عقود التأمين والحؤول دون إستعلاله.

ومن اهم القرارات التي تم إتخاذها هو إلزام شركات التأمين بالتجديد التلقائي للعقود (guaranteed renewability) ضمن كل فئة عمرية، حيث اصبحت الشركة ملزمة بتجديد عقد العميل لديها تلقائيا وبشكل سنوي وبنفس الشروط والأسعار، طالما أنه مازال ضمن الفئة العمرية التي يحددها قانون التأمين.

* تنظيم عمل المولدات الخاصة

عملت وزارة الإقتصاد في الفترة الماضية أيضا على تنظيم قطاع المولدات الغير شرعي، في محاولة لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن اللبناني، فكان هناك خيارين، الاول أو يبقى السعر الشهري مقطوع، والثاني أن يتم تركيب عدادات. فأصدرت الوزارة قراراً منذ عام تقريبا يلزم أصحاب المولدات تركيب عدادت، ولكن تم تأجيله بسبب عدم وجود عدادات كافية في السوق.

وفي منتصف العام الحالي، عادت وزارة الإقتصاد للعمل على هذا الملف، حيث تواصلت مع وزارة ​الطاقة​ لتحديد تسعيرة للكيلوات الواحد، تكون عادلة للطرفين، كما طلب وزير الإقتصاد أيضا مساعدة وزارة الداخلية لضمان تطبيق هذا القرار، فوضعت الأخيرة نفسها في تصرف وزارة الإقتصاد لضمان تطبيق القرارات المُتخذة، كما تم التعاون مع وزارة العدل أيضاً.

ويبدو أن هذا القرار جدّي وسيبدأ تنفيذه خلال أيام، حيث سيتم إلزام أصحاب المولدات بتركيب العدادات والغلتزام بالتسعيرة الصادرة عن وزارة الطاقة، وتقديم فاتورة شهرية مفصّلة للمواطن، كما سيتم منعهم من قطع التيار الكهربائي عن المواطن تحت أي ذريعة، إذ سيضمن القانون للمواطنين بأي منطقة حق وضع يدهم على المولدات وتشغيلها في حال تمنّع صاحب المولدات عن ذلك، لأن هذه الخدمة هي خدمة عامة ولا يمكن إيقافها.

* لجنة حماية المستهلك

لجنة حماية المستهلك هي جهاز تابع لوزارة الإقتصاد أيضا، مهمتها حماية المستهلك من أي إرتفاع غير منطقي وغير قانوني للأسعار ومحاولة إستغلال المواطنين وسرقتهم.

وقد عملت الوزارة في الأونة الأخيرة على تفعيل عمل هذه اللجنة وتكثيف عدد الزيارات للاسواق، وإعطاء تقارير يومية عن الزيارات ومحاضر الضبط التي يتم تسطيرها بحق المخالفين.

وتسعى الوزارة في المرحلة الحالية للتعاون مع وزارة العدل لتسريع إجراءات إستيفاء محاضر الضبط، وإعطاء صلاحيات أكبر لوزارة الإقتصاد في هذا الخصوص.