لا يختلف اثنان حول موضوع مزاحمة النازحين السوريين ل​لبنان​يين في سوق العمل، وفي الكثير من المجالات. وهنا تطرح هذه الأسئلة نفسها: ما الوضع القانوني للأجراء السوريين في سوق العمل اللبنانية؟ هل يدفعون الضرائب؟ هل يستفيدون من تقديمات ​الضمان الاجتماعي​؟ وهل يحق لهم مقاضاة ​رب العمل​ في حالات الصرف التعسفي؟! ولمعرفة الإجابة عن هذه التساؤلات كان لـ"الإقتصاد هذا اللقاء مع المحامي بالإستئناف، والمستشار المعتمد لدى عدة هيئات دولية د.شربل عون عون:

ما هو وضع الاجراء السوريين في سوق العمل اللبناني؟

ان الاجراء السوريين في لبنان يعملون في قطاعات عديدة تنافس الاجير اللبناني من دون الحصول على اجازة عمل، وهذا الامر قد سبق وان تكلمنا عنه مرارا وتكرارا وبرأيي لن يكون من اي حل جذري للمسألة الا بعد انتهاء ​الازمة السورية​ وعودة عدد كبير من النازحين السوريين الى ديارهم.

ماذا عن الحقوق التي يتمتعون بها وفقا ل​قانون العمل​ اللبناني؟ هل من اي تمييز بحقهم؟

ان قانون العمل اللبناني لم يميز بين الاجير اللبناني والاجنبي بما فيهم السوري في معظم مواده، وبالتالي فأن الاجير الاجنبي مهما كانت جنسيته فهو يستفيد من معظم الحقوق التي يستفيد منها الاجير اللبناني، اكانت تتعلق بالاجازات على كافة انواعها او غيرها من الحقوق. ولكن هناك امرين اساسين يختلف الوضع فيهما عن الاجير اللبناني، وهما مسألة التسجيل في الضمان الاجتماعي ومسألة الصرف التعسفي، فالجميع يسأل ويستغرب!! هل يحق للاجراء السوريين اللجوء الى محاكم العمل في حالة الصرف التعسفي؟ هل يجب تسجيل الاجير السوري في الضمان الاجتماعي؟ هل يجب على الاجير السوري تسديد الضريبة على الرواتب والاجور؟

فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي: ان الضمان الاجتماعي مؤلف كما تعلمون من ثلاثة فروع، ضمان المرض والامومة- ال​تعويض​ات العائلية- تعويض ​نهاية الخدمة​. ان الاجير اللبناني يتم تسجيله في الفروع الثلاثة وتدفع عنه الاشتراكات ويستفيد من كافة الفروع. اما بالنسبة للاجراء الاجانب ومن بينهم السوريين، فأن رب العمل ملزم بتسجيلهم فقط في فرعين وهما فرع ضمان المرض والامومة وفرع التعويضات العائلية وتدفع عنهم الاشتراكات ولكن دون ان يحق لهم الاستفادة من تقديمات هذين الفرعين.

هناك فقط اربعة دول اجنبية تستيفد من كافة فروع الضمان الاجتماعي ومن كافة تقديماته وعندها يكون رب العمل ملزما بتسجيل رعايا هذه الدول لدى الضمان في الفروع الثلاثة وتسديد كافة الاشتراكات عنهم. وهذه الدول هي ​فرنسا​، ​بريطانيا​، ​ايطاليا​ و​بلجيكا​ وذلك لوجود معاملة بالمثل مع دولة لبنان.

بالنسبة للاجراء الفلسطينين الوضع يختلف، فأن رب العمل ملزم بتسجيلهم في الفروع الثلاثة ولكنهم يستفيدون فقط من تقديمات فرع تعويض نهاية الخدمة دون سواه من الفروع. بالنسبة لفرع التقديمات العائلية وضمان المرض والامومة فأنهم لا يستفيدون من تقديمات الضمان الاجتماعي لان منظمة الاونوروا هي التي تغطي تلك التقديمات مباشرة مع الفلسطينيين. من هذا المنطلق نشير الى انه في حال امتنعت الدول الاميركية وباقي الدول عن تغطية تمويل الاونوروا كما سمعنا مؤخرا، فاننا سنكون امام مشكلة لان الجميع يعلم بأن لبنان غير قادر على تغطية هذه التقديمات.

فيما يتعلق بمسألة الصرف التعسفي: بداية لا بد من الاشارة بأن حق الاجنبي باللجوء الى المحاكم اللبنانية مصان سندا للمادة 7 من قانون اصول المحكمات المدنية التي نصّت صراحة بأنه يحقّ لاي أجنبي تقديم دعوى للمطالبة بحقوقه؛ ولكن في حال تقديم الاجنبي او الاجير السوري خاصة دعوى الصرف التعسفي، فهل ستحكم له المحكمة بهذه الحقوق في حال ثبوتها ام يقتضي توافر شروط أخرى شكلية؟

هنا لا بد من العودة الى المادة 59 من قانون العمل اللبناني التي نصت على انه يحق للاجراء الاجانب اللجوء الى محاكم العمل من اجل الحصول على تعويض صرف تعسفي وذلك في حال كان هناك معاملة بالمثل مع الدولة الذي ينتمي اليها هذا الاجير مع ترتب الحصول على اجازة عمل من قبل وزارة العمل لهذا الاخير؛ ومن هنا انقسمت اجتهادات المحاكم، فالبعض اعتبر بأنه وجود المعاملة بالمثل كاف للاجير الاجنبي للمطالبة بحقوقه دون شرط الحصول على اجازة عمل والبعض الاخر اعتبر بأن توافر الشرطين اساسيا للمطالبة بالتعويض.

فيما يتعلق بالاجراء السوريين، لا بد من الاشارة بأنه يمكن للقضاء اللبناني الاستناد الى نص المادة 4 من الاتفاقية الثنائية الموقعة بين الجمهورية اللبنانية والجمهورية العربية السورية بتاريخ 23/5/1991 التي اعتبرت انه يتمتع اجراء البلدين بنفس الحقوق والواجبات المتبادلة امام القانون وذلك من أجل أعتبار وجود المعاملة بالمثل بين الدولتين؛ فمن بعدها، يعود للمحكمة ان تقرّر ما اذا كان شرط الحصول على اجازة عمل ضروريا ام لا.

من هنا نلفت نظر ارباب العمل اللبنانيين على هذا الامر لان توظيف الاجير السوري لا يعني انهم اصبحوا بمنأى عن اية ملاحقة قضائية امام محاكم العمل، وفي حال صدر الحكم لمصلحة رب العمل في حال كان الاجير السوري ليس لديه اجازة العمل، هذا الامر لا يعني انه لا يمكن للضمان الاجتماعي ملاحقة رب العمل والزامه بتسجيل الاجير السوري في الضمان الاجتماعي ودفع كافة الغرامات مع الاشتراكات عن كامل الفترة التي عمل بها لدى رب العمل.

فيما يتعلق بالضريبة على الرواتب والاجور:

كما تعلمون ان الضريبة على الرواتب والاجور يسددها الاجير الى وزارة المالية من خلال التصريح الذي يقدمه رب العمل الى الوزارة؛ اي ان رب العمل يعمد الى اقتطاع الضريبة من اجر كافة الاجراء لديه ويقوم بتأديتها الى وزارة المالية. بالتأكيد فأن الاجير الاجنبي ومن ضمنهم السوري لديه نفس الموجب وليس هناك من اي تميز او استثناء يتعلق بهذا الامر.

- ماذا عن تعهد المسؤولية التي يقدمها رب العمل الى ​الامن العام​ اللبناني، هل هي كافية وتعفيه من الاستحصال على اجازة عمل للأجير السوري؟

بالتأكيد لا، فأن التعهد الذي يوقعه رب العمل ويسلّمه للامن العام لا يعفي هذا الاخير على الاطلاق من موجب الاستحصال على اجازة عمل للاجير السوري؛ وهذا الامر عددا كبيرا من ارباب العمل لا يعرفه ويؤدي الى مشاكل قانونية فيما بعد. ان التعهد المطلوب من قبل رب العمل فرضه الامن العام فقط لدواع امنية ولكنه ليس متوافقا مع احكام قانون العمل ولا يعفي رب العمل من موجب مراجعة وزارة العمل.

- ماذا عن ال​مهن​ التي يحق للاجير الاجنبي العمل بها، وبالاخص السوري؟

بشكل عام ان كافة المهن التي يمكن للاجراء الللبنانيين ان يقوموا بها هي محصورة بهم ولا تعطى عندها اية اجازة عمل بهذا الخصوص للاجراء الاجانب، وهذا الامر تنظمه وزارة العمل عبر اصدار سنويا قرارا اداريا يتعلق بهذا الموضوع. بالنسبة للاجير السوري فهو يحق له ان يعمل فقط في ثلاثة مهن وهي الزارعة، النظافة والبناء وبالتأكيد شرط الحصول على اجازة عمل من قبل وزارة العمل.