ربما الوصف الاصح للوضع الحالي الاقتصادي هو الضبابية الكاملة في كل القطاعات . فرغم التحسن الطفيف الذي شهدته الحركة السياحية هذا الصيف وقد صعكت بضربة قوية في تردي الخدمات داخل ​مطار بيروت​ بشكل دراماتيكي ومفاجئ لم تبرره حتى تاريخه كل الاعترافات ، فإن باقي المرافق تئن تحت الجمود المخيف وخصوصاً السوق العقاري الذي دخل مرحلة الكساد الخطير.

قطاع البناء​ ليس بخير ،وكذلك الاقتصاد برمته ليس بخير . وان كان حاكم مصرف ​لبنان​ يجدد تطميناته بان الليرة بألف خير و​الوضع النقدي​ مستقر وممسوك ولنا ملء الثقة بحكمته وإدارته ،فهذا لا يعني ان النمو موجود ، لا بل انه شبه غائب ومصيره في حكم المجهول.

وإذا نظرنا الى حولنا في الدول المجاورة ، بالطبع حيث ليس هناك من حرب مثل قبرص التي بدأت تخرج من محنة الإفلاس والتقشف، نلاحظ ان الانتعاش الذي بدأت تعيشه بعد سنوات مرتبط الى حد ما بتحرك السوق العقاري فيها بفعل إغراءات عدة مقدمة للمستثمرين من خارج البلاد.

ومن الملاحظ ان هذا السوق يسرق اليوم المستثمر اللبناني الذي هربته عوامل عدة بينها عدم الاستقرار السياسي والاهم الضرائب المفروضة على قطاع العقارات ، و"ليزيد الطين بلة " توقيف القروض السكنية .

إنها المؤامرة بحد ذاتها على بلد كُتب له عدم النهوض وبدوام الركود. تعددت اسباب الكساد في القطاع العقاري اللبناني ، ولكن البعض من المطوّرين العقاريين والمستثمرين اتجه الى السوق القبرصي باندفاع لافت حتى ان بعض التحليلات ترد اسباب ارتفاع الاسعار فيه الى دخول اللبنانيين اليه.

هل هذا هو الواقع فعلياً؟ وهل ان تحريك السوق القبرصي يأتي على حساب السوق اللبناني؟

مسعد فارس

- أمين سر جمعية مطوّري العقار في لبنان (REDAL) مسعد فارس يقول "للاقتصاد":

الملاحظة صحيحة، يوجد حركة ناشطة في السوق القبرصي اليوم ، لكنها ليست بالحجم الكبير كما يتم تداوله في الاعلام والصالونات. والملفت أكثر أن المطورين العقاريين هم الذين يتوجهون نحو قبرص وهذا مرده السوق الناشط القبرصي الذي يتقبل المستثمرين من جميع أنحاء العالم وليس فقط من لبنان، وذلك لأن أولاً :الاسعار لا تزال مقبولة جداً، وثانياً: التحفيزات التي تقدمها الدولة بالنسبة الى الضرائب والتسهيلات للمطورين الذي نفتقده في بلدنا العزيز لبنان.

وفي سياق الحديث، هل يعقل أن ​الدولة اللبنانية​ وضعت رسماً سنوياً مقطوعاً على الشركات والأفراد في الوضع الحالي! وهل يعقل أن يبقى المطورون العقاريون يناشدون ويطالبون بالتحفيزات وبدل أن يمدون لهم المساعدة يواجهونهم بالضرائب!

ولكن ما هي الحوافز التي تدعم حركة الطلب على العقارات في قبرص اليوم ؟

يوضح فارس انه في قبرص موضوع منح الإقامة للمستثمرين هو الابرز.وبفعل هذا الحافز تم بيع ما يزيد عن4مليار دولار، بينما عندما تقرر في لبنان اعتماد هذا الاتجاه راحت الامور الى غير اتجاه وأصبح هدفنا بنظر بعض الاطراف أننا نريد توطين السوريين، والفلسطنيين،...

هل من ارقام عن حجم الاستثمارات الموظفة في السوق العقاري القبرصي اليوم ؟

ليس هناك من أرقام دقيقة، لكننانعلم أن السوق "سوبر ناشط ".والمطورون يأتون من عدة دول في العالم ، وهذا ليس متوقفا فقط على أهالي البلاد. وأعيد القول أن الانفتاح والتحفيزات و"الأهلاً وسهلاً" الذي نفتقده نحن اليوم هي العوامل الرئيسية في نشاط القطاع العقاري في قبرص، اسبانيا والبرتغال...

وعن واقع هذه الاستثمارات في لبنان يقول فارس : إن لبنان يفتقد الى الاستثمارات ليسفقط في القطاع العقاري بل في باقي القطاعات أيضاً. والسبب هو أن الدولة تثقل كاهل الشركات والمصانع وكل من يريد القيام بمشروع خاص.

وعن الخطوات المقبلة لإعادة تحريك الطلب على الشقق يقول : إننا نحاول وسنستمر في المحاولة لكي تقوم الدولة بلفتة إيجابية لتحفيز المواطن لشراء شقة .وهنا لست بصدد التكلم عن قروض الاسكان فهذا جزء صغير لا يمثل أكثر من 15% من السوق. التحفيز يكون بتخفيض الضرائب الكبيرة التي هي اليوم السبب في أن يفضّل الشاري الايجار على الشراء.

نحن كجمعية مطوري العقار REDALلن نبقى مكتوفي الأيدي، سبق وزرنا فخامة رئيس الجمهورية ووضعنا أنفسنا بتصرفه لأن القطاع العقاري بحاجة لورشة عمل كبيرة. وأعربنا له عن استعدادنا لتقديم عملنا ووقتنا للقيام بهذه الورشة ،بالتعاون مع القطاع العام من وزارات ومديريات لها صلة بالقطاع.

سنكمل مشوارنا ونعرض مشروعنا على دولة رئيس ​مجلس النواب​ ورئيس ​مجلس الوزراء​ آملين الوصول الى نتيجة.

وبالتأكيد ، نشكر اولا سعادة ​حاكم مصرف لبنان​ الدكتور ​رياض سلامة​، ومدير عام الشؤون العقارية الاستاذ جورج معراوي، ورئيس اتحاد الغرف الاستاذ محمد شقير لتعاونهم معنا والقيام بما يستطيعون عليه وانشاء الله ستتوسع هذه الحلقة.

أيضاً ، نريد أن ننوه بالنائبين رئيس لجنة المال الاستاذ ابراهيم كنعان والعضو معالي الوزير ياسين جابر على تعاونهما معنا خلال اقرار موازنة 2018 بقبول اقتراحاتنا والسعي لكي تُقْبل في المجلس لكن لسوء الحظ لم نستطع الوصول الى شيء مثمر للقطاع.

قطاع مشغل

بالنتيجة، لا شك أن تطوير القطاع العقاري يقوم على تنمية قدرات المطورين من ناحية التخطيط العمراني، وعلى تلبية مطالبهم في ما يتعلق بالسياسة الضريبية، وعلى إدخال مفاهيم المعايير البيئية وحقوق الزبائن".

وحجم القطاع العقاري تأسيسي بامتياز للاقتصاد الوطني، حيث ينعكس على التوظيف الذي يطال بشكل مباشر المتعهدين والوسطاء والمطورين والمهندسين وعشرات القطاعات الرديفة، وبشكل غير مباشر على ​القطاع المصرفي​ وشركات الإعلان و​مواد البناء​ وتجار الأثاث المنزلي والموزعين، إضافة الى عشرات القطاعات الرديفة.

القطاع تعرض لاضرار كبيرة من جراء السياسات الضريبية التي لم تتوقف عن منحاها التصاعدي، كما من جراء التباطؤ في مكننة ​المعاملات العقارية​ والأذونات والتراخيص على أنواعها كما يشرح المطورون العقاريون .

وتتضمن مطالب القطاع المتمثلة بتخفيض رسوم التسجيل، حيث يؤدي اعتماده الى زيادة الوفر في خزينة الدولة وبتحفيز اللبنانيين المنتشرين الى شراء منازل كجزء من سياسة اقتصادية وجوب :

- تحقيق الاستقرار والنموّ الاقتصادي هو أفضل وسيلة لعودة القطاع العقاري إلى عافيته

- وضع سياسة تحفيزية أبرز ركائزها إعفاء اللبنانيين المغتربين من رسوم التسجيل.

- إعطاء الأشخاص الأجانب الراغبين بشراء شقق فخمة يفوق سعرها المليون دولار إقامة دائمة في لبنان.

- حصر إجراء التخمين العقاري بجهة واحدة مع اعتماد معايير موحدة وواضحة

- ضرورة البحث في الإجراءات الضريبية التي تطال القطاع كونها العامل الأبرز لانكماشها وتراجع أدائها ومن هنا يوصي المؤتمر بضرورة تنظيم طاولة حوار بين اهل القطاع ووزارة المال والجهات المالية العنينة بالسياسة الضريبية التي تطال القطاع.

- التشديد على أهمية الوضوح والاستقرار فيما يتعلق باستقرار التشريع الضرائبي.

- العمل على توضيح الإجراءات الضريبية الجديدة التي أقرّت وطالت القطاع خصوصاً وأن العديد منها يبقى تطبيقه غامضاً ويتحمله العقاريون والمقاولون.

- العمل على تطبيق الحكومة الإلكترونية من خلال تصنيف المعلومات في المؤسسات العامة والخاصة وتأمين الخدمات للوصول إليها مع الحماية اللازمة.

- التأكيد على دور القطاع العقاري في تعزيز البناء الأخضر لما له من أهمية على الصعيد العالمي ويؤدي إلى تخفيض التكاليف على المدى الطويل ويراعي المعايير العالمية.

- استمرار التواصل مع الجهات الدولية المانحة والجهات الأممية لتأمين التمويل اللازم للمشاريع التنموية التي يمكن للقطاع العقاري المساهمة بها وخاصة مع ​الاتحاد الأوروبي​ وصناديق التمويل الدولية.

- التشديد على ضرورة تحصيل القطاع وخاصة قطاع المقاولين على مستحقاتهم من الدولة اللبنانية كاملةً لما لهذا القطاع أهمية على صعيد تأمين البنى التحتية اللازمة.

- التأكيد على أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص والدور الأساسي للقطاع العقاري في هذه الشراكة التي عززت من خلال إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجلس النواب لما يساهم في تطوير البنى التحتية ويعزز قطاع العقارات والمبيعات بشكل خاص ويدعم الاقتصاد الوطني بشكل عام.

- ضرورة الإسراع في إيجاد حلول للمشاكل البيروقراطية التي يعاني منها المطورون ومنشئو العقار لإنجاز معاملاتهم في الدوائر الرسمية اللبنانية.

- ضرورة تأمين نقل مشترك منظم وتحسين البنى التحتية خاصة فيما يتعلق بوضع الطرقات وزحمة السير لما لهذا الامر من تداعيات إيجابية على حركة القطاع.

- العمل على خطة لبناء مساكن بأسعار مدعومة تناسب الطبقات اللبنانية الفقيرة بالتعاون والتعاضد مع الدولة وجهاتها التنظيمية.

- تعزيز الشفافية في التعاطي من قبل الدولة اللبنانية والجهات المعنية وخاصة وزارة المال والإدارات المعنية في كل الإجراءات الإدارية المتعلقة في هذا القطاع.

- تكثيف الدورات التي تقدمها النقابة للعاملين في هذا القطاع للحد من الفوضى التي يعاني منها والعمل على تأمين التنظيم الأفضل والأجدى.

- إلكترونية واضيع مثل تطوّر العقار... الميين من مختلف القطاعات المتعلّقة بالقطاع العقاري، حيث سيتناقشون عن أبرز المواضيع الراهنة