نادين الشمعة هي أم كرست كامل وقتها لتربية أولادها الثلاثة، وذلك بينما كانت تمارس شغفها بالطهو وتعلم المهارات الفنية.

وبعد مرور السنوات، لم يثنيها تقدمها في العمر من السعي وراء تحقيق أحلامها وأهدافها. وبالفعل، بعد تدريبات عدة، وصلت الى ما تطمح اليه، لتثبت بذلك أن النجاح لا يتوقف عند عمر معين، واذا عقد الانسان عزيمته وتحلى بالإرادة الصلبة، وأصرّ على الوصول، فسوف يحقق ما يتمناه لا محالة!   

فنادين لم تجعل من العمر حاجزا أمام تحقيق الإنجازات العملية،  والوصول الى إفادة أكبر عدد ممكن من المتابعين، لتؤكد أن النجاح قابل للتحقيق في أيّ مرحلة عمرية.

كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع مؤسسة المدونة الالكترونية "The Kitchen Babe"، نادين الشمعة، للتعرف الى مشاريعها المستقبلية، والى أهداف هذه المدونة والمحتوى الذي تقدمه.

أين كانت البداية ومتى؟

تزوجت بعمر العشرين سنة، ورزقت بعدها بتوأم، وبالتالي لم أتمكن من العمل، بل كرست كامل وقتي للبقاء معهما.

سافرت بعدها الى ​رومانيا​، حيث عشت لمدة 16 سنة، وكنت حينها أهتم بواجباتي العائلية والمنزلية فقط.

ولكن منذ أن كنت صغيرة، وخلال الفترة التي قضيتها مع عائلتي في ​باريس​، اهتميت بكل ما له علاقة بالطعام، كما طبقت في المطبخ كل ما رأيته على ​شاشات​ التلفاز؛ وكنت سعيدة جدا بهذه النشاطات.

وخلال فترة الحرب في ​لبنان​، كان والدي يطلب مني الدخول الى المطبخ من أجل خبز قوالب الحلوى من أجل صرف انتباهي.

وبسبب رومانيا والحرب، تعلمت أن أقوم بكل شيء من الصفر. ووالدي يعمل في مجال الفنون، وبالتالي شجعني على الرسم. ومن هنا بدأت بمتابعة دورات في فن الرسم.

وعدت بعد ذلك الى لبنان، وكنت حينها لا أمتلك أي فكرة حول ما سأقوم به في المستقبل. فقررت الحصول على دورات تعليمية عبر الانترنت في مجال استشارات الألوان (color consultancy). فقبل هذه المرحلة، وخلال رسم اللوحات، لم أكن أفهم أحيانا سبب عدم تناسق الألوان مع   بعضها البعض، وبالتالي أردت فهم أسرار هذه الألوان، ومن أصبحت مستشارة في الألوان (color consultant).

ولم أستخدم هذه الشهادة من أجل العمل في مجال الهندسة الداخلية، بل ساعدت نفسي وأصدقائي على اختيار ألوان الجدران والصالونات وغيرها من الأمور المنزلية.

بعد ذلك، سافر أولادي لمتابعة دراستهم في الخارج، وعندما رأيت نفسي أعيش في هذا الفراغ، ولم أجد من أحضر له الطعام، شعرت بحزن كبير. وذات يوم، قررت بالصدفة تحضير ساندويتش وتصوريه ونشرته عبر صفحتي الخاصة على موقع "​انستغرام​". وبعد حوالي أسبوع، قررت متابعة دورات في تصوير الطعام (food photography)، فاشتريت ​كاميرا​ وسافرت الى ​ايطاليا​ حيث صادفت معلمة تعطي دروسا حول تصوير وتصميم الطعام.

وعند عودة أولادي الى لبنان، فرحوا كثيرا بما أقوم به، لأنه علموا مدى شغفي بالطبخ والفنون والتصوير، وبالتالي دمجت كل تلك المجالات مع بعضها البعض وكأنها مقدرة أن تكون لي.

فبمجرد أن يضع الانسان خطة ما في رأسه، سيسعى بكل جهده لتحقيقها، ولن يقف أي شيء في طريقه، لأن الشغف أقوى من العوائق.

في أي عام قررت تأسيس "The Kitchen Babe" رسميا؟ وهل تنال صفحتك إقبالا وتفاعلا من الناس؟

أسست "The Kitchen Babe" منذ حوالي ثلاث سنوات، أي عام 2015، ومنذ ذلك الوقت، ألاقي تفاعلا واسعا من المتابعين، خاصة في الـ"stories". اذ أسعى دائما الى الإضاءة على ما يحصل خلف الكواليس وخلف ​الصور​ المنشورة - أي في المطبخ الحقيقي لكل سيدة - كما أصوّر كل وصفة من الألف الى الياء.

فقد أردت إثبات أن المطبخ هو مكان جميل في المنزل، ولا يجب أن يخاف أحد من الدخول اليه، كما بإمكان المرأة أن تمارس مهماتها في المطبخ بطريقة عصرية؛ فأنا أحب الطبخ والقراءة واستقبال الأصدقاء في المطبخ، لأنه المكان الذي يحصل فيه التبادل مع كل العائلة.

ما هو "The Kitchen Babe"؟

"The Kitchen Babe" هي ببساطة مدونة الكترونية متخصصة بالقصص المتعلقة بالطعام في مطبخي الخاص وفي مختلف المناطق اللبنانية أيضا.

برأيك، لماذا نجحت في هذا المجال و​نلت​ محبة الناس حتى أصبحوا يتابعون بانتظام صفحاتك عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟

أنا لست طاهية محترفة، لكنني أسعى الى نقل رؤيتي عن الطعام وطريقتي في عرض المأكولات الى الناس.

فخلال فترة قصيرة، أصبحت "food styler"، وبدأت بتقديم الخدمات المتعلقة بإعداد الطعام وتزيينه للشركات، لكي تصور أطباقها؛ فالانسان يأكل بعينيه أولا، ومن ثم في فمه.

والجدير ذكره، أن الناس يحبون طريقتي البسيطة والعفوية في عرض المأكولات، كما يتعلمون مني التقنيات المختلفة. كما هناك بعض الأشخاص الذين طلبوا زيارتي في المنزل من أجل مشاهدتي أثناء الطبخ، كما أرادوا الحصول على الدورات التدريبية.

وفي بعض الأحيان، أستقبل عددا من الأشخاص من أجل التعرف اليهم شخصيا، وأقدم لهم النصائح المجانية حول الوصفات وألوان المطبخ وغيرها من الأمور؛ وأنا أشعر بفرح عارم بسبب قدرتي على مساعدة الناس.

ولا بد من الاشارة الى أنني لا أقبل التعاون مع أي شركة أو علامة تجارية، إلا اذا كنت أستخدمها في منزلي، وذلك من أجل الحفاظ على مصداقيتي مع المتابعين.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

قد أنشر كتابا في المستقبل، بسبب قدرتي على اختراع الوصفات، والتقاط الصور، وكتابة المحتوى.

كما أفكر في استقبال بعض الأشخاص في منزلي الخاص، حوالي مرتين في الشهر، من أجل تعليمهم طريقتي بالطبخ.

عندما قررت الانطلاق بهذا العمل، هل تلقيت الدعم من محيطك؟

نعم بالطبع، فقد وجدت نفسي منخرطة في هذا المجال، لأنني أحب التواصل مع الناس، واكتشاف تفاعلاتهم، كما أشعر بالفخر عندما أرى أشخاصا يسعون الى تطبيق ما أقوم به؛ وهذا ما يشجعني على الاستمرار.

كيف تواجهين المنافسة الواسعة الموجودة اليوم في هذا المجال؟

أعتقد أن كل واحد منا يتمتع بأسلوبه الخاص، فالطعام نسبي وكل إنسان يرى الأمور من وجهة نظره الفريدة.

في لبنان، لدي أصدقاء من "المنافسين"، اذا صح التعبير، ونحن معا نجتمع دائما من أجل التعاون وتبادل الخبرات. وبالتالي أعتقد أن عامل المنافسة غير موجود في مجال عملنا.

فعندما يطهو الانسان، يضع قلبه وعاطفته في طبقه، وبالتالي ليس من المفترض أن يتعرض الى ضغوط المنافسة من هذه الناحية.

ما هي النصيحة التي تودين إيصالها الى ​المرأة اللبنانية​، خاصة وأن مسيرتك المهنية انطلقت في مرحلة عمرية متقدمة؟

أنصح المرأة أن تؤمن بنفسها، فكل واحدة منا ستجد في مرحلة   معينة من حياتها، النشاط الذي تحب القيام به وتشعر بالشغف تجاهه.

يجب أن تحقق المرأة أهدافها وطموحاتها وأحلامها لكي تشعر بدورها المهم والفاعل في المجتمع.

ولا بد من الاشارة الى أن الأم اعتادت على العطاء، وبالتالي مهما فعلت، سيكون هذا العطاء حليفها.