بدأ هذا الأسبوع العمل بموجب آخر المنتجات ال​مصر​فية وهو برنامج اطلق عليه اسم "الوديعة المجمدة" ب​​الليرة اللبنانية​​ لزبائن المصرف، وذلك لتشجيع العملة الوطنية. وهذه الوديعة يعطى لصاحبها فوائد مرتفعة شرط عند تحويلها من ​الدولار​ في داخل المصرف. 

وحددت معدلات الفوائد على الوديعة بـ16% لخمس سنوات، 13% لثلاث سنوات، 12.5% لسنتين و11.5% لسنة واحدة و11% لستة اشهر. وحدد البرنامج القيمة المطلوب تجميدها للاستفادة من هذا البرنامج بـ20 الف دولار شرط ان تحول الى الليرة اللبنانية في داخل المصرف.

وبالرغم من أن هذا المنتج والمنتجات الأخرى الشبيهة به تهدف إلى دعم العملة اللبنانية والى زيادة موجودات ​المصارف​ من ​​العملات​ الاجنبية​، إلا أن البعض يخشى من نتائج عكسية لسياسات المصارف الجديدة.

ومن جهةٍ ثانية، مازالت عملية تأليف الحكومة جارية منذ شهر أيار الماضي دون أي مراعاة للظروف الإقتصادية والإجتماعية للمواطن اللبناني، بالإضافة الى إقرار رسم ضريبي جديد على كل شخص لديه رقم ​مالي​ لقاء ممارسة أحد النشاطات الصناعية أو التجارية أو المهنية بصرف النظر عن حجم أرباحة أو خسائره.

ولمعرفة المزيد عن هذه المواضيع وعدد من المواضيع الأخرى، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع كبير الاقتصاديين ومدير البحوث والتحاليل الاقتصادية في "​بنك بيبلوس​" ​نسيب غبريل​:

- ما هو حجم خسائر ​الإقتصاد اللبناني​ بسبب تأخر تشكيل الحكومة، وهل ترى خيراً في الحكومة التي ستتألف من السلطة نفسها؟

لا يمكن تحديد الخسارة بالأرقام، هناك فرص ضائعة وخسائر إقتصادية تتراكم منذ العام 2011. وفقاً لتقديراتنا، الخسائر الإقتصادية هذه نتيجة تراجع نمو الحركة الإقتصادية. بين العام 2001 و2010، كان معدل نسبة النمو 5.5% سنوياً وتراجع بين العام 2011 والعام 2017 إلى 1.5-1.6% سنوياً. هذا التراجع أدّى الى فرص ضائعة يصل حجمها إلى 20 مليار دولار، أي بدل أن يكون حجم الإقتصاد 54 مليار دولار في نهاية 2017 كان من المفترض ان يكون 75 مليار.

بالنسبة للأشهر الثلاث الماضية، نحن اليوم لدينا فرصة مؤتمر "سيدر" الذي حرصت على نجاحه العديد من الدول وتم جمع 11 مليار دولار لتمويل إعادة تأهيل البنية التجتية. هذه الدول لديها توقعات مرتفعة للبنان، من حيث تطبيق الإصلاحات البنيوية والهيكلية والقطاعية التي وعد بها ليتمكن من الإستفادة من هذه الأموال. وبالتالي، فإن تأخر تشكيل الحكومة هو تأخر وضع ​خارطة طريق​ للأولويات الإصلاحية ومن ثم البدء بتطبيقها والإستفادة من القروض الميسّرة التي تمّ جمعها.

- يحكى عن تخوف من أسباب رفع الفائدة على الأموال المجمّدة بالليرة اللبنانية، هل لك أن توضح لنا أسباب رفع الفائدة؟

بكل بساطة، رفع أسعار الفائدة جاء لسببين: أولاً، العجز المستدام بالموازنة العامة والذي ارتفع في العام 2017 نتيجة إقرار سلسلة الرتب والرواتب وعدم مكافحة التهرب الضريبي وتفعيل الجباية، في الوقت الذي تعتمد فيه الدولة على الجهاز المصرفي بشقيه، ​مصرف لبنان​ و​المصارف التجارية​. ثانياً، ارتفاع وتيرة المنافسة الإقليمية على ​السيولة​ بالعملات الأجنبية، فعندما ارتفعت الفائدة في ​الولايات المتحدة​ ارتفعت الفوائد في ​دول الخليج​ وذلك لأن عملاتهم تماماً كما الليرة اللبنانية مرتبطة بالدولار الأميركي. كما أن مصر تنافس أيضاً على السيولة بالعملات الأجنبية.

والجدير بالذكر أيضاً أن ما شهدناه في النصف الثاني من العام الحالي المتعلق بارتفاع الفائدة في الولايات المتحدة ودعم سعر صرف الدولار الأميركي مقابل العملات الأساسية الأخرى حول العالم، أدى لخروج الأموال الى الولايات المتحدة من الأسواق الناشئة كافةً، من ضمنها ​الشرق الأوسط​، الأمر الذي رفع المنافسة على السيولة بالعملات الأجنبية.

هذه العوامل كافّةً بالإضافة الى عدم وجود إرادة سياسية لتخفيض حاجات الدولة للإستدانة والتقصير في مكافحة الهدر والتطورات في المنطقة، أدّت الى ارتفاع "طفيف" برأيي لأسعار الفائدة. كما لا يمكن أن ننسى المنافسة المحلية على الدولار.

- ما هي تداعيات الرسم الضريبي ص 10، على المؤسسات الصغيرة وخاصةً في ظل الأوضاع الإقتصادية التي نعيشها؟

نحن في وقت غير مناسب بتاتاً لفرض ضريبة جديدة على الإقتصاد اللبناني و​القطاع الخاص​ الذي يرزح تحت أعباء تشغيلية مرتفعة، آخرها كان ضرائب على الإستهلاك والدخل والأرباح العام الماضي. الضرائب الأخيرة أدّت الى تباطؤ الإقتصاد وارتفاع الكلفة التشغيلية على كاهل ​الشركات الصغيرة​، المتوسطة والكبيرة بدلاً من منحها الحوافز لإعادة العمل بمشاريع توقفت، ضخ استثمارات جديدة وتوسيع أعمال أخرى.