هل بدأ العد العكسي فعلياً لتركيب العدادات لدى المشتركين بالمولدات الخاصة لمراقبة التسعيرة التوجيهية؟

الموعد المنتظر للاستحقاق هو اول ​تشرين الاول​ ، اي هناك فترة اسبوعين فقط امام اصحاب المولدات لتنفيذ توصية وزارة الاقتصاد تحت طائلة مصادرة المولدات .

في المبدأ ، الامور لن تكون على ما يرام مع التهديدات التي تلوّح بها وزارة الاقتصاد ، اذ انه على الارض ثمة ضغوطات تمارس على هذه الوزارة من قبل اصحاب المولدات الذين يتوزعون بين عدة كارتلات محسوبة على جهات سياسية .

والخوف يتوسط التهديدات والضغوطات معاً بان يبقى المواطن اللبناني فريسة اهمال الدولة وجشع اصحاب المولدات ، فلا يحصل على ادنى حقوقه من الخدمات ، وخصوصا ​الكهرباء​ كما  هو مفروض فيما ان الهيمنة هي لصالح فرض فواتير اشتراك مولدات بصورة عشوائية قد تكون بمثابة خّوات.

كل المعطيات المتوافرة حتى تاريخه، تلحظ ان اصحاب المولدات غير راضين بضرورة تركيب العدادات بالمطلق،  وبالتالي بالمهلة المعطاة . وهم على قناعة بانه سيتم تمديدها الى أجل غير مسمى ، لانه وفق اعتباراتهم ما من اتفاق حول ​آلية​ التسعير ، والرهان الاكبر عندهم يتعلق برحيل هذه الحكومة ، والإفادة من الوقت الضائع بين استحالة  التأليف والتسليم ، وبالتالي، فإن الحجج الواهية كثيرة خصوصا ان ان الدولة بارعة في اطلاق الوعود الطنانة والتطمينات الرنانة برفع ساعات التغذية وبنشر البواخر في البحر وضخ الزيادة في الكلفة ، ​علم​ا ان مؤشرات الواقع تسجل ان شبكة الكهرباء انتاجاً ونقلاً وتوزيعاً هي في اسوأ احوالها.

فالصفقات المدبرة لاستقدام البواخر التركية بحجة رفع كمية الانتاج لا يصاحبها وجود شبكة نقل وتوزيع مؤهلة لاستيعاب اي قدرة انتاجية جديدة.  واذا كان من المعيب عدم معرفة المسؤولين لهذا الوضع فهو من العار بحد ذاته في حال ادراكهم لهذه المنظومة الكهربائية وهم يتجاهلونها.

بالامس، شن وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال رائد خوري حملة على اصحاب المولدات  فدعاهم الى الالتزام وتركيب العدادات ، وبعدها تتم مناقشة التعرفة في حال لُمس الغبن بحقهم ، الا انهم  يحاولون قذف الحجج وهم يتمادون في اصدار فواتير خيالية مقابل عجز دوائر حماية ​المستهلك​ في وزارة الاقتصاد عن لجم تضخمها ، مما حمل البعض الى اخذ هذا الموضوع الى خانة المزح والتسلية بالقول "ان فاتورة اشتراك مولد خاص هي أعلى من سعر تذكرة سفر الى ​قبرص​ لتمضية فترة استراحة ونقاهة."

انها الحقيقة المرة وليست النكتة المضحكة  ، لان اصحاب المولدات شطحوا اشواطاً في احتساب الفواتير وهم يحققون  الارباح الخيالية ويتربعون على عرش الهدر مع الشا هدين والصامتين عن ادائهم  لعدة اسباب اهمها وفق مصادر عليمة بشؤون ​الطاقة​:

انهم يستهلكون شبكة وممتلكات ​كهرباء لبنان​  لتوزيع انتاجهم ومد خطوطهم بطريقة غير شرعية. وهذه ​مخالفة​ وتعد ، وليست من لزوم الضرورة ابداً.

انهم لا يعتمدون على اي معادلة حسابية علمية في وضع الفواتير؛ فليس لعامل الاستثمار او الاستعمال Coefficient d'utilisation  اي اعتبار في قاعدة الربح عندهم .اي انهم يفوترون على المشترك ساعات وفترات لا يستفيد خلالها من الموّلد لاسباب مختلفة ( غياب عن المنزل ، عدم استهلاك كامل "الامبيراج"...) علما ان المشترك  لا يمكنه استعمال كامل قوة "الامبيراج " لعدم قدرة القواطع على سحب كامل الكمية التي يشتريها.

في ملخص الاحوال ، يبقى في ذمة اصحاب المولدات الخاصة الكثير لصالح المشتركين الذين يدفعون فاتورتي كهرباء ، وهم يعيشون في دوامة الوعود المتتالية مع بداية كل فصل.

برزت  المولدات بغياب الدولة وتقصيرها المقصود ،من واقع الحاجة لها، و إنتاجها يعادل 1500 ميغاواط ، وهي توّفر ​التيار الكهربائي​، كقطاع بديل، إلى جانب كهرباء الدولة، 24 ساعة، وهذا مغزاه انها ضرورة ، واصحاب المولدات يستندون إليها كما إلى رأسمالهم الإنتاجي لفرض شروطهم.

وبالتأكيد  فانهم سيحاربون من اجل الحفاظ على مكتسباتهم، كونهم ينتجون ما قيمته 1.5 مليار دولار من الكهرباء، ويبيعونها بأرقام وأرباح لا أحد يعرفها سواهم، خصوصا ً أن الدولة تقول إن تكلفة إنتاج الميغاواط الواحد تبلغ مليون دولار، وهم ينتجون 1500 ميغاواط.

بلاغ الاقتصاد

الجدير ذكره ، انه في 12 تموز الفائت ، أصدر الوزير خوري، بلاغاً (رقم 4/1/ أ.ت) يقضي بـ"إلزامية تركيب عدادات لدى المشتركين بالمولدات ومراقبة التسعيرة التوجيهية لمولدات الكهرباء الخاصة".

وذكر خوري في البلاغ أنه «عطفاً على قرارَي وزارة الاقتصاد والتجارة رقم 135/1/أ.ت بتاريخ 28 تموز 2017 ورقم 100/1/أ.ت بتاريخ 6 حزيران 2018، المتعلّقَيْن بآلية تصريح أصحاب ​المولدات الكهربائية​ الخاصة لدى وزارة الاقتصاد والتجارة، تدعو وزارة الاقتصاد والتجارة جميع أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة إلى تأمين عدّادات إلكتروميكانيكية (كيلواط/ساعة)، خالية من أي عيوب ومطابقة للمواصفات المعتمدة من قبل شركة كهرباء لبنان». كما يلزم البلاغ أصحاب المولّدات البدء بتركيب العدّادات عند جميع المشتركين، مع الإشارة إلى أن «المهلة الأخيرة للانتهاء من تركيب العدادات لدى جميع المشتركين هي آخر أيلول 2018.

وفي هذا الإطار، دعت وزارة الاقتصاد جميع المشتركين لدى المولدات الكهربائية الخاصة إلى «التعاون التام مع أصحاب المولدات وتأمين العدادات خاصتهم في حال ارتأوا ذلك، وكذلك تأمين مكان مخصص لتركيب العدادات في الأقسام المشتركة للمبنى، حيث يمكن لصاحب المولد أن يصل إليه في أي وقت». ويشترط البلاغ أن يودع العداد داخل علبة شفافة مقفلة بقفلين يمتلك كل من المشترك (أو من ينوب عنه) وصاحب المولد مفتاحاً لأحدهما، مع الإشارة إلى أن كلفة تركيب العداد تقع على عاتق صاحب المولد. 

كذلك، دعت الوزارة في بلاغها الرسمي جميع المشتركين إلى طلب فاتورة شهرية من صاحب المولد توضح بشكلٍ صريح المبلغ الذي دفعه، وكمية الكيلواط التي صرفها خلال الشهر والاحتفاظ بها لفترة من الزمن. وعلى المنوال نفسه، دعت أصحاب المولدات إلى «التقيد حصراً بتسعيرة الكيلواط/ساعة التي تصدر عن وزارة الطاقة و​المياه​ بشكلٍ شهري»، والتي يمكن الاطلاع عليها عبر وسائل الإعلام أو على الموقع الالكتروني لوزارة الطاقة والمياه. مع الإشارة إلى أن هذه التسعيرة ستتضمن فقط سعر الكيلواط ساعة اعتباراً من الأول من تشرين الأول المقبل. 

وفي ما يتعلق باحتمالات تنصّل أصحاب المولدات من مهامهم، تطالب الوزارة «جميع المواطنين بالتبليغ عن أي صاحب مولد لم يتقيد بمضمون هذا البلاغ عبر الاتصال على الخط الساخن 1739 أو عبر التطبيق الالكتروني Consumer Protection Lebanon». وأكدت أيضاً أن «مديرية حماية المستهلك سوف تتشدد بمراقبة مدى التزام أصحاب المولدات بتركيب عدادات لدى المشتركين، كما ستتأكد من التزام صاحب المولد بالتسعيرة الصادرة عن وزارة الطاقة، على أن يصار إلى تسطير محاضر بحق جميع المخالفين وإحالتها على القضاء المختص ومتابعتها مع وزارة العدل من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.

يذكر أن بلاغ الوزارة أتى بعد أيام قليلة على توجيه خوري كتاباً إلى وزارة الداخلية طلب فيه التعميم على البلديات الالتزام بتسعيرات المولدات المحددة من قبل وزارة الطاقة.

اما بعد كل هذه التعاميم فثمة  كلام آخر في تشرين والمواجهة اكثر من الرضوخ في علم اليقين.